responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الفتاوى الكبرى نویسنده : ابن تيمية    جلد : 4  صفحه : 208
فَإِنَّ الشَّهَادَةَ لَا تَثْبُتُ فِي الذِّمَّةِ، وَلَا يَصِحُّ التَّوَكُّلُ فِيهَا حَتَّى يَكُونَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ مُتَصَرِّفًا لِنَفْسِهِ بِحُكْمِ الْمِلْكِ، وَلِشَرِيكِهِ بِحُكْمِ الْوَكَالَةِ، وَالْعِوَضُ فِي الشَّهَادَةِ مِنْ بَابِ الْجَعَالَةِ، لَا مِنْ بَابِ الْإِجَارَةِ اللَّازِمَةِ فَإِنَّمَا هِيَ اشْتِرَاكٌ فِي الْعَقْدِ، لَا عَقْدُ الشَّرِكَةِ بِمَنْزِلَةِ مَنْ يَقُولُ الْجَمَاعَة: ابْنُوا لِي هَذَا الْحَائِطَ وَلَكُمْ عَشَرَةٌ، أَوْ إنْ بَنَيْتُمُوهُ فَلَكُمْ عَشْرَةٌ، أَوْ إنْ خِطْتُمْ هَذَا الثَّوْبَ فَلَكُمْ عَشَرَةٌ، أَوْ إنْ رَدَدْتُمْ عَبْدِي الْآبِقَ فَلَكُمْ عَشَرَةٌ.
وَإِنْ لَمْ يُقَدَّرْ الْجُعْلُ، وَقَدْ عَلِمَ أَنَّهُمْ يَعْمَلُونَ بِالْجُعْلِ مِثْلَ: حَمَّالِينَ يَحْمِلُونَ مَالَ تَاجِرٍ مُتَعَاوِنِينَ عَلَى ذَلِكَ، فَهُمْ يَسْتَحِقُّونَ جُعْلَ مِثْلِهِمْ عِنْدَ جُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ أَبِي حَنِيفَةَ، وَمَالِكٍ، وَأَحْمَدَ، وَغَيْرِهِمْ، كَمَا يَسْتَحِقُّهُ الطَّبَّاخُ الَّذِي يَطْبُخُ بِالْأُجْرَةِ، وَالْخَبَّازُ الَّذِي يَخْبِزُ بِالْأُجْرَةِ، وَالنَّسَّاجُ الَّذِي يَنْسِجُ بِالْأُجْرَةِ، وَالْقَصَّارُ الَّذِي يُقَصِّرُ بِالْأُجْرَةِ، وَصَاحِبُ الْحَمَّامِ وَالسَّفِينَةِ، وَالْعُرْفُ الَّذِي جَرَتْ عَادَتُهُ بِأَنْ يَسْتَوْفِيَ مَنْفَعَتَهُ بِالْأَجْرِ، فَهَؤُلَاءِ يَسْتَحِقُّونَ عِوَضَ الْمِثْلِ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ.
فَكَذَلِكَ إذَا اسْتَعْمَلَ جَمَاعَةً مِنْ أَنْ يَشْهَدُوا عَلَيْهِ وَيَكْتُبُوا خُطُوطَهُمْ بِالشَّهَادَةِ، يَسْتَحِقُّونَ الْجُعْلَ، فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ اسْتِعْمَالِهِ إيَّاهُمْ فِي نَحْوِ ذَلِكَ مِنْ الْأَعْمَالِ، إذَا قِيلَ إنَّهُمْ يَسْتَحِقُّونَ الْجُعْلَ فَيَسْتَحِقُّونَ جُعْلَ مِثْلِهِمْ عَلَى قَدْرِ أَعْمَالِهِمْ، فَإِنْ كَانَتْ أَعْمَالُهُمْ وَمَنَافِعُهُمْ مُتَسَاوِيَةً اسْتَحَقُّوا الْجُعْلَ بِالسَّوَاءِ.
وَالصَّوَابُ أَنَّ هَذَا الَّذِي قَالَهُ هَذَا الْقَائِلُ صَحِيحٌ إذَا لَمْ يَتَقَدَّمْ مِنْهُمْ شَرِكَةٌ، فَأَمَّا إذَا اشْتَرَكُوا فِيمَا يَكْتَسِبُونَهُ بِالشَّهَادَةِ فَهُوَ كَاشْتِرَاكِهِمْ فِيمَا يَكْتَسِبُونَهُ بِسَائِرِ الْجَعَالَاتِ وَالْإِجَارَاتِ.
ثُمَّ الْجُعْلُ فِي الشَّهَادَةِ قَدْ يَكُونُ عَلَى عَمَلٍ فِي الذِّمَّةِ، وَلِلشَّاهِدِ أَنْ يُقِيمَ مَقَامَهُ مَنْ يَشْهَدُ لِلْجَاعِلِ، فَهُنَا تَكُونُ شَرِكَةً صَحِيحَةً عِنْدَ كُلِّ مَنْ يَقُولُ بِشَرِكَةِ الْأَبْدَانِ، وَهُمْ الْجُمْهُورُ أَبُو حَنِيفَةَ، وَمَالِكٌ، وَأَحْمَدُ، وَغَيْرُهُمْ، وَهُوَ الصَّحِيحُ الَّذِي يَدُلُّ عَلَيْهِ الْكِتَابُ، وَالسُّنَّةُ، وَالِاعْتِبَارُ، إلَّا أَنْ يَكُونَ الْجُعْلُ عَلَى أَنْ يَشْهَدَ الشَّاهِدُ بِعَيْنِهِ فَيَكُونُ فِيهَا الْقَوْلَانِ الْمُتَقَدِّمَانِ، وَالصَّحِيحُ أَيْضًا جَوَازُ الِاشْتِرَاكِ فِي ذَلِكَ كَمَا هُوَ قَوْلُ مَالِكٍ فِي أَصَحِّ الْقَوْلَيْنِ، لَكِنْ لَيْسَ لِأَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ أَنْ يَدَعَ الْعَمَلَ وَيَطْلُبَ مُقَاسَمَةَ الْآخَرِ، بَلْ عَلَيْهِ أَنْ يَعْمَلَ مَا أَوْجَبَهُ الْعَقْدُ لَفْظًا أَوْ عُرْفًا.

نام کتاب : الفتاوى الكبرى نویسنده : ابن تيمية    جلد : 4  صفحه : 208
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست