responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الفتاوى الكبرى نویسنده : ابن تيمية    جلد : 4  صفحه : 203
وَإِذَا هَذَى افْتَرَى، وَحَدُّ الْمُفْتَرِي ثَمَانُونَ، فَبَيَّنَ أَنَّ إقْدَامَهُ عَلَى السُّكْرِ الَّذِي هُوَ مَظِنَّةُ الِافْتِرَاءِ يُلْحِقُهُ بِالْمُقْدِمِ عَلَى الِافْتِرَاءِ، وَإِقَامَةٌ لِمَظِنَّةِ الْحِكْمَةِ مَقَامَ الْحَقِيقِيَّةِ؛ لِأَنَّ الْحِكْمَةَ هُنَا خَفِيَّةٌ مُنْتَشِرَةٌ؛ لِأَنَّهُ قَدْ لَا يُعْلَمُ افْتِرَاؤُهُ، وَلَا مَتَى يَفْتَرِي، وَلَا عَلَى مَنْ يَفْتَرِي. كَمَا أَنَّ الْمُضْطَجِعَ يُحْدِثُ وَلَا يَدْرِي هَلْ أَحْدَثَ أَمْ لَا، فَقَامَ النَّوْمُ مَقَامَ الْحَدَثِ، فَهَذَا فِقْهٌ مَعْرُوفٌ، فَلَوْ كَانَتْ تَصَرُّفَاتُهُ مِنْ هَذَا الْجِنْسِ لَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ تَطْلُقَ امْرَأَتُهُ، سَوَاءٌ طَلَّقَ أَوْ لَمْ يُطَلِّقْ، كَمَا يُحَدُّ حَدَّ الْمُفْتَرِي، سَوَاءٌ افْتَرَى أَوْ لَمْ يَفْتَرِ، وَهَذَا لَا يَقُولُهُ أَحَدٌ.
الْمَأْخَذُ الثَّانِي: أَنَّهُ لَا يُعْلَمُ زَوَالُ عَقْلِهِ إلَّا بِقَوْلِهِ، وَهُوَ فَاسِقٌ بِشُرْبِهِ، فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي عَدَمِ الْعَقْلِ وَالسُّكْرِ، وَحَقِيقَةُ هَذَا الْقَوْلِ أَنَّهُ لَا يَقَعُ الطَّلَاقُ فِي الْبَاطِنِ، وَلَكِنْ فِي الظَّاهِرِ لَا يُقْبَلُ دَعْوَى الْمُسْقِطِ. وَمَنْ قَالَ هَذَا قَدْ يُفَرِّقُ بَيْنَ مَا يَنْفَرِدُ بِهِ.
الْمَأْخَذُ الثَّالِثُ: وَهُوَ مَأْخَذُ الْأَئِمَّةِ مَنْصُوصًا عَنْهُمْ، الشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ أَنَّ حُكْمَ التَّكْلِيفِ جَارٍ عَلَيْهِ لَيْسَ كَالْمَجْنُونِ الْمَرْفُوعِ عَنْهُ الْقَلَمُ، وَلَا النَّائِمِ، وَذَلِكَ أَنَّ الْقَلَمَ مَرْفُوعٌ عَنْ الْمَجْنُونِ، وَالسَّكْرَانُ مُعَاقَبٌ كَمَا ذَكَرَهُ الصَّحَابَةُ، وَلَيْسَ مَأْخَذٌ أَجْوَدَ مِنْ هَذَا.
وَكَذَلِكَ قَالَ أَحْمَدُ مَا قِيلَ فِيهِ أَحْسَنُ مِنْ هَذَا، وَهَذَا ضَعِيفٌ أَيْضًا، فَإِنَّهُ إنْ أُرِيدَ أَنَّهُ وَقْتَ السُّكْرِ يُؤْمَرُ وَيُنْهَى، فَهَذَا بَاطِلٌ، فَإِنَّ مَنْ لَا عَقْلَ لَهُ وَلَا يَفْهَمُ الْخِطَابَ لَمْ يَدْرِ بِشَرْعٍ وَلَا غَيْرِهِ عَلَى أَنَّهُ يُؤْمَرُ وَيُنْهَى، بَلْ أَدِلَّةُ الشَّرْعِ وَالْعَقْلِ تَنْفِي أَنْ يُخَاطَبَ مِثْلُ هَذَا، وَإِنْ أُرِيدَ أَنَّهُ قَدْ يُؤَاخَذُ بِمَا يَفْعَلُهُ فِي سُكْرِهِ، فَهَذَا صَحِيحٌ فِي الْجُمْلَةِ، لَكِنَّ هَذَا؛ خُوطِبَ فِي صَحْوِهِ، بِأَنْ لَا يَشْرَبَ الْخَمْرَ الَّذِي يَقْتَضِي تِلْكَ الْجِنَايَاتِ، فَإِذَا فَعَلَ الْمَنْهِيَّ عَنْهُ لَمْ يَكُنْ مَعْذُورًا فِيمَا فَعَلَهُ مِنْ الْمُحَرَّمِ، كَمَا قُلْت فِي سُكْرِ الْأَحْوَالِ الْبَاطِنَةِ إذَا كَانَ سَبَبُ السُّكْرِ مَحْذُورًا لَمْ يَكُنْ السَّكْرَانُ مَعْذُورًا. هَذَا الَّذِي قُلْته قَدْ يَقْتَضِي أَنَّهُ فِي الْحُدُودِ كَالصَّاحِي، وَهَذَا قَرِيبٌ، وَأَنَا إنَّمَا تَكَلَّمْت عَلَى تَصَرُّفَاتِهِ صِحَّتِهَا وَفَسَادِهَا.
وَأَمَّا قَوْله تَعَالَى {لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى} [النساء: 43] فَهُوَ نَهْيٌ لَهُمْ أَنْ

نام کتاب : الفتاوى الكبرى نویسنده : ابن تيمية    جلد : 4  صفحه : 203
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست