responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الفتاوى الكبرى نویسنده : ابن تيمية    جلد : 4  صفحه : 145
الْحَمْدُ فَوْقَ مَا يُظَنُّ بِهِ، لَكِنْ لَمْ نُؤْمَرْ عِنْدَ التَّنَازُعِ إلَّا بِالرَّدِّ إلَى اللَّهِ وَإِلَى الرَّسُولِ.
وَقَدْ خَالَفَهُمْ مَنْ لَيْسَ دُونَهُمْ بَلْ مِثْلُهُمْ أَوْ فَوْقَهُمْ، فَإِنَّا قَدْ ذَكَرْنَا عَنْ أَعْيَانٍ مِنْ الصَّحَابَةِ كَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ الْمُجْمَعِ عَلَى إمَامَتِهِ وَفِقْهِهِ وَدِينِهِ وَأُخْتِهِ حَفْصَةِ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ وَزَيْنَبُ رَبِيبَةِ رَسُولِ اللَّهِ، وَهِيَ مِنْ أَمْثَلِ فَقِيهَاتِ الصَّحَابَةِ فِي الْإِفْتَاءِ بِالْكَفَّارَةِ فِي الْحَلِفِ بِالْعِتْقِ وَالطَّلَاقِ أَوْلَى مِنْهُ، وَذَكَرْنَا عَنْ طَاوُسٍ وَهُوَ مِنْ أَفَاضِلِ عُلَمَاءِ التَّابِعِينَ عِلْمًا وَفِقْهًا وَدِينًا أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ يَرَى الْيَمِينَ بِالطَّلَاقِ مُوقِعَةً لَهُ، فَإِذَا كَانَ مِنْ لُزُومِ الطَّلَاقِ عِنْدَ الْحِنْثِ فِي الْيَمِينِ بِهِ مُقْتَضِيًا لِهَذِهِ الْمَفَاسِدِ وَحَالُهُ فِي الشَّرِيعَةِ هَذِهِ الْحَالُ كَانَ هَذَا دَلِيلًا عَلَى أَنَّ مَا أَفْضَى إلَى هَذَا الْفَسَادِ لَمْ يَشْرَعْهُ اللَّهُ وَلَا رَسُولُهُ، كَمَا نَبَّهْنَا عَلَيْهِ فِي ضَمَانِ الْحَدَائِقِ لِمَنْ يَزْدَرِعُهَا وَيَسْتَثْمِرُهَا، وَبَيْعِ الْخُضَرِ وَنَحْوِهَا وَذَلِكَ أَنَّ الْحَالِفَ بِالطَّلَاقِ، إذَا حَلَفَ لَيَقْطَعَنَّ رَحِمَهُ، وَلَيَعُقَّنَّ أَبَاهُ، وَلَيَقْتُلَنَّ عَدُوَّهُ الْمُسْلِمَ الْمَعْصُومَ، وَلَيَأْتِيَنَّ الْفَاحِشَةَ وَلَيَشْرَبَنَّ الْخَمْرَ، وَلَيُفَرِّقَنَّ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ، وَنَحْوَ ذَلِكَ مِنْ كَبَائِرِ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشِ.
فَهُوَ بَيْنَ ثَلَاثَةِ أُمُورٍ: إمَّا أَنْ يَفْعَلَ هَذَا الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ، فَهَذَا لَا يَقُولُهُ مُسْلِمٌ لِمَا فِيهِ مِنْ ضَرَرِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، مَعَ أَنَّ كَثِيرًا مِنْ النَّاسِ بَلْ وَالْمُفْتِينَ إذَا رَأَوْهُ قَدْ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ كَانَ ذَلِكَ سَبَبًا لِتَخْفِيفِ الْأَمْرِ عَلَيْهِ وَإِقَامَةِ عُذْرِهِ.
وَإِمَّا أَنْ يَحْتَالَ بِبَعْضِ تِلْكَ الْحِيَلِ الْمَذْكُورَةِ كَمَا اسْتَخْرَجَهُ قَوْمٌ مِنْ الْمُفْتِينَ، فَفِي ذَلِكَ مِنْ الِاسْتِهْزَاءِ بِآيَاتِ اللَّهِ وَمُخَادَعَتِهِ وَالْمَكْرِ فِي دِينِهِ وَالْكَيْدِ لَهُ، وَضَعْفِ الْعَقْلِ وَالدِّينِ وَالِاعْتِدَاءِ لِحُدُودِهِ وَالِانْتِهَاكِ لِمَحَارِمِهِ وَالْإِلْحَادِ فِي آيَاتِهِ مَا لَا خَفَاءَ بِهِ، وَإِنْ كَانَ فِي إخْوَانِنَا الْفُقَهَاءِ مَنْ قَدْ يَسْتَجِيزُ بَعْضَ ذَلِكَ، فَقَدْ دَخَلَ مِنْ الْغَلَطِ فِي ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ مَغْفُورًا لِصَاحِبِهِ الْمُجْتَهِدِ الْمَنْفِيِّ لِلَّهِ مَا فَسَادُهُ ظَاهِرٌ لِمَنْ تَأَمَّلَ حَقِيقَةَ الدِّينِ.
وَإِمَّا أَنْ لَا يَحْتَالَ وَلَا يَفْعَلَ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ بَلْ يُطَلِّقُ امْرَأَتَهُ كَمَا يَفْعَلُهُ مَنْ يَخْشَى اللَّهَ إذَا اعْتَقَدَ وُقُوعَ الطَّلَاقِ، فَفِي ذَلِكَ مِنْ الْفَسَادِ فِي الدِّينِ وَالدُّنْيَا مَا لَا يَأْذَنْ اللَّهُ بِهِ وَلَا رَسُولُهُ، أَمَّا فَسَادُ الدِّينِ فَإِنَّ الطَّلَاقَ مَنْهِيٌّ عَنْهُ مَعَ اسْتِقَامَةِ حَالِ الزَّوْجِ بِاتِّفَاقِ الْعُلَمَاءِ، حَتَّى قَالَ النَّبِيُّ «إنَّ الْمُخْتَلِعَاتِ وَالْمُنْتَزِعَاتِ هُنَّ مِنْ الْمُنَافِقَاتِ» .

نام کتاب : الفتاوى الكبرى نویسنده : ابن تيمية    جلد : 4  صفحه : 145
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست