responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الفتاوى الكبرى نویسنده : ابن تيمية    جلد : 4  صفحه : 141
عَلَى كَلَامٍ لِأَحَدٍ مِنْ الصَّحَابَةِ فِي الْحَلِفِ بِالطَّلَاقِ، وَإِنَّمَا الَّذِي بَلَغَنَا عَنْهُمْ الْجَوَابُ فِي الْحَلِفِ بِالْعِتْقِ كَمَا تَقَدَّمَ، ثُمَّ هَذِهِ الْبِدْعَةُ قَدْ شَاعَتْ فِي الْأُمَّةِ وَانْتَشَرَتْ انْتِشَارًا عَظِيمًا، ثُمَّ لَمَّا اعْتَقَدَ مَنْ اعْتَقَدَ أَنَّ الطَّلَاقَ يَقَعُ بِهَا لَا مَحَالَةَ، صَارَ فِي وُقُوعِ الطَّلَاقِ بِهَا مِنْ الْأَغْلَالِ عَلَى الْأُمَّةِ مَا هُوَ شَبِيهٌ بِالْأَغْلَالِ الَّتِي كَانَتْ عَلَى بَنِي إسْرَائِيلَ، وَنَشَأَ عَنْ ذَلِكَ خَمْسُ أَنْوَاعٍ مِنْ الْحِيَلِ وَالْمَفَاسِدِ فِي الْأَيْمَانِ، حَتَّى اتَّخَذُوا آيَاتِ اللَّهِ هُزُوًا وَذَلِكَ أَنَّهُمْ يَحْلِفُونَ بِالطَّلَاقِ عَلَى تَرْكِ أُمُورٍ لَا بُدَّ لَهُمْ مِنْ فِعْلِهَا إمَّا شَرْعًا وَإِمَّا طَبْعًا، وَعَلَى فِعْلِ أُمُورٍ لَا يَصْلُحُ فِعْلُهَا إمَّا شَرْعًا وَإِمَّا طَبْعًا، وَغَالِبُ مَا يَحْلِفُونَ بِذَلِكَ فِي حَالِ اللَّجَاجِ وَالْغَضَبِ، ثُمَّ فِرَاقُ الْأَهْلِ فِيهِ مِنْ الضَّرَرِ فِي الدِّينِ وَالدُّنْيَا مَا يَزِيدُ عَلَى كَثِيرٍ مِنْ أَغْلَالِ الْيَهُودِ،

وَقَدْ قِيلَ إنَّ اللَّهَ إنَّمَا حَرَّمَ الْمُطَلَّقَةَ ثَلَاثًا حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ لِئَلَّا يَتَسَارَعَ النَّاسُ إلَى الطَّلَاقِ لِمَا فِيهِ مِنْ الْمَفْسَدَةِ، فَإِذَا حَلَفُوا بِالطَّلَاقِ عَلَى الْأُمُورِ اللَّازِمَةِ أَوْ الْمَمْنُوعَةِ وَهُمْ مُحْتَاجُونَ إلَى تِلْكَ الْأُمُورِ أَوْ تَرْكِهَا مَعَ عَدَمِ فِرَاقِ الْأَهْلِ قَدَحَتْ الْأَفْكَارُ لَهُمْ أَنْوَاعًا مِنْ الْحِيَلِ أَرْبَعَةً أُخِذَتْ عَنْ الْكُوفِيِّينَ وَغَيْرِهِمْ.
الْحِيلَةُ الْأُولَى فِي الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ: فَيَتَأَوَّلُ لَهُمْ خِلَافٌ قَصَدُوهُ وَخِلَافُ مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ الْكَلَامُ فِي عُرْفِ النَّاسِ وَعَادَاتِهِمْ، وَهَذَا هُوَ الَّذِي وَصَفَهُ بَعْضُ الْمُتَكَلِّمِينَ فِي الْفِقْهِ وَيُسَمُّونَهُ بَابَ الْمُعَايَاةِ وَبَابَ الْحِيَلِ فِي الْأَيْمَانِ، وَأَكْثَرُهُ مِمَّا يُعْلَمُ بِالِاضْطِرَارِ مِنْ الدِّينِ أَنَّهُ لَا يَسُوغُ فِي الدِّينِ، وَلَا يَجُوزُ حَمْلُ كَلَامِ الْحَالِفِ عَلَيْهِ، وَلِهَذَا كَانَ الْأَئِمَّةُ كَأَحْمَدَ وَغَيْرِهِ يُشَدِّدُونَ النَّكِيرَ عَلَى مَنْ يَحْتَالُ فِي هَذِهِ الْأَيْمَانِ.
الْحِيلَةُ الثَّانِيَةُ: إذَا تَعَذَّرَ الِاحْتِيَالُ فِي الْكَلَامِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ احْتَالُوا لِلْفِعْلِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ، بِأَنْ يَأْمُرُوهُ بِمُخَالَفَةِ امْرَأَتِهِ لِيَفْعَلَ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ فِي زَمَنِ الْبَيْنُونَةِ، وَهَذِهِ الْحِيلَةُ أَحْدَثُ مِنْ الَّتِي قَبْلَهَا وَأَظُنُّهَا حَدَثَتْ فِي حُدُودِ الْمِائَةِ الثَّالِثَةِ، فَإِنَّ عَامَّةَ الْحِيَلِ إنَّمَا نَشَأَتْ عَنْ بَعْضِ أَهْلِ الْكُوفَةِ، وَحِيلَةُ الْخُلْعِ لَا تَمْشِي عَلَى أَصْلِهِمْ؛ لِأَنَّهُمْ يَقُولُونَ إذَا فَعَلَ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ فِي الْعِدَّةِ وَقَعَ بِهِ الطَّلَاقُ؛ لِأَنَّ الْمُعْتَدَّةَ مِنْ فُرْقَةٍ بَائِنَةٍ يَلْحَقُهَا الطَّلَاقُ عِنْدَهُمْ، فَيَحْتَاجُ الْمُحْتَالُ بِهَذِهِ الْحِيلَةِ أَنْ يَتَرَبَّصَ حَتَّى تَنْقَضِيَ الْعِدَّةُ، ثُمَّ يَفْعَلَ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ بَعْدَ انْقِضَائِهَا، وَهَذَا فِيهِ ضَرَرٌ عَلَيْهِ مِنْ جِهَةِ طُولِ الْمُدَّةِ، فَصَارَ يُفْتِي بِهَا بَعْضُ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ، وَرُبَّمَا رَكَنُوا مَعَهَا إلَى أَخْذِ قَوْلِهِ الْمُوَافِقِ لِأَشْهَرِ الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ أَحْمَدَ، مِنْ أَنَّ الْخُلْعَ فَسْخٌ وَلَيْسَ بِطَلَاقٍ فَيَصِيرُ الْحَالِفُ كُلَّمَا

نام کتاب : الفتاوى الكبرى نویسنده : ابن تيمية    جلد : 4  صفحه : 141
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست