responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الفتاوى الكبرى نویسنده : ابن تيمية    جلد : 4  صفحه : 130
لِأَنَّ هَذَا حُكْمُ ذَلِكَ الْفِعْلِ، فَلَا بُدَّ أَنْ يُطَابِقَ صُوَرَهُ؛ لِأَنَّ تَحْرِيمَ الْحَلَالِ هُوَ سَبَبُ قَوْلِهِ: {قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ} [التحريم: 2] .
وَسَبَبُ الْجَوَابِ إذَا كَانَ عَامًّا كَانَ الْجَوَابُ عَامًّا لِئَلَّا يَكُونَ جَوَابًا عَنْ الْبَعْضِ دُونَ الْبَعْضِ مَعَ قِيَامِ السَّبَبِ الْمُقْتَضِي لِلتَّعْمِيمِ، وَهَذَا التَّقْدِيرُ فِي قَوْلِهِ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ} [المائدة: 87] إلَى قَوْلِهِ: {ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ} [المائدة: 89] وَأَيْضًا فَإِنَّ الصَّحَابَةَ فَهِمَتْ الْعُمُومَ، وَكَذَلِكَ الْعُلَمَاءُ عَامَّتُهُمْ حَمَلُوا الْآيَةَ عَلَى الْيَمِينِ بِاَللَّهِ وَغَيْرِهَا، وَأَيْضًا فَنَقُولُ عَلَى الرَّأْسِ سَلَّمْنَا أَنَّ الْيَمِينَ الْمَذْكُورَةَ فِي الْآيَةِ الْمُرَادُ بِهَا الْيَمِينُ بِاَللَّهِ تَعَالَى، وَأَنَّ مَا سِوَى الْيَمِينِ بِاَللَّهِ تَعَالَى لَا يَلْزَمُ بِهَا حُكْمٌ،

فَمَعْلُومٌ أَنَّ مَنْ حَلَفَ بِصِفَاتِهِ كَالْحَلِفِ بِهِ، كَمَا لَوْ قَالَ: وَعِزَّةِ اللَّهِ تَعَالَى، أَوْ لَعَمْرُ اللَّهِ، أَوْ وَالْقُرْآنِ الْعَظِيمِ، فَإِنَّهُ قَدْ ثَبَتَ جَوَازُ الْحَلِفِ بِالصِّفَاتِ وَنَحْوِهَا عَنْ النَّبِيِّ وَالصَّحَابَةِ، وَلِأَنَّ الْحَلِفَ بِصِفَاتِهِ كَالِاسْتِعَاذَةِ بِهَا، وَإِنْ كَانَتْ الِاسْتِعَاذَةُ لَا تَكُونُ إلَّا بِاَللَّهِ، فِي مِثْلِ قَوْلِ النَّبِيِّ: «أَعُوذُ بِوَجْهِك» ، وَ «أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللَّهِ التَّامَّاتِ» ، وَ «أَعُوذُ بِرِضَاك مِنْ سَخَطِك» وَنَحْوِ ذَلِكَ، وَهَذَا أَمْرٌ مُتَقَرِّرٌ عِنْدَ الْعُلَمَاءِ، وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَالْحَلِفُ بِالنَّذْرِ وَالطَّلَاقِ وَنَحْوِهِمَا هُوَ الْحَلِفُ بِصِفَاتِ اللَّهِ.
فَإِنَّهُ إذَا قَالَ إنْ فَعَلْت كَذَا فَعَلَيَّ الْحَجُّ فَقَدْ حَلَفَ بِإِيجَابِ الْحَجِّ عَلَيْهِ، وَإِيجَابُ الْحَجِّ عَلَيْهِ حُكْمٌ مِنْ أَحْكَامِ اللَّهِ تَعَالَى وَهُوَ مِنْ صِفَاتِهِ، وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ: فَعَلَيَّ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ وَإِذْ قَالَ: فَامْرَأَتِي طَالِقٌ، وَعَبْدِي حُرٌّ، فَقَدْ حَلَفَ بِإِزَالَةِ مِلْكِهِ الَّذِي هُوَ تَحْرِيمُهُ عَلَيْهِ، وَالتَّحْرِيمُ مِنْ صِفَاتِ اللَّهِ، كَمَا أَنَّ الْإِيجَابَ مِنْ صِفَاتِ اللَّهِ تَعَالَى، وَقَدْ جَعَلَ اللَّهُ ذَلِكَ مِنْ آيَاتِهِ فِي قَوْلِهِ: {وَلا تَتَّخِذُوا آيَاتِ اللَّهِ هُزُوًا} [البقرة: 231] . فَجَعَلَ صُدُورَهُ فِي النِّكَاحِ وَالطَّلَاقِ وَالْخُلْعِ مِنْ آيَاتِهِ، لَكِنَّهُ إذَا حَلَفَ بِالْإِيجَابِ وَالتَّحْرِيمِ فَقَدْ عَقَدَ الْيَمِينَ لِلَّهِ كَمَا يَعْقِدُ النَّذْرَ لِلَّهِ، فَإِنَّ قَوْلَهُ عَلَيَّ الْحَجُّ وَالصَّوْمُ عَقْدٌ لِلَّهِ، وَلَكِنْ إذَا كَانَ حَالِفًا فَهُوَ لَمْ يَقْصِدْ الْعَقْدَ لِلَّهِ بَلْ قَصَدَ الْحَلِفَ بِهِ، فَإِذَا حَنِثَ وَلَمْ يُوفِ بِهِ فَقَدْ تَرَكَ مَا عَقَدَ لِلَّهِ، كَمَا أَنَّهُ إذَا فَعَلَ الْمَحْلُوفَ فَقَدْ تَرَكَ مَا عَقَدَهُ بِاَللَّهِ.

نام کتاب : الفتاوى الكبرى نویسنده : ابن تيمية    جلد : 4  صفحه : 130
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست