responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الفتاوى الكبرى نویسنده : ابن تيمية    جلد : 4  صفحه : 126
حُرُوفَ الصِّفَاتِ؛ لِأَنَّ الْجَارَّ وَالْمَجْرُورَ يَصِيرُ فِي الْمَعْنَى صِفَةً لِمَا تَعَلَّقَ بِهِ، فَإِذَا كَانَ الشَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُ إنَّمَا اعْتَمَدُوا فِي الطَّلَاقِ الْمَوْصُوفِ عَلَى الطَّلَاقِ الْمَذْكُورِ فِي الْقُرْآنِ وَقَاسُوا كُلَّ طَلَاقٍ بِصِفَةٍ عَلَيْهِ صَارَ هَذَا، كَمَا أَنَّ النَّذْرَ الْمُعَلَّقَ بِشَرْطٍ مَذْكُورٍ فِي قَوْله تَعَالَى: {وَمِنْهُمْ مَنْ عَاهَدَ اللَّهَ لَئِنْ آتَانَا مِنْ فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنَ الصَّالِحِينَ} [التوبة: 75] .
وَمَعْلُومٌ أَنَّ النَّذْرَ الْمُعَلَّقَ بِشَرْطٍ هُوَ نَذْرٌ بِصِفَةٍ، فَقَدْ فَرَّقُوا بَيْنَ النَّذْرِ الْمَقْصُودِ شَرْطُهُ وَبَيْنَ النَّذْرِ الْمَقْصُودِ عَدَمُ شَرْطِهِ الَّذِي خَرَجَ مَخْرَجَ الْيَمِينِ، فَلِذَلِكَ يُفَرَّقُ بَيْنَ الطَّلَاقِ الْمَقْصُودِ وَصْفُهُ كَالْخُلْعِ حَيْثُ الْمَقْصُودُ فِيهِ الْعِوَضُ وَالطَّلَاقُ الْمَحْلُوفُ بِهِ الَّذِي يُقْصَدُ عَدَمُهُ وَعَدَمُ شَرْطِهِ فَإِنَّهُ إنَّمَا يُقَاسُ بِمَا فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَمَا أَشْبَهَهُ، وَمَعْلُومٌ ثُبُوتُ الْفَرْقِ بَيْنَ الصِّفَةِ الْمَقْصُودَةِ وَبَيْنَ الصِّفَةِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهَا الَّتِي يُقْصَدُ عَدَمُهَا. كَمَا فُرِّقَ بَيْنَهُمَا فِي النَّذْرِ سَوَاءٌ.
وَالدَّلِيلُ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ الْكِتَابُ، وَالسُّنَّةُ، وَالْأَثَرُ، وَالِاعْتِبَارُ.
أَمَّا الْكِتَابُ: فَقَوْلُهُ سُبْحَانَهُ: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [التحريم: 1] {قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ وَاللَّهُ مَوْلاكُمْ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ} [التحريم: 2] . فَوَجْهُ الدَّلَالَةِ أَنَّ اللَّهَ قَالَ: {قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ} [التحريم: 2] ، وَهَذَا نَصٌّ عَامٌّ فِي كُلِّ يَمِينٍ يَحْلِفُ بِهَا الْمُسْلِمُونَ. إنَّ اللَّهَ قَدْ فَرَضَ لَهَا تَحِلَّةً وَذَكَرَهُ سُبْحَانَهُ بِصِيغَةِ الْخِطَابِ لِلْأُمَّةِ بَعْدَ تَقَدُّمِ الْخِطَابِ بِصِيغَةِ الْإِفْرَادِ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
مَعَ عِلْمِهِ سُبْحَانَهُ بِأَنَّ الْأُمَّةَ يَحْلِفُونَ بِأَيْمَانٍ شَتَّى، فَلَوْ فُرِضَ يَمِينٌ وَاحِدَةٌ لَيْسَ لَهَا تَحِلَّةٌ لَكَانَ مُخَالِفًا لِلْآيَةِ، كَيْفَ وَهَذَا عَامٌّ لَمْ تُخَصَّ فِيهِ صُورَةٌ وَاحِدَةٌ لَا بِنَصٍّ وَلَا بِإِجْمَاعٍ، بَلْ هُوَ عَامٌّ عُمُومًا مَعْنَوِيًّا مَعَ عُمُومِهِ اللَّفْظِيِّ، فَإِنَّ الْيَمِينَ مَعْقُودٌ يُوجِبُ مَنْعَ الْمُكَلَّفِ مِنْ الْفِعْلِ، فَشَرْعُ التَّحِلَّةِ لِهَذِهِ الْعُقْدَةِ مُنَاسِبٌ لِمَا فِيهِ مِنْ التَّخْفِيفِ وَالتَّوْسِعَةِ، وَهَذَا مَوْجُودٌ فِي الْيَمِينِ بِالْعِتْقِ وَالطَّلَاقِ أَكْثَرَ مِنْهُ فِي غَيْرِهِمَا مِنْ أَيْمَانِ نَذْرِ اللَّجَاجِ وَالْغَضَبِ،

فَإِنَّ الرَّجُلَ إذَا حَلَفَ بِالطَّلَاقِ لَيَقْتُلَنَّ النَّفْسَ أَوْ لَيَقْطَعَنَّ رَحِمَهُ أَوْ لَيَمْنَعَنَّ الْوَاجِبَ عَلَيْهِ مِنْ أَدَاءِ أَمَانَةٍ وَنَحْوِهَا، فَإِنَّهُ يَجْعَلُ الطَّلَاقَ عُرْضَةً لِيَمِينِهِ أَنْ يَبَرَّ وَيَتَّقِيَ

نام کتاب : الفتاوى الكبرى نویسنده : ابن تيمية    جلد : 4  صفحه : 126
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست