responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الفتاوى الكبرى نویسنده : ابن تيمية    جلد : 4  صفحه : 12
أَحْكَامٌ شَرْعِيَّةٌ، وَكُلُّ اسْمٍ فَلَا بُدَّ لَهُ مِنْ حَدٍّ، فَمِنْهُ مَا يُعْلَمُ حَدُّهُ بِاللُّغَةِ، كَالشَّمْسِ، وَالْقَمَرِ، وَالْبَحْرِ، وَالْبَرِّ، وَالسَّمَاءِ، وَالْأَرْضِ. وَمِنْهُ مَا يُعْلَمُ بِالشَّرْعِ، كَالْمُؤْمِنِ، وَالْكَافِرِ، وَالْمُنَافِقِ، وَكَالصَّلَاةِ، وَالزَّكَاةِ، وَالْحَجِّ.
وَمَا لَمْ يَكُنْ لَهُ حَدٌّ فِي اللُّغَةِ وَلَا فِي الشَّرْعِ فَالْمَرْجِعُ فِيهِ إلَى عُرْفِ النَّاسِ، كَالْقَبْضِ الْمَذْكُورِ فِي قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَنْ ابْتَاعَ طَعَامًا فَلَا يَبِعْهُ حَتَّى يَقْبِضَهُ» .
وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْبَيْعَ وَالْإِجَارَةَ وَالْهِبَةَ وَنَحْوَ ذَلِكَ لَمْ يَحُدَّ الشَّارِعُ لَهُ حَدًّا لَا فِي كِتَابِ اللَّهِ، وَلَا فِي سُنَّةِ رَسُولِهِ، بَلْ وَلَا يُنْقَلُ عَنْ أَحَدٍ مِنْ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ أَنَّهُ عُيِّنَ لِلْعُقُودِ صِيغَةٌ مُعَيَّنَةٌ مِنْ الْأَلْفَاظِ أَوْ غَيْرِهَا، أَوْ قَالَ مَا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ مِنْ أَنَّهَا لَا تَنْعَقِدُ إلَّا بِالصِّيَغِ، بَلْ قَدْ قِيلَ إنَّ هَذَا الْقَوْلَ مِمَّا يُخَالِفُ الْإِجْمَاعَ الْقَدِيمَ، وَأَنَّهُ مِنْ الْبِدَعِ، وَلَيْسَ لِذَلِكَ حَدٌّ فِي اللُّغَةِ بِحَيْثُ يُقَالُ إنَّ أَهْلَ اللُّغَةِ يُسَمُّونَ هَذَا بَيْعًا، وَلَا يُسَمُّونَ هَذَا بَيْعًا، حَتَّى يَدْخُلَ أَحَدُهُمَا فِي خِطَابِ اللَّهِ فَلَا يَدْخُلُ الْآخَرُ، بَلْ تَسْمِيَةُ أَهْلِ الْعُرْفِ مِنْ الْعَرَبِ هَذِهِ الْمُعَاقَدَاتِ بَيْعًا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهَا فِي لُغَتِهِمْ تُسَمَّى بَيْعًا.
وَالْأَصْلُ بَقَاءُ اللُّغَةِ وَتَقْدِيرُهَا لَا نَقْلُهَا وَتَغْيِيرُهَا، فَإِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ حَدٌّ فِي الشَّرْعِ وَلَا فِي اللُّغَةِ الْمَرْجُوعِ فِيهِ إلَى عُرْفِ النَّاسِ وَعَادَاتِهِمْ، فَمَا سَمَّوْهُ بَيْعًا فَهُوَ بَيْعٌ، وَمَا سَمَّوْهُ هِبَةً فَهُوَ هِبَةٌ.
الْوَجْهُ الثَّالِثُ: أَنَّ تَصَرُّفَاتِ الْعِبَادِ مِنْ الْأَقْوَالِ وَالْأَفْعَالِ نَوْعَانِ: عِبَادَاتٌ يَصْلُحُ بِهَا دِينُهُمْ، وَعَادَاتٌ يَحْتَاجُونَ إلَيْهَا فِي دُنْيَاهُمْ. فَاسْتِقْرَاءُ أُصُولِ الشَّرِيعَةِ أَنَّ الْعِبَادَاتِ الَّتِي أَوْجَبَهَا اللَّهُ أَوْ أَبَاحَهَا لَا يَثْبُتُ الْأَمْرُ بِهَا إلَّا بِالشَّرْعِ، وَأَمَّا الْعَادَاتُ فَهِيَ مَا اعْتَادَهُ النَّاسُ فِي دُنْيَاهُمْ مِمَّا يَحْتَاجُونَ إلَيْهِ.
وَالْأَصْلُ فِيهِ عَدَمُ الْحَظْرِ، فَلَا يَحْظُرُ مِنْهُ إلَّا مَا حَظَرَهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ، وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْأَمْرَ وَالنَّهْيَ مِمَّا شَرَعَ اللَّهُ تَعَالَى، وَالْعِبَادَةُ لَا بُدَّ أَنْ تَكُونَ مَأْمُورًا بِهَا، فَمَا لَمْ يَثْبُتْ أَنَّهُ مَأْمُورٌ كَيْفَ يُحْكَمُ عَلَيْهِ بِأَنَّهُ عِبَادَةٌ؟ وَمَا لَمْ يَثْبُتْ مِنْ الْعَادَاتِ أَنَّهُ مَنْهِيٌّ عَنْهُ كَيْفَ يُحْكَمُ عَلَيْهِ أَنَّهُ مَحْظُورٌ؟

نام کتاب : الفتاوى الكبرى نویسنده : ابن تيمية    جلد : 4  صفحه : 12
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست