responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الفتاوى الكبرى نویسنده : ابن تيمية    جلد : 3  صفحه : 78
[مَسْأَلَةٌ شُرُوط النِّكَاحِ]
مَسْأَلَةٌ:
فِي شُرُوطِ النِّكَاحِ مَنْ شَرَطَ أَنَّهُ لَا تَتَزَوَّجُ عَلَى الزَّوْجَةِ، وَلَا يَتَسَرَّى وَلَا يُخْرِجُهَا مِنْ دَارِهَا أَوْ مِنْ بَلَدِهَا، فَإِذَا شَرَطَتْ عَلَى الزَّوْجِ قَبْلَ الْعَقْدِ وَاتَّفَقَا عَلَيْهَا وَخَلَا الْعَقْدُ عَنْ ذِكْرِهَا، هَلْ تَكُونُ صَحِيحَةً لَازِمَةً يَجِبُ الْعَمَلُ بِهَا كَالْمُقَارَنَةِ أَوْ لَا؟
الْجَوَابُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ، نَعَمْ تَكُونُ صَحِيحَةً لَازِمَةً إذَا لَمْ يُبْطِلَاهَا، حَتَّى لَوْ قَارَنَتْ عَقْدَ الْعَقْدِ، هَذَا ظَاهِرُ مَذْهَبِ الْإِمَامِ أَبِي حَنِيفَةَ، وَالْإِمَامِ مَالِكٍ، وَغَيْرِهِمَا فِي جَمِيعِ الْعُقُودِ. وَهُوَ وَجْهٌ فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ يَخْرُجُ مِنْ مَسْأَلَةِ صَدَاقِ السِّرِّ وَالْعَلَانِيَةِ، وَهَكَذَا يَطْرُدُهُ مَالِكٌ وَأَحْمَدُ فِي الْعِبَارَاتِ، فَإِنَّ النِّيَّةَ الْمُتَقَدِّمَةَ عِنْدَهُمَا كَالْمُقَارَنَةِ، وَفِي مَذْهَبِ أَحْمَدَ قَوْلٌ ثَانٍ: أَنَّ الشُّرُوطَ الْمُتَقَدِّمَةَ لَا تُؤَثِّرُ، وَفِيهِ قَوْلٌ ثَالِثٌ: وَهُوَ الْفَرْقُ بَيْنَ الشَّرْطِ الَّذِي يَجْعَلُ الْعَقْدَ غَيْرَ مَقْصُودٍ، كَالتَّوَاطُؤِ عَلَى أَنَّ الْبَيْعَ تَلْجِئَةٌ لَا حَقِيقَةَ لَهُ، وَبَيْنَ الشَّرْطِ الَّذِي لَا يُخْرِجُهُ عَنْ أَنْ يَكُونَ مَقْصُودًا، كَاشْتِرَاطِ الْخِيَارِ وَنَحْوِهِ.
وَأَمَّا غَايَةُ نُصُوصِ أَحْمَدَ وَقُدَمَاءِ أَصْحَابِهِ وَمُحَقِّقِي الْمُتَأَخِّرِينَ عَلَى أَنَّ الشُّرُوطَ وَالْمُوَاطَأَةَ الَّتِي تَجْرِي بَيْنَ الْمُتَعَاقِدَيْنِ قَبْلَ الْعَقْدِ إذَا لَمْ يَفْسَخَاهَا حَتَّى عَقَدَا الْعَقْدَ، فَإِنَّ الْعَقْدَ يَقَعُ مُقَيَّدًا بِهَا، وَعَلَى هَذَا جَوَابُ أَحْمَدَ فِي مَسَائِلِ الْحِيَلِ فِي الْبَيْعِ، وَالْإِجَارَةِ، وَالرَّهْنِ، وَالْقَرْضِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ. وَهَذَا كَثِيرٌ مَوْجُودٌ فِي كَلَامِهِ وَكَلَامِ أَصْحَابِهِ تَضْيِيقُ الْفَتْوَى عَنْ تَعْدِيدِ أَعْيَانِ الْمَسَائِلِ، وَكَثِيرٌ فِيهَا مَشْهُورٌ عِنْدَ مَنْ لَهُ أَدْنَى خِبْرَةٍ بِأُصُولِ أَحْمَدَ وَنُصُوصِهِ لَا يَخْفَى عَلَيْهِ ذَلِكَ.
وَقَدْ قَرَّرْنَا دَلَائِلَ ذَلِكَ مِنْ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، وَإِجْمَاعِ السَّلَفِ، وَأُصُولِ الشَّرِيعَةِ فِي مَسْأَلَةِ التَّحْلِيلِ، وَمَنْ تَأَمَّلَ الْعُقُودَ الَّتِي كَانَتْ تَجْرِي بَيْنَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَغَيْرِهِ، مِثْلَ عَقْدِ الْبَيْعَةِ الَّتِي كَانَتْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْأَنْصَارِ لَيْلَةَ الْعَقَبَةِ، وَعَقْدِ الْهُدْنَةِ الَّذِي كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ قُرَيْشٍ عَامَ الْحُدَيْبِيَةِ، وَغَيْرَ ذَلِكَ، عَلِمَ أَنَّهُمْ اتَّفَقُوا عَلَى الشُّرُوطِ، ثُمَّ عَقَدُوا الْعَقْدَ بِلَفْظٍ مُطْلَقٍ، وَكَذَلِكَ عَامَّةُ نُصُوصِ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ فِي الْأَمْرِ بِالْوَفَاءِ بِالْعُقُودِ وَالْعُهُودِ وَالشُّرُوطِ، وَالنَّهْيِ عَنْ الْغَدْرِ، وَالثَّلَاثُ تَتَنَاوَلُ ذَلِكَ تَنَاوُلًا وَاحِدًا، فَإِنَّ أَهْلَ اللُّغَةِ وَالْعُرْفِ مُتَّفِقُونَ عَلَى التَّسْمِيَةِ، وَالْمَعَانِي الشَّرْعِيَّةُ تُوَافِقُ ذَلِكَ.

نام کتاب : الفتاوى الكبرى نویسنده : ابن تيمية    جلد : 3  صفحه : 78
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست