responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الفتاوى الكبرى نویسنده : ابن تيمية    جلد : 3  صفحه : 57
وَيُرَقِّقُ الْقَلْبَ، وَيُدْمِعُ الْعَيْنَ، هَكَذَا فِي مُسْنَدِ أَحْمَدَ. وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْمَرْأَةَ إذَا فُتِحَ لَهَا هَذَا الْبَابُ أَخْرَجَهَا إلَى الْجَزَعِ وَالنَّدْبِ وَالنِّيَاحَةِ، لِمَا فِيهَا مِنْ الضَّعْفِ، وَكَثْرَةِ الْجَزَعِ، وَقِلَّةِ الصَّبْرِ. وَأَيْضًا فَإِنَّ ذَلِكَ سَبَبٌ لِتَأَذِّي الْمَيِّتِ بِبُكَائِهَا، وَلِافْتِتَانِ الرِّجَالِ بِصَوْتِهَا، وَصُورَتِهَا.
كَمَا جَاءَ فِي حَدِيثٍ آخَرَ: «فَإِنَّكُنَّ تَفْتُنَّ الْحَيَّ، وَتُؤْذِينَ الْمَيِّتَ» وَإِذَا كَانَتْ زِيَارَةُ النِّسَاءِ مَظِنَّةً وَسَبَبًا لِلْأُمُورِ الْمُحَرَّمَةِ فِي حَقِّهِنَّ، وَحَقِّ الرِّجَالِ، وَالْحِكْمَةُ هُنَا غَيْرُ مَضْبُوطَةٍ، فَإِنَّهُ لَا يُمْكِنُ أَنْ يُحَدَّ الْمِقْدَارُ الَّذِي لَا يُفْضِي إلَى ذَلِكَ، وَلَا التَّمْيِيزُ بَيْنَ نَوْعٍ وَنَوْعٍ.
وَمِنْ أُصُولِ الشَّرِيعَةِ أَنَّ الْحِكْمَةَ إذَا كَانَتْ خَفِيَّةً، أَوْ غَيْرَ مُنْتَشِرَةٍ عُلِّقَ الْحُكْمُ بِمَظِنَّتِهَا، فَيَحْرُمُ هَذَا الْبَابُ سَدًّا لِلذَّرِيعَةِ، كَمَا حَرُمَ النَّظَرُ إلَى الزِّينَةِ الْبَاطِنَةِ لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ الْفِتْنَةِ، وَكَمَا حَرُمَ الْخَلْوَةُ بِالْأَجْنَبِيَّةِ وَغَيْرُ ذَلِكَ مِنْ النَّظَرِ، وَلَيْسَ فِي ذَلِكَ مِنْ الْمَصْلَحَةِ مَا يُعَارِضُ هَذِهِ الْمَفْسَدَةَ، فَإِنَّهُ لَيْسَ فِي ذَلِكَ إلَّا دُعَاؤُهَا لِلْمَيِّتِ، وَذَلِكَ مُمْكِنٌ فِي بَيْتِهَا. وَلِهَذَا قَالَ الْفُقَهَاءُ: إذَا عَلِمَتْ الْمَرْأَةُ مِنْ نَفْسِهَا أَنَّهَا إذَا زَارَتْ الْمَقْبَرَةَ بَدَا مِنْهَا مَا لَا يَجُوزُ مِنْ قَوْلٍ أَوْ عَمَلٍ، لَمْ تَجُزْ لَهَا الزِّيَارَةُ بِلَا نِزَاعٍ.

[فَصْل زِيَارَة قَبْرِ النَّبِيِّ]
فَصْلٌ
وَأَمَّا الْحَدِيثُ الْمَذْكُورُ فِي زِيَارَةِ قَبْرِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَهُوَ ضَعِيفٌ، وَلَيْسَ فِي زِيَارَةِ قَبْرِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَدِيثٌ حَسَنٌ وَلَا صَحِيحٌ، وَلَا رَوَى أَهْلُ السُّنَنِ الْمَعْرُوفَةِ، كَسُنَنِ أَبِي دَاوُد، وَالنَّسَائِيُّ وَابْنِ مَاجَهْ، وَالتِّرْمِذِيِّ، وَلَا أَهْلُ الْمَسَانِيدِ الْمَعْرُوفَةِ، كَمُسْنَدِ أَحْمَدَ، وَنَحْوِهِ، وَلَا أَهْلُ الْمُصَنَّفَاتِ كَمُوَطَّأِ مَالِكٍ وَغَيْرِهِ فِي ذَلِكَ شَيْئًا. بَلْ عَامَّةُ مَا يُرْوَى فِي ذَلِكَ أَحَادِيثُ مَكْذُوبَةٌ مَوْضُوعَةٌ. كَمَا يُرْوَى عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: «مَنْ زَارَنِي وَزَارَ أَبِي إبْرَاهِيمَ فِي عَامٍ وَاحِدٍ ضَمِنْت لَهُ عَلَى اللَّهِ الْجَنَّةَ» وَهَذَا حَدِيثٌ مَوْضُوعٌ، كَذِبٌ بِاتِّفَاقِ أَهْلِ الْعِلْمِ.
وَكَذَلِكَ مَا يُرْوَى أَنَّهُ قَالَ: «مَنْ زَارَنِي بَعْدَ مَمَاتِي، فَكَأَنَّمَا زَارَنِي فِي حَيَاتِي، وَمَنْ زَارَنِي بَعْدَ مَمَاتِي ضَمِنْت لَهُ عَلَى اللَّهِ الْجَنَّةَ» لَيْسَ لِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ أَصْلٌ، وَإِنْ كَانَ قَدْ رَوَى بَعْضَ ذَلِكَ الدَّارَقُطْنِيُّ، وَالْبَزَّارُ فِي مُسْنَدِهِ، فَمَدَارُ ذَلِكَ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ الْعُمَرِيِّ. أَوْ مَنْ هُوَ أَضْعَفُ مِنْهُ، مِمَّنْ لَا يَجُوزُ أَنْ يَثْبُتَ بِرِوَايَتِهِ حُكْمٌ شَرْعِيٌّ.

نام کتاب : الفتاوى الكبرى نویسنده : ابن تيمية    جلد : 3  صفحه : 57
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست