responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الفتاوى الكبرى نویسنده : ابن تيمية    جلد : 3  صفحه : 543
أُولَئِكَ الْكُفَّارُ يَبْذُلُونَ لَهُ الطَّاعَةَ وَالِانْقِيَادَ، وَيَحْمِلُونَ إلَيْهِ الْأَمْوَالَ، وَيُقِرُّونَ لَهُ بِالنِّيَابَةِ، وَلَا يُخَالِفُونَ مَا يَأْمُرُهُمْ بِهِ إلَّا كَمَا يُخَالِفُ الْخَارِجُ عَنْ طَاعَةِ الْإِمَامِ لِلْإِمَامِ، وَهُمْ يُحَارِبُونَ الْمُسْلِمِينَ وَيُعَادُونَهُمْ أَعْظَمَ مُعَادَاةٍ وَيَطْلُبُونَ مِنْ الْمُسْلِمِينَ الطَّاعَةَ لَهُمْ وَبَذْلَ الْأَمْوَالِ وَالدُّخُولَ فِيمَا وَضَعَهُ لَهُمْ، ذَلِكَ الْمَلِكُ الْكَافِرُ الْمُشْرِكُ الْمُشَابِهُ لِفِرْعَوْنَ أَوْ النُّمْرُودِ وَنَحْوِهِمَا. بَلْ هُوَ أَعْظَمُ فَسَادًا فِي الْأَرْضِ مِنْهُمَا.
قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلا فِي الأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ} [القصص: 4] .
وَهَذَا الْكَافِرُ عَلَا فِي الْأَرْضِ يَسْتَضْعِفُ أَهْلَ الْمِلَلِ كُلَّهُمْ مِنْ الْمُسْلِمِينَ، وَالْيَهُودِ، وَالنَّصَارَى وَمَنْ خَالَفَهُ مِنْ الْمُشْرِكِينَ بِقَتْلِ الرِّجَالِ، وَسَبْيِ الْحَرِيمِ، وَيَأْخُذُ الْأَمْوَالَ وَيُهْلِكُ الْحَرْثَ، وَالنَّسْلَ، وَاَللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ، وَيَرُدُّ النَّاسَ عَمَّا كَانُوا عَلَيْهِ مِنْ سِلْكِ الْأَنْبِيَاءِ وَالْمُرْسَلِينَ إلَى أَنْ يَدْخُلُوا فِيمَا ابْتَدَعَهُ مِنْ سُنَّتِهِ الْجَاهِلِيَّةِ وَشَرِيعَتِهِ الْكُفْرِيَّةِ، فَهُمْ يَدَّعُونَ دِينَ الْإِسْلَامِ وَيُعَظِّمُونَ دِينَ أُولَئِكَ الْكُفَّارِ عَلَى دِينِ الْمُسْلِمِينَ وَيُطِيعُونَهُمْ وَيُوَالُونَهُمْ أَعْظَمَ بِكَثِيرٍ مِنْ طَاعَةِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ، وَمُوَالَاةِ الْمُؤْمِنِينَ وَالْحُكْمُ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَ أَكَابِرِهِمْ بِحُكْمِ الْجَاهِلِيَّةِ، لَا بِحُكْمِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ.
وَكَذَلِكَ الْأَكَابِرُ مِنْ وُزَرَائِهِمْ وَغَيْرِهِمْ يَجْعَلُونَ دِينَ الْإِسْلَامِ كَدِينِ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى وَأَنَّ هَذِهِ كُلَّهَا طُرُقٌ إلَى اللَّهِ بِمَنْزِلَةِ الْمَذَاهِبِ الْأَرْبَعَةِ عِنْدَ الْمُسْلِمِينَ، ثُمَّ مِنْهُمْ مَنْ يُرَجِّحُ دِينَ الْيَهُودِ أَوْ دِينَ النَّصَارَى، وَمِنْهُمْ مَنْ يُرَجِّحُ دِينَ الْمُسْلِمِينَ.
وَهَذَا الْقَوْلُ فَاشٍ غَالِبٌ فِيهِمْ حَتَّى فِي فُقَهَائِهِمْ وَعُبَّادِهِمْ، لَا سِيَّمَا الْجَهْمِيَّةُ مِنْ الِاتِّحَادِيَّةِ الْفِرْعَوْنِيَّةِ وَنَحْوِهِمْ، فَإِنَّهُ غَلَبَتْ عَلَيْهِمْ الْفَلْسَفَةُ وَهَذَا مَذْهَبُ كَثِيرٍ مِنْ الْمُتَفَلْسِفَةِ أَوْ أَكْثَرِهِمْ وَعَلَى هَذَا كَثِيرٌ مِنْ النَّصَارَى أَوْ أَكْثَرُهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْ الْيَهُودِ أَيْضًا.
بَلْ لَوْ قَالَ الْقَائِلُ: إنْ غَابَ خَوَاصُّ الْعُلَمَاءِ مِنْهُمْ وَالْعُبَّادُ عَلَى هَذَا الْمَذْهَبِ لَمَا أُبْعِدَ.
وَقَدْ رَأَيْت مِنْ ذَلِكَ وَسَمِعْت مَا لَا يَتَّسِعُ لَهُ هَذَا الْمَوْضِعُ، وَمَعْلُومٌ بِالِاضْطِرَارِ مِنْ دِينِ الْمُسْلِمِينَ وَبِاتِّفَاقِ جَمِيعِ الْمُسْلِمِينَ أَنَّ مَنْ سَوَّغَ اتِّبَاعَ غَيْرِ دِينِ الْإِسْلَامِ أَوْ اتِّبَاعِ

نام کتاب : الفتاوى الكبرى نویسنده : ابن تيمية    جلد : 3  صفحه : 543
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست