responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الفتاوى الكبرى نویسنده : ابن تيمية    جلد : 3  صفحه : 524
كَذَلِكَ أَمْرُ " قُطَّاعِ الطَّرِيقِ " وَأَمْرُ " اللُّصُوصِ " وَهُوَ مِنْ الْمَصَالِحِ الْعَامَّةِ الَّتِي لَيْسَتْ مِنْ الْحُقُوقِ الْخَاصَّةِ؛ فَإِنَّ النَّاسَ لَا يَأْمَنُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ فِي الْمَسَاكِنِ وَالطُّرُقَاتِ إلَّا بِمَا يَزْجُرُهُمْ فِي قَطْعِ هَؤُلَاءِ، وَلَا يَزْجُرُهُمْ أَنْ يَحْلِفَ كُلٌّ مِنْهُمْ؛ وَلِهَذَا اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ قَاطِعَ الطَّرِيقِ لِأَخْذِ الْمَالِ يُقْتَلُ حَتْمًا، وَقَتْلُهُ حَدٌّ لِلَّهِ؛ وَلَيْسَ قَتْلُهُ مُفَوَّضًا إلَى أَوْلِيَاءِ الْمَقْتُولِ. قَالُوا: لِأَنَّ هَذَا لَمْ يَقْتُلْهُ لِغَرَضٍ خَاصٍّ مَعَهُ؛ إنَّمَا قَتَلَهُ لِأَجْلِ الْمَالِ، فَلَا فَرْقَ عِنْدَهُ بَيْنَ هَذَا الْمَقْتُولِ وَبَيْنَ غَيْرِهِ، فَقَتْلُهُ مَصْلَحَةٌ عَامَّةٌ. فَعَلَى الْإِمَامِ أَنْ يُقِيمَ ذَلِكَ.
وَكَذَلِكَ " السَّارِقُ " لَيْسَ غَرَضُهُ فِي مَالٍ مُعَيَّنٍ، وَإِنَّمَا غَرَضُهُ أَخْذُ مَالِ هَذَا وَمَالِ هَذَا، كَذَلِكَ كَانَ قَطْعُهُ حَقًّا وَاجِبًا لِلَّهِ لَيْسَ لِرَبِّ الْمَالِ؛ بَلْ رَبُّ الْمَالِ يَأْخُذُ مَالَهُ، وَتُقْطَعُ يَدُ السَّارِقِ، حَتَّى لَوْ قَالَ صَاحِبُ الْمَالِ: أَنَا أُعْطِيهِ مَالِي لَمْ يَسْقُطْ عَنْهُ الْقَطْعُ، كَمَا قَالَ صَفْوَانُ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: أَنَا أَهَبُهُ رِدَائِي، فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «فَهَلَّا فَعَلْت قَبْلَ أَنْ تَأْتِيَ بِهِ» ، وَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَنْ حَالَتْ شَفَاعَتُهُ دُونَ حَدٍّ مِنْ حُدُودِ اللَّهِ فَقَدْ ضَادَّ اللَّهَ فِي أَمْرِهِ وَمَنْ خَاصَمَ فِي بَاطِلٍ وَهُوَ يَعْلَمُ لَمْ يَزَلْ فِي سَخَطِ اللَّهِ حَتَّى يَنْزِعَ، وَمَنْ قَالَ فِي مُسْلِمٍ مَا لَيْسَ فِيهِ حُبِسَ فِي رَدْغَةِ الْخَبَالِ حَتَّى يَخْرُجَ مِمَّا قَالَ» وَقَالَ لِلزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ «إذَا بَلَغَتْ الْحُدُودُ السُّلْطَانَ فَلَعَنَ اللَّهُ الشَّافِعَ وَالْمُشَفِّعَ» .
وَمِمَّا يُشْبِهُ هَذَا مَنْ ظَهَرَ عِنْدَهُ مَالٌ يَجِبُ عَلَيْهِ إحْضَارُهُ كَالْمَدِينِ إذَا ظَهَرَ أَنَّهُ غَيَّبَ مَالَهُ وَأَصَرَّ عَلَى الْحَبْسِ، وَكَمَنْ عِنْدَهُ أَمَانَةٌ وَلَمْ يَرُدَّهَا إلَى مُسْتَحِقِّهَا ظَهَرَ كَذِبُهُ. فَإِنَّهُ لَا يَحْلِفُ؛ لَكِنْ يُضْرَبُ حَتَّى يُحْضِرَ الْمَالَ الَّذِي يَجِبُ إحْضَارُهُ، أَوْ يُعْرَفَ مَكَانُهُ، كَمَا قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِلزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ عَامَ خَيْبَرَ فِي عَمِّ حُيَيِّ بْنِ أَخْطَبَ، وَكَانَ النَّبِيُّ صَالَحَهُمْ عَلَى أَنَّ لَهُ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ؛ فَقَالَ لِهَذَا الرَّجُلِ: «أَيْنَ كَنْزُ حُيَيِّ بْنِ أَخْطَبَ؟ فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، أَذْهَبَتْهُ النَّفَقَاتُ، وَالْحُرُوبُ، فَقَالَ: الْمَالُ كَثِيرٌ، وَالْعَهْدُ أَحْدَثُ مِنْ هَذَا ثُمَّ قَالَ: دُونَك هَذَا فَمَسَّهُ بِشَيْءٍ مِنْ الْعَذَابِ، فَدَلَّهُمْ عَلَيْهِ فِي خَرِبَةٍ هُنَاكَ» فَهَذَا لَمَّا قَالَ أَذْهَبَتْهُ النَّفَقَاتُ وَالْحُرُوبُ وَالْعَادَةُ تُكَذِّبُهُ فِي ذَلِكَ لَمْ يُلْتَفَتْ إلَيْهِ بَلْ أَمَرَ بِعُقُوبَتِهِ

نام کتاب : الفتاوى الكبرى نویسنده : ابن تيمية    جلد : 3  صفحه : 524
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست