responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الفتاوى الكبرى نویسنده : ابن تيمية    جلد : 3  صفحه : 51
الْوَجْهُ الثَّالِثُ أَنْ يُقَالَ: غَايَةُ مَا يُقَالُ فِي قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «فَزُورُوا الْقُبُورَ» خِطَابٌ عَامٌّ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ قَوْلَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَنْ صَلَّى عَلَى جِنَازَةٍ فَلَهُ قِيرَاطٌ، وَمَنْ تَبِعَهَا حَتَّى تُدْفَنَ فَلَهُ قِيرَاطَانِ» . هُوَ أَدَلُّ عَلَى الْعُمُومِ مِنْ صِيغَةِ التَّذْكِيرِ، فَإِنَّ لَفْظَ: " مَنْ " يَتَنَاوَلُ الرِّجَالَ وَالنِّسَاءَ بِاتِّفَاقِ النَّاسِ، وَإِنْ خَالَفَ فِيهِ مَنْ لَا يَدْرِي مَا يَقُولُ. وَلَفْظُ " مَنْ " أَبْلَغُ صِيَغِ الْعُمُومِ، ثُمَّ قَدْ عُلِمَ بِالْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ أَنَّ هَذَا الْعُمُومَ لَمْ يَتَنَاوَلْ النِّسَاءَ، لِنَهْيِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَهُنَّ عَنْ اتِّبَاعِ الْجَنَائِزِ، سَوَاءٌ كَانَ نَهْيَ تَحْرِيمٍ أَوْ تَنْزِيهٍ. فَإِذَا لَمْ يَدْخُلْنَ فِي هَذَا الْعُمُومِ، فَكَذَلِكَ فِي ذَلِكَ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى، وَكِلَاهُمَا مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ، فَإِنَّ تَشْيِيعَ الْجِنَازَةِ مِنْ جِنْسِ زِيَارَةِ الْقُبُورِ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَلا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا وَلا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ} [التوبة: 84] فَنَهَى نَبِيَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ الصَّلَاةِ عَلَى الْمُنَافِقِينَ، وَعَنْ الْقِيَامِ عَلَى قُبُورِهِمْ،
وَكَانَ دَلِيلُ الْخِطَابِ وَمُوجِبُ التَّعْلِيلِ يَقْتَضِي أَنَّ الْمُؤْمِنِينَ يُصَلِّي عَلَيْهِمْ، وَيُقَامُ عَلَى قُبُورِهِمْ. وَذَلِكَ كَمَا قَالَ أَكْثَرُ الْمُفَسِّرِينَ: هُوَ الْقِيَامُ بِالدُّعَاءِ وَالِاسْتِغْفَارِ، وَهُوَ مَقْصُودُ زِيَارَةِ قُبُورِ الْمُؤْمِنِينَ، فَإِذَا كَانَ النِّسَاءُ لَمْ يَدْخُلْنَ فِي عُمُومِ اتِّبَاعِ الْجَنَائِزِ، مَعَ مَا فِي ذَلِكَ مِنْ الصَّلَاةِ عَلَى الْمَيِّتِ، فَلَأَنْ لَا يَدْخُلْنَ فِي زِيَارَةِ الْقُبُورِ الَّتِي غَايَتُهَا دُونَ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى، بِخِلَافِ مَا إذَا أَمْكَنَ النِّسَاءُ أَنْ يُصَلِّينَ عَلَى الْمَيِّتِ بِلَا اتِّبَاعٍ، كَمَا يُصَلِّينَ عَلَيْهِ فِي الْبَيْتِ، فَإِنَّ ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ الدُّعَاءِ لَهُ، وَالِاسْتِغْفَارِ فِي الْبَيْتِ.
وَإِذَا قِيلَ مَفْسَدَةُ الِاتِّبَاعِ لِلْجَنَائِزِ أَعْظَمُ مِنْ مَفْسَدَةِ الزِّيَارَةِ؛ لِأَنَّ الْمُصِيبَةَ حَدِيثَةٌ، وَفِي ذَلِكَ أَذًى لِلْمَيِّتِ، وَفِتْنَةٌ لِلْحَيِّ بِأَصْوَاتِهِنَّ، وَصُوَرِهِنَّ. قِيلَ: وَمُطْلَقُ الِاتِّبَاعِ أَعْظَمُ مِنْ مَصْلَحَةِ الزِّيَارَةِ؛ لِأَنَّ فِي ذَلِكَ الصَّلَاةَ عَلَيْهِ الَّتِي هِيَ أَعْظَمُ مِنْ مُجَرَّدِ الدُّعَاءِ؛ وَلِأَنَّ الْمَقْصُودَ بِالِاتِّبَاعِ الْحَمْلُ وَالدَّفْنُ، وَالصَّلَاةُ فَرْضٌ عَلَى الْكِفَايَةِ، وَلَيْسَ شَيْءٌ مِنْ الزِّيَارَةِ فَرْضًا عَلَى الْكِفَايَةِ - وَذَلِكَ الْفَرْضُ يَشْتَرِكُ فِيهِ الرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ بِحَيْثُ لَوْ مَاتَ

نام کتاب : الفتاوى الكبرى نویسنده : ابن تيمية    جلد : 3  صفحه : 51
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست