responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الفتاوى الكبرى نویسنده : ابن تيمية    جلد : 3  صفحه : 491
يُخَالِفُ سَائِرٌ أَهْلِ الْعِلْمِ بَعْضُهُمْ بَعْضًا، وَلَوْ كَانُوا مَعْصُومِينَ لَكَانَتْ مُخَالَفَةُ الْمَعْصُومِ لِلْمَعْصُومِ مُمْتَنِعَةٌ. وَقَدْ كَانَ الْحَسَنُ، فِي أَمْرِ الْقِتَالِ يُخَالِفُ أَبَاهُ وَيَكْرَهُ كَثِيرًا مِمَّا يَفْعَلُهُ، وَيَرْجِعُ عَلِيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي آخِرِ الْأَمْرِ إلَى رَأْيِهِ، وَكَانَ يَقُولُ: لَئِنْ عَجَزْت عَجْزَةً لَا أَعْتَذِرْ سَوْفَ أَكِيسُ بَعْدَهَا وَأَسْتَمِرَّ وَأَجْبُرُ الرَّأْيَ النَّسِيبَ الْمُنْتَشِرَ وَتَبَيَّنَ لَهُ فِي آخِرِ عُمُرِهِ أَنْ لَوْ فَعَلَ غَيْرَ الَّذِي كَانَ فَعَلَهُ لَكَانَ هُوَ الْأَصْوَبُ وَلَهُ فَتَاوَى رَجَعَ بِبَعْضِهَا عَنْ بَعْضٍ، كَقَوْلِهِ فِي أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ، فَإِنَّ لَهُ فِيهَا قَوْلَيْنِ: أَحَدُهُمَا: الْمَنْعُ مِنْ بَيْعِهِنَّ.
وَالثَّانِي: إبَاحَةُ ذَلِكَ وَالْمَعْصُومُ لَا يَكُونُ لَهُ قَوْلَانِ مُتَنَاقِضَانِ؛ إلَّا أَنْ يَكُونَ أَحَدُهُمَا نَاسِخًا لِلْآخَرِ، كَمَا فِي «قَوْلِ النَّبِيِّ السُّنَّةُ اسْتَقَرَّتْ» فَلَا يَرِدُ عَلَيْهَا بَعْدَهُ نَسْخٌ إذْ لَا نَبِيَّ بَعْدَهُ.
وَقَدْ وَصَّى الْحَسَنُ أَخَاهُ الْحُسَيْنَ بِأَنْ لَا يُطِيعَ أَهْلَ الْعِرَاقِ، وَلَا يَطْلُبَ هَذَا الْأَمْرَ، وَأَشَارَ عَلَيْهِ بِذَلِكَ ابْنُ عُمَرَ وَابْنُ عَبَّاسٍ وَغَيْرُهُمَا مِمَّنْ يَتَوَلَّاهُ وَيُحِبُّهُ وَرَأَوْا أَنَّ مَصْلَحَتَهُ وَمَصْلَحَةَ الْمُسْلِمِينَ أَنْ لَا يَذْهَبَ إلَيْهِمْ، لَا يُجِيبُهُمْ إلَى مَا قَالُوهُ مِنْ الْمَجِيءِ إلَيْهِمْ وَالْقِتَالِ مَعَهُمْ؛ وَإِنْ كَانَ هَذَا هُوَ الْمَصْلَحَةُ لَهُ وَلِلْمُسْلِمِينَ، وَلَكِنَّهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ مَا رَآهُ مَصْلَحَةً، وَالرَّأْيُ يُصِيبُ وَيُخْطِئُ. وَالْمَعْصُومُ لَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يُخَالِفَهُ؛ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُخَالِفَ مَعْصُومًا آخَرَ؛ إلَّا أَنْ يَكُونَا عَلَى شَرِيعَتَيْنِ، كَالرَّسُولَيْنِ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ شَرِيعَتَهُمَا وَاحِدَةٌ. وَهَذَا بَابٌ وَاسِعٌ مَبْسُوطٌ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ.
وَالْمَقْصُودُ أَنَّ مَنْ ادَّعَى عِصْمَةَ هَؤُلَاءِ السَّادَةِ، الْمَشْهُورِ لَهُمْ بِالْإِيمَانِ وَالتَّقْوَى وَالْجَنَّةِ؛ هُوَ فِي غَايَةِ الضَّلَالِ وَالْجَهَالَةِ، وَلَمْ يَقُلْ هَذَا الْقَوْلَ مَنْ لَهُ فِي الْأُمَّةِ لِسَانُ صِدْقٍ؛ بَلْ وَلَا مَنْ لَهُ عَقْلٌ مَحْمُودٌ.
فَكَيْفَ تَكُونُ الْعِصْمَةُ فِي ذُرِّيَّةِ " عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَيْمُونٍ الْقَدَّاحِ " مَعَ شُهْرَةِ النِّفَاقِ وَالْكَذِبِ وَالضَّلَالِ؟ ، وَهَبْ أَنَّ الْأَمْرَ لَيْسَ كَذَلِكَ: فَلَا رَيْبَ أَنَّ سِيرَتَهُمْ مِنْ سِيرَةِ الْمُلُوكِ، وَأَكْثَرُهَا ظُلْمًا وَانْتِهَاكًا لِلْمُحَرَّمَاتِ، وَأَبْعَدُهَا عَنْ إقَامَةِ الْأُمُورِ وَالْوَاجِبَاتِ، وَأَعْظَمُ إظْهَارًا لِلْبِدَعِ الْمُخَالِفَةِ لِلْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، وَإِعَانَةً لِأَهْلِ النِّفَاقِ وَالْبِدْعَةِ.

نام کتاب : الفتاوى الكبرى نویسنده : ابن تيمية    جلد : 3  صفحه : 491
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست