responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الفتاوى الكبرى نویسنده : ابن تيمية    جلد : 3  صفحه : 489
فَلَوْ كَانَ غَيْرُ الرَّسُولِ مَعْصُومًا فِيمَا يَأْمُرُ بِهِ وَيُنْهِي عَنْهُ لَكَانَ حُكْمُهُ فِي ذَلِكَ حُكْمَ الرَّسُولِ. وَالنَّبِيُّ الْمَبْعُوثُ إلَى الْخَلْقِ رَسُولٌ إلَيْهِمْ؛ بِخِلَافِ مَنْ لَمْ يُبْعَثْ إلَيْهِمْ. فَمَنْ كَانَ آمِرًا نَاهِيًا لِلْخَلْقِ: مِنْ إمَامٍ، وَعَالِمٍ، وَشَيْخٍ، وَأُولِي أَمْرٍ غَيْرِ هَؤُلَاءِ مِنْ أَهْلِ الْبَيْتِ أَوْ غَيْرِهِمْ، وَكَانَ مَعْصُومًا: كَانَ بِمَنْزِلَةِ الرَّسُولِ فِي ذَلِكَ، وَكَانَ مَنْ أَطَاعَهُ وَجَبَتْ لَهُ الْجَنَّةُ، وَمَنْ عَصَاهُ وَجَبَتْ لَهُ النَّارُ، كَمَا يَقُولُهُ الْقَائِلُونَ بِعِصْمَةِ عَلِيٍّ أَوْ غَيْرِهِ مِنْ الْأَئِمَّةِ؛ بَلْ مَنْ أَطَاعَهُ يَكُونُ مُؤْمِنًا؛ وَمَنْ عَصَاهُ يَكُونُ كَافِرًا؛ وَكَانَ هَؤُلَاءِ كَأَنْبِيَاءِ بَنِي إسْرَائِيلَ؛ فَلَا يَصِحُّ حِينَئِذٍ قَوْلُ النَّبِيِّ:
«لَا نَبِيَّ بَعْدِي» وَفِي السُّنَنِ عَنْهُ
أَنَّهُ قَالَ: «الْعُلَمَاءُ وَرَثَةُ الْأَنْبِيَاءِ، إنَّ الْأَنْبِيَاءَ لَمْ يُوَرِّثُوا دِرْهَمًا وَلَا دِينَارًا إنَّمَا وَرَّثُوا الْعِلْمَ، فَمَنْ أَخَذَهُ فَقَدْ أَخَذَ بِحَظٍّ وَافِرٍ» . فَغَايَةُ الْعُلَمَاءِ مِنْ الْأَئِمَّةِ وَغَيْرِهِمْ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ أَنْ يَكُونُوا وَرَثَةَ أَنْبِيَاءٍ.
وَأَيْضًا فَقَدْ ثَبَتَ بِالنُّصُوصِ الصَّحِيحَةِ وَالْإِجْمَاعِ «أَنَّ النَّبِيَّ قَالَ لِلصِّدِّيقِ فِي تَأْوِيلِ رُؤْيَا عَبَرَهَا: أَصَبْت بَعْضًا، وَأَخْطَأْت بَعْضًا»
وَقَالَ الصِّدِّيقُ: أَطِيعُونِي مَا أَطَعْت اللَّهَ، فَإِذَا عَصَيْت اللَّهَ فَلَا طَاعَةَ لِي عَلَيْكُمْ وَغَضِبَ مَرَّةً عَلَى رَجُلٍ فَقَالَ لَهُ أَبُو بُرْدَةَ: دَعْنِي أَضْرِبُ عُنُقَهُ، فَقَالَ لَهُ: أَكُنْت فَاعِلًا؟ قَالَ: نَعَمْ. فَقَالَ: مَا كَانَتْ لِأَحَدٍ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ.
وَلِهَذَا اتَّفَقَ الْأَئِمَّةُ عَلَى أَنَّ مَنْ سَبَّ نَبِيًّا قُتِلَ، وَمَنْ سَبَّ غَيْرَ النَّبِيِّ لَا يُقْتَلُ بِكُلِّ سَبٍّ سَبَّهُ؛ بَلْ يُفَصَّلُ فِي ذَلِكَ؛ فَإِنَّ مَنْ قَذَفَ أُمَّ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، قُتِلَ مُسْلِمًا كَانَ أَوْ كَافِرًا: لِأَنَّهُ قَدَحَ فِي نَسَبِهِ، وَلَوْ قَذَفَ غَيْرَ أُمِّ النَّبِيِّ مِمَّنْ لَمْ يَعْلَمْ بَرَاءَتَهَا لَمْ يُقْتَلْ.
وَكَذَلِكَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ كَانَ يُقِرُّ عَلَى نَفْسِهِ فِي مَوَاضِعَ بِمِثْلِ هَذِهِ، فَيَرْجِعُ عَنْ أَقْوَالٍ كَثِيرَةٍ إذَا تَبَيَّنَ لَهُ الْحَقُّ فِي خِلَافِ مَا قَالَ، وَيَسْأَلُ الصَّحَابَةَ عَنْ بَعْضِ السُّنَّةِ حَتَّى يَسْتَفِيدَهَا مِنْهُمْ، وَيَقُولُ فِي مَوَاضِعَ: وَاَللَّهِ مَا يَدْرِي عُمَرُ أَصَابَ الْحَقَّ أَوْ أَخْطَأَهُ.
وَيَقُولُ: امْرَأَةً أَصَابَتْ. وَرَجُلٌ أَخْطَأَ. وَمَعَ هَذَا فَقَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ النَّبِيِّ أَنَّهُ قَالَ: «قَدْ كَانَ فِي الْأُمَمِ قَبْلَكُمْ مُحَدَّثُونَ فَإِنْ يَكُنْ فِي أُمَّتِي أَحَدٌ فَعُمَرُ» وَفِي التِّرْمِذِيِّ: «لَوْ لَمْ أُبْعَثْ فِيكُمْ لَبُعِثَ فِيكُمْ عُمَرُ» وَقَالَ: «إنَّ اللَّهَ ضَرَبَ الْحَقَّ عَلَى لِسَانِ عُمَرَ وَقَلْبِهِ» فَإِذَا كَانَ الْمُحَدِّثُ الْمُلْهَمُ الَّذِي ضَرَبَ اللَّهُ الْحَقَّ عَلَى لِسَانِهِ وَقَلْبِهِ بِهَذِهِ

نام کتاب : الفتاوى الكبرى نویسنده : ابن تيمية    جلد : 3  صفحه : 489
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست