responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الفتاوى الكبرى نویسنده : ابن تيمية    جلد : 3  صفحه : 475
تَكْفِيرَ مَنْ نَقَصَ الرَّسُولَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَوْ تَكَلَّمَ بِمَا يَدُلُّ عَلَى نَقْصِهِ، وَهَذَا مُبَالَغَةٌ فِي تَعْظِيمِهِ؛ وَوُجُوبُ الِاحْتِرَازِ مِنْ الْكَلَامِ الَّذِي فِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى نَقْصِهِ.
ثُمَّ هُوَ مَعَ هَذَا بَيَّنَ أَنَّ عُلَمَاءَ الْمُسْلِمِينَ الْمُتَكَلِّمِينَ فِي الدُّنْيَا بِاجْتِهَادِهِمْ لَا يَجُوزُ تَكْفِيرُ أَحَدِهِمْ بِمُجَرَّدِ خَطَأٍ أَخْطَأَهُ فِي كَلَامِهِ، وَهَذَا كَلَامٌ حَسَنٌ تَجِبُ مُوَافَقَتُهُ عَلَيْهِ؛ فَإِنَّ تَسْلِيطَ الْجُهَّالِ عَلَى تَكْفِيرِ عُلَمَاءِ الْمُسْلِمِينَ مِنْ أَعْظَمِ الْمُنْكَرَاتِ؛ وَإِنَّمَا أَصْلُ هَذَا مِنْ الْخَوَارِجِ وَالرَّوَافِضِ الَّذِينَ يُكَفِّرُونَ أَئِمَّةَ الْمُسْلِمِينَ؛ لِمَا يَعْتَقِدُونَ أَنَّهُمْ أَخْطَئُوا فِيهِ مِنْ الدِّينِ.
وَقَدْ اتَّفَقَ أَهْلُ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ عَلَى أَنَّ عُلَمَاءَ الْمُسْلِمِينَ؛ لَا يَجُوزُ تَكْفِيرُهُمْ بِمُجَرَّدِ الْخَطَأِ الْمَحْضِ؛ بَلْ كُلُّ أَحَدٍ يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ وَيُتْرَكُ إلَّا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؛ وَلَيْسَ كُلُّ مَنْ يُتْرَكُ بَعْضُ كَلَامِهِ لِخَطَأٍ أَخْطَأَهُ يَكْفُرُ وَلَا يَفْسُقُ؛ بَلْ وَلَا يَأْثَمُ؛ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ فِي دُعَاءِ الْمُؤْمِنِينَ: {رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا} [البقرة: 286] . وَفِي الصَّحِيحِ عَنْ النَّبِيِّ: «أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ قَدْ فَعَلْت» .
وَاتَّفَقَ عُلَمَاءُ الْمُسْلِمِينَ عَلَى أَنَّهُ لَا يُكَفَّرُ أَحَدٌ مِنْ عُلَمَاءِ الْمُسْلِمِينَ الْمُنَازِعِينَ فِي عِصْمَةِ الْأَنْبِيَاءِ، وَاَلَّذِينَ قَالُوا: إنَّهُ يَجُوزُ عَلَيْهِمْ الصَّغَائِرُ وَالْخَطَأُ وَلَا يُقِرُّونَ عَلَى ذَلِكَ لَمْ يَكْفُرْ أَحَدٌ مِنْهُمْ بِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ؛ فَإِنَّ هَؤُلَاءِ يَقُولُونَ: إنَّهُمْ مَعْصُومُونَ مِنْ الْإِقْرَارِ عَلَى ذَلِكَ، وَلَوْ كَفَرَ هَؤُلَاءِ لَزِمَ تَكْفِيرُ كَثِيرٍ مِنْ الشَّافِعِيَّةِ، وَالْمَالِكِيَّةِ، وَالْحَنَفِيَّةِ، وَالْحَنْبَلِيَّةِ، وَالْأَشْعَرِيَّةِ، وَأَهْلِ الْحَدِيثِ، وَالتَّفْسِيرِ، وَالصُّوفِيَّةِ: الَّذِينَ لَيْسُوا كُفَّارًا بِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ؛ بَلْ أَئِمَّةُ هَؤُلَاءِ يَقُولُونَ بِذَلِكَ.
فَاَلَّذِي حَكَاهُ عَنْ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ الْغَزَالِيِّ قَدْ قَالَ مِثْلَهُ أَئِمَّةُ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ أَصْحَابُ الْوُجُوهِ الَّذِينَ هُمْ أَعْظَمُ فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ مِنْ أَبِي حَامِدٍ كَمَا قَالَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ الْإسْفَرايِينِيّ الَّذِي هُوَ إمَامُ الْمَذْهَبِ بَعْدَ الشَّافِعِيِّ، وَابْنِ سُرَيْجٍ فِي تَعْلِيقِهِ وَذَلِكَ أَنَّ عِنْدَنَا أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَجُوزُ عَلَيْهِ الْخَطَأُ كَمَا يَجُوزُ عَلَيْنَا وَلَكِنَّ الْفَرْقَ بَيْنَنَا أَنَّا نُقَرُّ عَلَى الْخَطَإِ وَالنَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَا يُقَرَّ عَلَيْهِ وَإِنَّمَا يَسْهُو لَيَسُنَّ وَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: «إنَّمَا أَسْهُو لِأَسُنَّ لَكُمْ» وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ قَدْ ذَكَرَهَا فِي أُصُولِ الْفِقْهِ هَذَا الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ، وَأَبُو الطَّيِّبِ

نام کتاب : الفتاوى الكبرى نویسنده : ابن تيمية    جلد : 3  صفحه : 475
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست