responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الفتاوى الكبرى نویسنده : ابن تيمية    جلد : 3  صفحه : 47
كَثُرَتْ فِي كَثِيرٍ مِنْ الْمُنْتَسِبِينَ إلَى الزُّهْدِ وَالْفَقْرِ، وَالتَّصَوُّفِ وَالْكَلَامِ وَالتَّفَلْسُفِ. وَكُفْرُ هَؤُلَاءِ قَدْ يَكُونُ مِنْ جِنْسِ كُفْرِ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى، وَقَدْ يَكُونُ أَعْظَمَ، وَقَدْ يَكُونُ أَخَفَّ بِحَسَبِ أَحْوَالِهِمْ.

وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ لَمْ يَجْعَلْ لَهُ أَحَدًا مِنْ الْأَنْبِيَاءٍ وَالْمُؤْمِنِينَ وَاسِطَةً فِي شَيْءٍ مِنْ الرُّبُوبِيَّةِ، وَالْأُلُوهِيَّةِ، مِثْلَ مَا يَنْفَرِدُ بِهِ مِنْ الْخَلْقِ وَالرِّزْقِ، وَإِجَابَةِ الدُّعَاءِ وَالنَّصْرِ عَلَى الْأَعْدَاءِ، وَقَضَاءِ الْحَاجَاتِ، وَتَفْرِيجِ الْكُرُبَاتِ؛ بَلْ غَايَةُ مَا يَكُونُ الْعَبْدُ سَبَبًا: مِثْلُ أَنْ يَدْعُوَ أَوْ يَشْفَعَ، وَاَللَّهُ تَعَالَى يَقُولُ: {مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلا بِإِذْنِهِ} [البقرة: 255] وَيَقُولُ: {وَلا يَشْفَعُونَ إِلا لِمَنِ ارْتَضَى} [الأنبياء: 28] وَيَقُولُ: {وَكَمْ مِنْ مَلَكٍ فِي السَّمَاوَاتِ لا تُغْنِي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا إِلا مِنْ بَعْدِ أَنْ يَأْذَنَ اللَّهُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَرْضَى} [النجم: 26] وَقَالَ تَعَالَى: {قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِهِ فَلا يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنْكُمْ وَلا تَحْوِيلا} [الإسراء: 56] {أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُورًا} [الإسراء: 57] . قَالَ طَائِفَةٌ مِنْ السَّلَفِ: كَانَ أَقْوَامٌ يَدْعُونَ الْمَلَائِكَةَ وَالْأَنْبِيَاءَ، فَنَهَاهُمْ اللَّهُ عَنْ ذَلِكَ. فِي قَوْله تَعَالَى: {مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُؤْتِيَهُ اللَّهُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُوا عِبَادًا لِي مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَكِنْ كُونُوا رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنْتُمْ تَدْرُسُونَ} [آل عمران: 79] {وَلا يَأْمُرَكُمْ أَنْ تَتَّخِذُوا الْمَلائِكَةَ وَالنَّبِيِّينَ أَرْبَابًا أَيَأْمُرُكُمْ بِالْكُفْرِ بَعْدَ إِذْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} [آل عمران: 80] فَبَيَّنَ سُبْحَانَهُ أَنَّ اتِّخَاذَ الْمَلَائِكَةِ وَالنَّبِيِّينَ أَرْبَابًا كُفْرٌ، وَلِهَذَا كَانَ النَّاسُ فِي الشَّفَاعَةِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ: فَالْمُشْرِكُونَ أَثْبَتُوا الشَّفَاعَةَ، الَّتِي هِيَ شِرْكٌ؛ كَشَفَاعَةِ الْمَخْلُوقِ عِنْدَ الْمَخْلُوقِ، كَمَا يَشْفَعُ عِنْدَ الْمُلُوكِ خَوَاصُّهُمْ لِحَاجَةِ الْمُلُوكِ إلَى ذَلِكَ، فَيَسْأَلُونَهُمْ بِغَيْرِ إذْنِهِمْ، وَتُجِيبُ الْمُلُوكُ سُؤَالَهُمْ لِحَاجَتِهِمْ إلَيْهِمْ، فَاَلَّذِينَ أَثْبَتُوا مِثْلَ هَذِهِ الشَّفَاعَةِ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى مُشْرِكُونَ كُفَّارٌ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَا يَشْفَعُ عِنْدَهُ أَحَدٌ إلَّا بِإِذْنِهِ، وَلَا يَحْتَاجُ إلَى

نام کتاب : الفتاوى الكبرى نویسنده : ابن تيمية    جلد : 3  صفحه : 47
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست