responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الفتاوى الكبرى نویسنده : ابن تيمية    جلد : 3  صفحه : 448
النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَكَانَ قَدْ بَايَعَ أَصْحَابَهُ تَحْتَ الشَّجَرَةِ عَامَ الْحُدَيْبِيَةِ سَنَةَ سِتٍّ مِنْ الْهِجْرَةِ، وَصَالَحَ الْمُشْرِكِينَ صُلْحَ الْحُدَيْبِيَةِ الْمَشْهُورَ، وَبِذَلِكَ الصُّلْحِ حَصَلَ مِنْ الْفَتْحِ مَا لَا يَعْلَمُهُ إلَّا اللَّهُ؛ مَعَ أَنَّهُ قَدْ كَانَ كَرِهَهُ خَلْقٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ؛ وَلَمْ يَعْلَمُوا مَا فِيهِ مِنْ حُسْنِ الْعَاقِبَةِ حَتَّى قَالَ سَهْلُ بْنُ حُنَيْفٍ: أَيُّهَا النَّاسُ، اتَّهِمُوا الرَّأْيَ، فَقَدْ رَأَيْتُنِي يَوْمَ أَبِي جَنْدَلٍ وَلَوْ أَسْتَطِيعُ أَنْ أَرُدَّ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمْرَهُ لَرَدَدْتُ. رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَغَيْرُهُ، فَلَمَّا كَانَ مِنْ الْعَامِ الْقَابِلِ اعْتَمَرَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَدَخَلَ هُوَ وَمَنْ اعْتَمَرَ مَعَهُ مَكَّةَ مُعْتَمِرِينَ، وَأَهْلُ مَكَّةَ يَوْمَئِذٍ مَعَ الْمُشْرِكِينَ؛ وَلَمَّا كَانَ فِي الْعَامِ الثَّامِنِ فَتَحَ مَكَّةَ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ؛ وَقَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ فِي سُورَةِ الْفَتْحِ: {لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ لا تَخَافُونَ فَعَلِمَ مَا لَمْ تَعْلَمُوا فَجَعَلَ مِنْ دُونِ ذَلِكَ فَتْحًا قَرِيبًا} [الفتح: 27] فَوَعَدَهُمْ فِي سُورَةِ الْفَتْحِ أَنْ يَدْخُلُوا مَكَّةَ آمَنِينَ، وَأَنْجَزَ مَوْعِدَهُ مِنْ الْعَامِ الثَّانِي، وَأَنْزَلَ فِي ذَلِكَ: {الشَّهْرُ الْحَرَامُ بِالشَّهْرِ الْحَرَامِ وَالْحُرُمَاتُ قِصَاصٌ} [البقرة: 194] وَذَلِكَ كُلُّهُ قَبْلَ فَتْحِ مَكَّةَ، فَمَنْ تَوَهَّمَ أَنَّ " سُورَةَ الْفَتْحِ " نَزَلَتْ بَعْدَ فَتْحِ مَكَّةَ فَقَدْ غَلِطَ غَلَطًا بَيِّنًا.
" وَالْمَقْصُودُ " أَنَّ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَحِبُوهُ قَبْلَ الْفَتْحِ اُخْتُصُّوا مِنْ الصُّحْبَةِ بِمَا اسْتَحَقُّوا بِهِ التَّفْضِيلَ عَلَى مَنْ بَعْدَهُمْ، حَتَّى «قَالَ لِخَالِدٍ: لَا تَسُبُّوا أَصْحَابِي» فَإِنَّهُمْ صَحِبُوهُ قَبْلَ أَنْ يَصْحَبَهُ خَالِدٌ وَأَمْثَالُهُ.
وَلَمَّا كَانَ " لِأَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - مِنْ مَزِيَّةِ الصُّحْبَةِ مَا تَمَيَّزَ بِهِ عَلَى جَمِيعِ الصَّحَابَةِ خَصَّهُ بِذَلِكَ فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ، الَّذِي رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ، أَنَّهُ «كَانَ بَيْنَ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ كَلَامٌ، فَطَلَبَ أَبُو بَكْرٍ مِنْ عُمَرَ أَنْ يَسْتَغْفِرَ لَهُ فَامْتَنَعَ عُمَرُ، وَجَاءَ أَبُو بَكْرٍ إلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَذَكَرَ لَهُ مَا جَرَى؛ ثُمَّ إنَّ عُمَرَ نَدِمَ، فَخَرَجَ يَطْلُبُ أَبَا بَكْرٍ فِي بَيْتِهِ، فَذَكَرَ لَهُ أَنَّهُ كَانَ عِنْدَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَلَمَّا جَاءَ عُمَرُ أَخَذَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَغْضَبُ لِأَبِي بَكْرٍ؛ وَقَالَ: أَيُّهَا النَّاسُ، إنِّي جِئْت إلَيْكُمْ فَقُلْت: إنِّي رَسُولُ اللَّهِ إلَيْكُمْ، فَقُلْتُمْ كَذَبْت، وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ صَدَقْت فَهَلْ أَنْتُمْ تَارِكُوا لِي صَاحِبِي؟ فَهَلْ أَنْتُمْ تَارِكُوا لِي صَاحِبِي؟» فَمَا أُوذِيَ بَعْدَهَا. فَهُنَا خَصَّهُ بِاسْمِ الصُّحْبَةِ، كَمَا خَصَّهُ بِهِ الْقُرْآنُ فِي قَوْله تَعَالَى

نام کتاب : الفتاوى الكبرى نویسنده : ابن تيمية    جلد : 3  صفحه : 448
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست