responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الفتاوى الكبرى نویسنده : ابن تيمية    جلد : 3  صفحه : 374
زَرَعَ، وَالْأَبُ اسْتَأْجَرَهَا بِالْمَهْرِ كَمَا يَسْتَأْجِرُ الْأَرْضَ، وَأَنْفَقَ عَلَى الزَّرْعِ بِإِنْفَاقِهِ لَمَّا كَانَتْ حَامِلًا، ثُمَّ أَنْفَقَ عَلَى الرَّضِيعِ، كَمَا يُنْفِقُ الْمُسْتَأْجِرُ عَلَى الزَّرْعِ وَالثَّمَرِ إذَا كَانَ مَسْتُورًا وَإِذَا بَرَزَ؛ فَالزَّرْعُ هُوَ الْوَلَدُ، وَهُوَ مِنْ كَسْبِهِ.
وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ لِلْأَبِ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ مَالِهِ مَا لَا يَضُرُّ بِهِ؛ كَمَا جَاءَتْ بِهِ السُّنَّةُ، وَإِنَّ مَالَهُ لِلْأَبِ مُبَاحٌ، وَإِنْ كَانَ مِلْكًا لِلِابْنِ فَهُوَ مُبَاحٌ لِلْأَبِ أَنْ يَمْلِكَهُ وَإِلَّا بَقِيَ لِلِابْنِ؛ فَإِذَا مَاتَ وَلَمْ يَتَمَلَّكْهُ وَرِثَ عَنْ الِابْنِ. وَلِلْأَبِ أَيْضًا أَنْ يَسْتَخْدِمَ الْوَلَدَ مَا لَمْ يَضُرَّ بِهِ.
وَفِي هَذَا وُجُوبُ طَاعَةِ الْأَبِ عَلَى الِابْنِ إذَا كَانَ الْعَمَلُ مُبَاحًا لَا يَضُرُّ بِالِابْنِ؛ فَإِنَّهُ لَوْ اسْتَخْدَمَ عَبْدَهُ فِي مَعْصِيَةٍ أَوْ اعْتَدَى عَلَيْهِ لَمْ يَجُزْ فَالِابْنُ أَوْلَى. وَنَفْعُ الِابْنِ لَهُ إذَا لَمْ يَأْخُذْهُ الْأَبُ؛ بِخِلَافِ نَفْعِ الْمَمْلُوكِ فَإِنَّهُ لِمَالِكِهِ، كَمَا أَنَّ مَالَهُ لَوْ مَاتَ لِمَالِكِهِ لَا لِوَارِثِهِ. وَدَلَّ مَا ذَكَرَهُ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِلرَّجُلِ أَنْ يَطَأَ حَامِلًا مِنْ غَيْرِهِ، وَأَنَّهُ إذَا وَطِئَهَا كَانَ كَسَقْيِ الزَّرْعِ يَزِيدُ فِيهِ وَيُنَمِّيهِ وَيَبْقَى لَهُ شِرْكَةٌ فِي الْوَلَدِ، فَيَحْرُمُ عَلَيْهِ اسْتِعْبَادُ هَذَا الْوَلَدِ، فَلَوْ مَلَكَ أَمَةً حَامِلًا مِنْ غَيْرِهِ وَوَطِئَهَا حَرُمَ اسْتِعْبَادُ هَذَا الْوَلَدِ؛ لِأَنَّهُ سَقَاهُ؛ وَلِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «كَيْفَ يَسْتَعْبِدُهُ وَهُوَ لَا يَحِلُّ لَهُ» . " وَكَيْفَ يُوَرِّثُهُ " أَيْ يَجْعَلُهُ مَوْرُوثًا مِنْهُ " وَهُوَ لَا يَحِلُّ لَهُ ".
وَمَنْ ظَنَّ أَنَّ الْمُرَادَ: كَيْفَ يَجْعَلُهُ وَارِثًا. فَقَدْ غَلِطَ؛ لِأَنَّ تِلْكَ الْمَرْأَةَ كَانَتْ أَمَةً لِلْوَاطِئِ، وَالْعَبْدُ لَا يُجْعَلُ وَارِثًا، إنَّمَا يُجْعَلُ مَوْرُوثًا. فَأَمَّا إذَا اُسْتُبْرِئَتْ الْمَرْأَةُ عُلِمَ أَنَّهُ لَا زَرْعَ هُنَاكَ. وَلَوْ كَانَتْ بِكْرًا أَوْ عِنْدَ مَنْ لَا يَطَؤُهَا فَفِيهِ نِزَاعٌ، وَالْأَظْهَرُ جَوَازُ الْوَطْءِ؛ لِأَنَّهُ لَا زَرْعَ هُنَاكَ، وَظُهُورُ بَرَاءَةِ الرَّحِمِ هُنَا أَقْوَى مِنْ بَرَاءَتِهَا مِنْ الِاسْتِبْرَاءِ بِحَيْضَةٍ؛ فَإِنَّ الْحَامِلَ قَدْ يَخْرُجُ مِنْهَا مِنْ الدَّمِ مِثْلُ دَمِ الْحَيْضِ؛ وَإِنْ كَانَ نَادِرًا.
وَقَدْ تَنَازَعَ الْعُلَمَاءُ هَلْ هُوَ حَيْضٌ أَوْ لَا؟ فَالِاسْتِبْرَاءُ لَيْسَ دَلِيلًا قَاطِعًا عَلَى بَرَاءَةِ الرَّحِمِ؛ بَلْ دَلِيلٌ ظَاهِرٌ. وَالْبَكَارَةُ وَكَوْنُهَا كَانَتْ مَمْلُوكَةً لِصَبِيٍّ أَوْ امْرَأَةٍ أَدَلُّ عَلَى الْبَرَاءَةِ وَإِنْ كَانَ الْبَائِعُ صَادِقًا وَأَخْبَرَهُ أَنَّهُ اسْتَبْرَأَهَا حَصَلَ الْمَقْصُودُ، وَاسْتِبْرَاءُ الصَّغِيرَةِ الَّتِي لَمْ تَحِضْ وَالْعَجُوزِ وَالْآيِسَةِ فِي غَايَةِ الْبُعْدِ.
وَلِهَذَا اضْطَرَبَ الْقَائِلُونَ هَلْ تُسْتَبْرَأُ بِشَهْرٍ؟ أَوْ شَهْرٍ وَنِصْفٍ؟ أَوْ شَهْرَيْنِ؟ أَوْ ثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ؟ وَكُلُّهَا أَقْوَالٌ ضَعِيفَةٌ. وَابْنُ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - لَمْ يَكُنْ يَسْتَبْرِئُ الْبِكْرَ، وَلَا

نام کتاب : الفتاوى الكبرى نویسنده : ابن تيمية    جلد : 3  صفحه : 374
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست