responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الفتاوى الكبرى نویسنده : ابن تيمية    جلد : 3  صفحه : 372
بِذَلِكَ، وَكَانَ عَلَى الْأَبِ رِزْقُهَا وَكِسْوَتُهَا، وَإِنْ أَرَادَ الْأَبُ الْإِتْمَامَ كَانَ لَهُ ذَلِكَ؛ فَإِنَّهُ لَمْ يُبَحْ الْفِصَالُ إلَّا بِتَرَاضِيهِمَا جَمِيعًا. يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ قَوْله تَعَالَى: {لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ} [البقرة: 233] .
وَلَفْظَةُ {مِنْ} [البقرة: 4] إمَّا أَنْ يُقَالَ: هُوَ عَامٌّ يَتَنَاوَلُ هَذَا وَهَذَا وَيَدْخُلُ فِيهِ الذَّكَرُ وَالْأُنْثَى، فَمَنْ أَرَادَ الْإِتْمَامَ أَرْضَعْنَ لَهُ. وَإِمَّا أَنْ يُقَالَ: قَوْله تَعَالَى: {لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ} [البقرة: 233] إنَّمَا هُوَ الْمَوْلُودُ لَهُ وَهُوَ الْمُرْضَعُ لَهُ. فَالْأُمُّ تَلِدُ لَهُ وَتَرْضِعُ لَهُ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ} [الطلاق: 6] . وَالْأُمُّ كَالْأَجِيرِ مَعَ الْمُسْتَأْجِرِ. فَإِنْ أَرَادَ الْأَبُ الْإِتْمَامَ أَرْضَعْنَ لَهُ، وَإِنْ أَرَادَ أَنْ لَا يُتِمَّ [فَلَهُ ذَلِكَ] وَعَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ فَمَنْطُوقُ الْآيَةِ أَمْرُهُنَّ بِإِرْضَاعِهِ عِنْدَ إرَادَةِ الْأَبِ، وَمَفْهُومُهَا أَيْضًا جَوَازُ الْفَصْلِ بِتَرَاضِيهِمَا. يَبْقَى إذَا أَرَادَتْ الْأُمُّ دُونَ الْأَبِ مَسْكُوتًا عَنْهُ؛ لَكِنْ مَفْهُومُ قَوْله تَعَالَى: {عَنْ تَرَاضٍ} [البقرة: 233] أَنَّهُ لَا يَجُوزُ، كَمَا ذَكَرَ ذَلِكَ مُجَاهِدٌ وَغَيْرُهُ؛ وَلَكِنْ تَنَاوَلَهُ قَوْله تَعَالَى: {فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ} [الطلاق: 6] ، فَإِنَّهَا إذَا أَرْضَعَتْ تَمَامَ الْحَوْلِ فَلَهُ أَرْضَعَتْ، وَكَفَتْهُ بِذَلِكَ مُؤْنَةَ الطِّفْلِ، فَلَوْلَا رَضَاعَهَا لَاحْتَاجَ إلَى أَنْ يُطْعِمَهُ شَيْئًا آخَرَ.
فَفِي هَذِهِ الْآيَةِ بَيَّنَ أَنَّ عَلَى الْأُمِّ الْإِتْمَامَ إذَا أَرَادَ الْأَبُ، وَفِي تِلْكَ بَيَّنَ أَنَّ عَلَى الْأَبِ الْأَجْرَ إذَا أَبَتْ الْمَرْأَةُ قَالَ مُجَاهِدٌ: " التَّشَاوُرُ " فِيمَا دُونَ الْحَوْلَيْنِ: إنْ أَرَادَتْ أَنْ تَفْطِمَ وَأَبَى فَلَيْسَ لَهَا، وَإِنْ أَرَادَ هُوَ وَلَمْ تُرِدْ فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ حَتَّى يَقَعَ ذَلِكَ عَلَى تَرَاضٍ مِنْهُمَا وَتَشَاوُرٍ، يَقُولُ: غَيْرُ مُسِيئِينَ إلَى أَنْفُسِهِمَا وَلَا رَضِيعِهِمَا.
وقَوْله تَعَالَى: {إِذَا سَلَّمْتُمْ مَا آتَيْتُمْ بِالْمَعْرُوفِ} [البقرة: 233] . قَالَ إذَا أَسْلَمْتُمْ أَيُّهَا الْآبَاءُ إلَى أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ أَجْرَ مَا أَرْضَعْنَ قَبْلَ امْتِنَاعِهِنَّ؛ رُوِيَ عَنْ مُجَاهِدٍ وَالسُّدِّيِّ وَقِيلَ: إذَا أَسْلَمْتُمْ إلَى الظِّئْرِ أَجْرَهَا: بِالْمَعْرُوفِ، رُوِيَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَمُقَاتِلٍ. وَقَرَأَ ابْنُ كَثِيرٍ: {أَتَيْتُمْ} بِالْقَصْرِ.
وقَوْله تَعَالَى: {وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} [البقرة: 233] وَلَمْ يَقُلْ: وَعَلَى الْوَالِدِ كَمَا قَالَ وَالْوَالِدَاتُ لِأَنَّ الْمَرْأَةَ هِيَ الَّتِي تَلِدُهُ، وَأَمَّا الْأَبُ فَلَمْ يَلِدْهُ؛ بَلْ هُوَ مَوْلُودٌ لَهُ لَكِنْ إذَا قُرِنَ بَيْنَهُمَا قِيلَ: {وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا} [الإسراء: 23] فَأَمَّا مَعَ الْإِفْرَادِ فَلَيْسَ فِي الْقُرْآنِ تَسْمِيَتُهُ وَالِدًا، بَلْ أَبًا. وَفِيهِ بَيَانُ أَنَّ الْوَلَدَ وَلَدٌ لِلْأَبِ؛ لَا لِلْأُمِّ؛ وَلِهَذَا كَانَ

نام کتاب : الفتاوى الكبرى نویسنده : ابن تيمية    جلد : 3  صفحه : 372
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست