responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الفتاوى الكبرى نویسنده : ابن تيمية    جلد : 3  صفحه : 34
الْمَيِّتِ، وَإِنْ تَصَدَّقَ بِذَلِكَ مَنْ يَسْتَعِينُ عَلَى قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ وَتَعْلِيمِهِ كَانَ أَفْضَلَ، وَأَحْسَنَ، فَإِنَّ إعَانَةَ الْمُسْلِمِينَ بِأَنْفُسِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ عَلَى تَعَلُّمِ الْقُرْآنِ وَقِرَاءَتِهِ وَتَعْلِيمِهِ مِنْ أَفْضَلِ الْأَعْمَالِ.
وَأَمَّا صَنْعَةُ أَهْلِ الْمَيِّتِ طَعَامًا يَدْعُونَ النَّاسَ إلَيْهِ فَهَذَا غَيْرُ مَشْرُوعٍ وَإِنَّمَا هُوَ بِدْعَةٌ، بَلْ قَدْ قَالَ جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: كُنَّا نَعُدُّ الِاجْتِمَاعَ إلَى أَهْلِ الْمَيِّتِ، وَصَنْعَتَهُمْ الطَّعَامَ لِلنَّاسِ مِنْ النِّيَاحَةِ.
وَإِنَّمَا الْمُسْتَحَبُّ إذَا مَاتَ الْمَيِّتُ أَنْ يُصْنَعَ لِأَهْلِهِ طَعَامٌ، كَمَا «قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمَّا جَاءَ نَعْيُ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ: اصْنَعُوا لِآلِ جَعْفَرٍ طَعَامًا، فَقَدْ أَتَاهُمْ مَا يَشْغَلُهُمْ» .
وَأَمَّا الْقِرَاءَةُ الدَّائِمَةُ عَلَى الْقُبُورِ، فَلَمْ تَكُنْ مَعْرُوفَةً عِنْدَ السَّلَفِ. وَقَدْ تَنَازَعَ النَّاسُ فِي الْقِرَاءَةِ عَلَى الْقَبْرِ، فَكَرِهَهَا أَبُو حَنِيفَةَ وَمَالِكٌ، وَأَحْمَدُ فِي أَكْثَرِ الرِّوَايَاتِ عَنْهُ، وَرَخَّصَ فِيهَا فِي الرِّوَايَةِ الْمُتَأَخِّرَةِ، لَمَّا بَلَغَهُ أَنَّ عَبْدَ اللَّهَ بْنَ عُمَرَ أَوْصَى أَنْ يُقْرَأَ عِنْدَ دَفْنِهِ بِفَوَاتِحِ الْبَقَرَةِ، وَخَوَاتِمِهَا.
وَقَدْ نُقِلَ عَنْ بَعْضِ الْأَنْصَارِ أَنَّهُ أَوْصَى عِنْدَ قَبْرِهِ بِالْبَقَرَةِ، وَهَذَا إنَّمَا كَانَ عِنْدَ الدَّفْنِ، فَأَمَّا بَعْدَ ذَلِكَ فَلَمْ يُنْقَلْ عَنْهُمْ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ، وَلِهَذَا فَرَّقَ فِي الْقَوْلِ الثَّالِثِ بَيْنَ الْقِرَاءَةِ حِينَ الدَّفْنِ، وَالْقِرَاءَةِ الرَّاتِبَةِ بَعْدَ الدَّفْنِ، فَإِنَّ هَذَا بِدْعَةٌ لَا يُعْرَفُ لَهَا أَصْلٌ.
وَمَنْ قَالَ: إنَّ الْمَيِّتَ يَنْتَفِعُ بِسَمَاعِ الْقُرْآنِ، وَيُؤْجَرُ عَلَى ذَلِكَ، فَقَدْ غَلِطَ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «إذَا مَاتَ ابْنُ آدَمَ انْقَطَعَ عَمَلُهُ إلَّا مِنْ ثَلَاثٍ: صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ، أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ، أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ» . فَالْمَيِّتُ بَعْدَ الْمَوْتِ لَا يُثَابُ عَلَى سَمَاعٍ، وَلَا غَيْرِهِ. وَإِنْ كَانَ الْمَيِّتُ يَسْمَعُ قَرْعَ نِعَالِهِمْ، وَيَسْمَعُ سَلَامَ الَّذِي يُسَلِّمُ عَلَيْهِ، وَيَسْمَعُ غَيْرَ ذَلِكَ، لَكِنْ لَمْ يَبْقَ لَهُ عَمَلٌ غَيْرُ مَا اُسْتُثْنِيَ.
وَأَمَّا بِنَاءُ الْمَسَاجِدِ عَلَى الْقُبُورِ، وَتُسَمَّى " مَشَاهِدَ " فَهَذَا غَيْرُ سَائِغٍ؛ بَلْ جَمِيعُ الْأُمَّةِ يَنْهَوْنَ عَنْ ذَلِكَ، لِمَا ثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: «لَعَنَ اللَّهُ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى، اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ، يُحَذِّرُ مَا فَعَلُوا. قَالَتْ عَائِشَةُ: وَلَوْلَا

نام کتاب : الفتاوى الكبرى نویسنده : ابن تيمية    جلد : 3  صفحه : 34
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست