responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الفتاوى الكبرى نویسنده : ابن تيمية    جلد : 3  صفحه : 312
وَهَذَا الْمَعْنَى ثَابِتٌ عِنْدَ جَمِيعِ النَّاسِ: الْعَرَبِ وَغَيْرِهِمْ، وَإِنَّمَا تَتَنَوَّعُ اللُّغَاتُ فِي الْأَلْفَاظِ؛ لَا فِي الْمَعَانِي؛ بَلْ مَا كَانَ مَعْنَاهُ يَمِينًا أَوْ أَمْرًا أَوْ نَهْيًا عِنْدَ الْعَجَمِ، فَكَذَلِكَ مَعْنَاهُ يَمِينٌ أَوْ أَمْرٌ أَوْ نَهْيٌ عِنْدَ الْعَرَبِ.
وَهَذَا أَيْضًا يَمِينُ الصَّحَابَةِ - رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ -؛ وَهُوَ يَمِينٌ فِي الْعُرْفِ الْعَامِّ، وَيَمِينٌ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ كُلِّهِمْ.
وَإِذَا كَانَ يَمِينًا فَلَيْسَ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ لِلْيَمِينِ إلَّا حُكْمَانِ: إمَّا أَنْ تَكُونَ الْيَمِينُ مُنْعَقِدَةً مُحْتَرَمَةً فَفِيهَا الْكَفَّارَةُ. وَإِمَّا أَنْ لَا تَكُونَ مُنْعَقِدَةً مُحْتَرَمَةً - كَالْحَلِفِ بِالْمَخْلُوقَاتِ: مِثْلُ الْكَعْبَةِ، وَالْمَلَائِكَةِ؛ وَغَيْرِ ذَلِكَ - فَهَذَا لَا كَفَّارَةَ فِيهِ بِالِاتِّفَاقِ. فَأَمَّا يَمِينٌ مُنْعَقِدَةٌ، مُحْتَرَمَةٌ، غَيْرُ مُكَفَّرَةٍ: فَهَذَا حُكْمٌ لَيْسَ فِي كِتَابِ اللَّهِ وَلَا فِي سُنَّةِ رَسُولِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَا يَقُومُ دَلِيلٌ شَرْعِيٌّ سَالِمٌ عَنْ الْمُعَارِضِ الْمَقَامَ. فَإِنْ كَانَتْ هَذِهِ الْيَمِينُ مِنْ أَيْمَانِ الْمُسْلِمِينَ فَقَدْ دَخَلَتْ فِي قَوْله تَعَالَى لِلْمُسْلِمِينَ: {قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ} [التحريم: 2] . وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مِنْ أَيْمَانِهِمْ؛ بَلْ كَانَتْ مِنْ الْحَلِفِ بِالْمَخْلُوقَاتِ: فَلَا يَجِبُ بِالْحِنْثِ لَا كَفَّارَةٌ وَلَا غَيْرُهَا، فَتَكُونُ مُهْدَرَةً.
فَهَذَا وَنَحْوُهُ مِنْ دَلَالَةِ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَالِاعْتِبَارُ يُبَيِّنُ أَنَّ الْإِلْزَامَ بِوُقُوعِ الطَّلَاقِ لِلْحَالِفِ مِنْ يَمِينِهِ حُكْمٌ يُخَالِفُ الْكِتَابَ وَالسُّنَّةَ، وَحَسَبُ الْقَوْلِ الْآخَرِ أَنْ يَكُونَ مِمَّا يَسُوغُ الِاجْتِهَادُ. فَأَمَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّهُ لَمْ يَجِبْ عَلَى الْمُسْلِمِينَ كُلِّهِمْ الْعَمَلُ بِهَذَا الْقَوْلِ، وَيَحْرُمُ عَلَيْهِمْ الْعَمَلُ بِذَلِكَ الْقَوْلِ: فَهَذَا لَا يَقُولُهُ أَحَدٌ مِنْ عُلَمَاءِ الْمُسْلِمِينَ بَعْدَ أَنْ يَعْرِفَ مَا بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ مِنْ النِّزَاعِ وَالْأَدِلَّةِ. وَمَنْ قَالَ بِالْقَوْلِ الْمَرْجُوحِ وَخَفِيَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ الرَّاجِحُ كَأَنْ حَسِبَهُ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ سَائِغًا لَا يُمْنَعُ مِنْ الْحُكْمِ بِهِ وَالْفُتْيَا بِهِ.
أَمَّا إلْزَامُ الْمُسْلِمِينَ بِهَذَا الْقَوْلِ، وَمَنْعِهِمْ مِنْ الْقَوْلِ الَّذِي دَلَّ عَلَيْهِ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ: فَهَذَا خِلَافُ أَمْرِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَعِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ مِنْ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ وَغَيْرِهِمْ. فَمَنْ مَنَعَ الْحُكْمَ وَالْفُتْيَا بِعَدَمِ وُقُوعِ الطَّلَاقِ وَتَقْلِيدِ مَنْ نَفَى بِذَلِكَ فَقَدْ خَالَفَ كِتَابَ اللَّهِ وَسُنَّةَ رَسُولِهِ وَإِجْمَاعَ الْمُسْلِمِينَ. وَلَا يَفْعَلُ ذَلِكَ إلَّا مَنْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ عِلْمٌ، فَهَذَا حَسْبُهُ أَنْ يُعْذَرَ؛ لَا يَجِبُ اتِّبَاعُهُ، وَمُعَانِدٌ مُتَّبِعٌ لِهَوَاهُ لَا يَقْبَلُ الْحَقَّ إذَا ظَهَرَ لَهُ، وَلَا يُصْغِي لِمَنْ يَقُولُهُ لِيَعْرِفَ مَا قَالَ؛ بَلْ يَتَّبِعُ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنْ اللَّهِ: {وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللَّهِ} [القصص: 50]

نام کتاب : الفتاوى الكبرى نویسنده : ابن تيمية    جلد : 3  صفحه : 312
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست