responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الفتاوى الكبرى نویسنده : ابن تيمية    جلد : 3  صفحه : 308
فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ جَمِيعِهَا بِأَنَّهُ إذَا حَنِثَ لَا يَلْزَمُهُ مَا حَلَفَ بِهِ؛ بَلْ إمَّا أَنْ لَا يَجِبَ عَلَيْهِ شَيْءٌ. وَإِمَّا أَنْ تَجْزِيَهُ الْكَفَّارَةُ. وَيَسُوغُ لِلْمُفْتِي أَنْ يَقْضِيَ بِذَلِكَ. وَمَا زَالَ فِي الْمُسْلِمِينَ مَنْ يُفْتِي بِذَلِكَ مِنْ حِينِ حَدَثَ الْحَلِفُ بِهَا. وَإِلَى هَذِهِ الْأَزْمِنَةِ؛ مِنْهُمْ مَنْ يُفْتِي بِالْكَفَّارَةِ فِيهَا. وَمِنْهُمْ مَنْ يُفْتِي بِأَنَّهُ لَا كَفَّارَةَ فِيهَا، وَلَا لُزُومَ الْمَحْلُوفِ بِهِ كَمَا أَنَّ مِنْهُمْ مَنْ يُفْتِي بِلُزُومِ الْمَحْلُوفِ بِهِ. وَهَذِهِ الْأَقْوَالُ الثَّلَاثَةُ فِي الْأُمَّةِ مَنْ يُفْتِي بِهَا بِالْحَلِفِ بِالطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ وَالْحَرَامِ وَالنَّذْرِ. وَأَمَّا إذَا حَلَفَ بِالْمَخْلُوقَاتِ كَالْكَعْبَةِ، وَالْمَلَائِكَةِ؛ فَإِنَّهُ لَا كَفَّارَةَ فِي هَذَا بِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ. فَالْأَيْمَانُ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ:
أَمَّا الْحَلِفُ بِاَللَّهِ فَفِيهِ الْكَفَّارَةُ بِالِاتِّفَاقِ. وَأَمَّا الْحَلِفُ بِالْمَخْلُوقَاتِ فَلَا كَفَّارَةَ فِيهِ بِالِاتِّفَاقِ؛ إلَّا الْحَلِفَ بِالنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. قَوْلَانِ فِي مَذْهَبِ أَحْمَدَ، وَالْجُمْهُورِ أَنَّهُ لَا كَفَّارَةَ فِيهِ، وَقَدْ عَدَّى بَعْضُ أَصْحَابِ ذَلِكَ إلَى جَمِيعِ النَّبِيِّينَ.
وَجَمَاهِيرُ الْعُلَمَاءِ مِنْ أَصْحَابِ أَحْمَدَ وَغَيْرِهِمْ عَلَى خِلَافِ ذَلِكَ. وَأَمَّا مَا عُقِدَ مِنْ الْأَيْمَانِ بِاَللَّهِ تَعَالَى وَهُوَ هَذِهِ الْأَيْمَانُ فَلِلْمُسْلِمِينَ فِيهَا ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ، وَإِنْ كَانَ مِنْ النَّاسِ مَنْ ادَّعَى الْإِجْمَاعَ فِي بَعْضِهَا: فَهَذَا كَمَا أَنَّ كَثِيرًا مِنْ مَسَائِلِ النِّزَاعِ يَدَّعِي فِيهَا الْإِجْمَاعَ مَنْ لَمْ يَعْلَمْ النِّزَاعَ، وَمَقْصُودُهُ أَنِّي لَا أَعْلَمُ نِزَاعًا. فَمَنْ عَلِمَ النِّزَاعَ وَأَثْبَتَهُ كَانَ مُثْبِتًا عَالِمًا، وَهُوَ مُقَدَّمٌ عَلَى النَّافِي الَّذِي لَا يَعْلَمُهُ بِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ.
وَإِذَا كَانَتْ الْمَسْأَلَةُ مَسْأَلَةَ نِزَاعٍ فِي السَّلَفِ وَالْخَلْفِ، وَلَمْ يَكُنْ مَعَ مَنْ أَلْزَمَ الْحَالِفَ بِالطَّلَاقِ أَوْ غَيْرَهُ نَصُّ كِتَابٍ وَلَا سُنَّةٍ وَلَا إجْمَاعٍ؛ كَانَ الْقَوْلُ يَنْفِي لُزُومَهُ سَائِغًا بِاتِّفَاقِ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ وَسَائِرِ أَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ؛ بَلْ هُمْ مُتَّفِقُونَ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يَمْنَعَ قَاضِيًا يَصْلُحُ لِلْقَضَاءِ أَنْ يَقْضِيَ بِذَلِكَ، وَلَا يَمْنَعَ مُفْتِيًا يَصْلُحُ لِلْفُتْيَا أَنْ يُفْتِيَ بِذَلِكَ؛ بَلْ هُمْ يُسَوِّغُونَ الْفُتْيَا وَالْقَضَاءَ فِي أَقْوَالٍ ضَعِيفَةٍ؛ لِوُجُودِ الْخِلَافِ فِيهَا، فَكَيْفَ يَمْنَعُونَ مِثْلَ هَذَا الْقَوْلَ الَّذِي دَلَّ عَلَيْهِ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ وَالْقِيَاسُ الصَّحِيحُ الشَّرْعِيُّ، وَالْقَوْلُ بِهِ ثَابِتٌ عَنْ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ؛ بَلْ الصَّحَابَةُ الَّذِينَ هُمْ خَيْرُ هَذِهِ الْأُمَّةِ ثَبَتَ عَنْهُمْ أَنَّهُمْ أَفْتَوْا فِي الْحَلِفِ بِالْعِتْقِ الَّذِي هُوَ أَحَبُّ إلَى اللَّهِ تَعَالَى مِنْ الطَّلَاقِ: أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ الْحَالِفَ بِهِ؛ بَلْ يَجْزِيهِ كَفَّارَةُ يَمِينٍ. فَكَيْفَ يَكُونُ قَوْلُهُمْ فِي الطَّلَاقِ الَّذِي هُوَ أَبْغَضُ الْحَلَالِ إلَى اللَّهِ؟ ، وَهَلْ يُظَنُّ بِالصَّحَابَةِ - رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ - أَنَّهُمْ يَقُولُونَ فِيمَنْ حَلَفَ بِمَا يُحِبُّهُ اللَّهُ مِنْ الطَّاعَاتِ - كَالصَّلَاةِ، وَالصِّيَامِ، وَالصَّدَقَةِ، وَالْحَجِّ، أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ أَنْ يَفْعَلَ

نام کتاب : الفتاوى الكبرى نویسنده : ابن تيمية    جلد : 3  صفحه : 308
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست