responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الفتاوى الكبرى نویسنده : ابن تيمية    جلد : 3  صفحه : 283
فِيهِ الرَّجْعَةَ، كَمَا قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَيْثُ قَالَ: «ارْجِعْهَا إنْ شِئْت» ، وَلَمْ يَقُلْ كَمَا قَالَ فِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ: «مُرْهُ فَلْيُرَاجِعْهَا» . فَأَمَرَهُ بِالرَّجْعَةِ، وَالرَّجْعَةُ يَسْتَقِلُّ بِهَا الزَّوْجُ: بِخِلَافِ الْمُرَاجَعَةِ.
وَقَدْ رَوَى أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ «أَنَّ رُكَانَةَ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ أَلْبَتَّةَ فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: اللَّهُ مَا أَرَدْت إلَّا وَاحِدَةً؟ فَقَالَ: مَا أَرَدْت بِهَا إلَّا وَاحِدَةً. فَرَدَّهَا إلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -» . وَأَبُو دَاوُد لَمَّا لَمْ يَرْوِ فِي سُنَنِهِ الْحَدِيثَ الَّذِي أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ فَقَالَ: حَدِيثُ " أَلْبَتَّةَ " أَصَحُّ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ جُرَيْجٍ: «أَنَّ رُكَانَةَ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ ثَلَاثًا» ، لِأَنَّ أَهْلَ بَيْتِهِ أَعْلَمُ؛ لَكِنَّ الْأَئِمَّةَ الْأَكَابِرَ الْعَارِفُونَ بِعِلَلِ الْحَدِيثِ وَالْفِقْهِ فِيهِ: كَالْإِمَامِ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، وَالْبُخَارِيِّ، وَغَيْرِهِمَا وَأَبِي عُبَيْدٍ، وَأَبِي مُحَمَّدِ بْنِ حَزْمٍ، وَغَيْرِهِ: ضَعَّفُوا حَدِيثَ أَلْبَتَّةَ، وَبَيَّنُوا أَنَّ رُوَاتَهُ قَوْمٌ مَجَاهِيلُ، لَمْ تُعْرَفْ عَدَالَتُهُمْ وَضَبْطُهُمْ، وَأَحْمَدُ أَثْبَتَ حَدِيثَ الثَّلَاثِ، وَبَيَّنَ أَنَّهُ الصَّوَابُ مِثْلُ قَوْلِهِ: حَدِيثُ رُكَانَةَ لَا يَثْبُتُ أَنَّهُ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ أَلْبَتَّةَ.
وَقَالَ أَيْضًا: حَدِيثُ رُكَانَةَ فِي " أَلْبَتَّةَ " لَيْسَ بِشَيْءٍ، لِأَنَّ ابْنَ إِسْحَاقَ يَرْوِيهِ عَنْ دَاوُد بْنِ الْحُصَيْنِ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ: «أَنَّ رُكَانَةَ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ ثَلَاثًا» . وَأَهْلُ الْمَدِينَةِ يُسَمُّونَ مَنْ طَلَّقَ ثَلَاثًا طَلَّقَ أَلْبَتَّةَ. وَأَحْمَدُ إنَّمَا عَدَلَ عَنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ؛ لِأَنَّهُ كَانَ يَرَى أَنَّ الثَّلَاثَ جَائِزَةٌ، مُوَافَقَةً لِلشَّافِعِيِّ. فَأَمْكَنَ أَنْ يُقَالَ: حَدِيثُ رُكَانَةَ مَنْسُوخٌ. ثُمَّ لَمَّا رَجَعَ عَنْ ذَلِكَ، وَتَبَيَّنَ أَنَّهُ لَيْسَ فِي الْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ طَلَاقٌ مُبَاحٌ إلَّا الرَّجْعِيُّ عَدَلَ: عَنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ، لِأَنَّهُ أَفْتَى بِخِلَافِهِ، وَهَذَا عِلَّةٌ عِنْدَهُ فِي إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْهُ؛ لَكِنَّ الرِّوَايَةَ الْأُخْرَى الَّتِي عَلَيْهَا أَصْحَابُهُ أَنَّهُ لَيْسَ بِعِلَّةٍ، فَيَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ مَذْهَبُهُ الْعَمَلَ بِحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ.
وَقَدْ تَبَيَّنَ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ أَعْذَارُ الْأَئِمَّةِ الْمُجْتَهِدِينَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - الَّذِينَ أَلْزَمُوا مَنْ أَوْقَعَ جُمْلَةَ الثَّلَاثِ بِهَا مِثْلُ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -؛ فَإِنَّهُ لَمَّا رَأَى النَّاسَ قَدْ أَكْثَرُوا مِمَّا حَرَّمَهُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنْ جَمْعِ الثَّلَاثِ، وَلَا يَنْتَهُونَ عَنْ ذَلِكَ إلَّا بِعُقُوبَةٍ: رَأَى عُقُوبَتَهُمْ بِإِلْزَامِهَا: لِئَلَّا يَفْعَلُوهَا، إمَّا مِنْ نَوْعِ التَّعْزِيرِ الْعَارِضِ الَّذِي يُفْعَلُ عِنْدَ الْحَاجَةِ، كَمَا كَانَ يَضْرِبُ فِي الْخَمْرِ ثَمَانِينَ، وَيَحْلِقُ الرَّأْسَ. وَيَنْفِي، وَكَمَا «مَنَعَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الثَّلَاثَةَ الَّذِينَ تَخَلَّفُوا عَنْ الِاجْتِمَاعِ بِنِسَائِهِمْ» ، وَإِمَّا ظَنًّا أَنَّ جَعْلَهَا وَاحِدَةً كَانَ مَشْرُوطًا

نام کتاب : الفتاوى الكبرى نویسنده : ابن تيمية    جلد : 3  صفحه : 283
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست