responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الفتاوى الكبرى نویسنده : ابن تيمية    جلد : 3  صفحه : 272
وَبَائِنٍ تَقْسِيمٌ مُخَالِفٌ لِكِتَابِ اللَّهِ، وَهَذَا قَوْلُ فُقَهَاءِ الْحَدِيثِ، وَهُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ، وَظَاهِرُ مَذْهَبِ أَحْمَدَ؛ فَإِنَّ كُلَّ طَلَاقٍ بِغَيْرِ عِوَضٍ لَا يَقَعُ إلَّا رَجْعِيًّا.
وَإِنْ قَالَ: أَنْت طَالِقٌ طَلْقَةً بَائِنَةٌ أَوْ طَلَاقًا بَائِنًا: لَمْ يَقَعْ بِهِ عِنْدَهُمَا إلَّا طَلْقَةٌ رَجْعِيَّةٌ.
وَأَمَّا الْخُلْعُ فَفِيهِ نِزَاعٌ فِي مَذْهَبِهِمَا. فَمَنْ قَالَ بِالْقَوْلِ الصَّحِيحِ طَرَدَ هَذَا الْأَصْلَ، وَاسْتَقَامَ قَوْلَهُ، وَلَمْ يَتَنَاقَضْ كَمَا يَتَنَاقَضُ غَيْرُهُ؛ إلَّا مَنْ قَالَ مِنْ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ: إنَّ الْخُلْعَ بِلَفْظِ الطَّلَاقِ يَقَعُ طَلَاقًا بَائِنًا، فَهَؤُلَاءِ أَثْبَتُوا فِي الْجُمْلَةِ طَلَاقًا بَائِنًا مَحْسُوبًا مِنْ الثَّلَاثِ فَنَقَضُوا أَصْلَهُمْ الصَّحِيحَ الَّذِي دَلَّ عَلَيْهِ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ.
وَقَالَ بَعْضُ الظَّاهِرِيَّةِ: إذَا وَقَعَ بِلَفْظِ الطَّلَاقِ كَانَ طَلَاقًا رَجْعِيًّا؛ لَا بَائِنًا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُمْكِنْهُ أَنْ يَجْعَلَهُ طَلَاقًا بَائِنًا لِمُخَالَفَةِ الْقُرْآنِ؛ وَظَنَّ أَنَّهُ بِلَفْظِ الطَّلَاقِ يَكُونُ طَلَاقًا فَجَعَلَهُ رَجْعِيًّا، وَهَذَا خَطَأٌ؛ فَإِنَّ مَقْصُودَ الِافْتِدَاءِ لَا يَحْصُلُ إلَّا مَعَ الْبَيْنُونَةِ؛ وَلِهَذَا كَانَ حُصُولُ الْبَيْنُونَةِ بِالْخُلْعِ مِمَّا لَمْ يُعْرَفْ فِيهِ خِلَافٌ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ؛ لَكِنَّ بَعْضَهُمْ جَعَلَهُ جَائِزًا؛ فَقَالَ: لِلزَّوْجِ أَنْ يَرُدَّ الْعِوَضَ وَيُرَاجِعَهَا؛ وَاَلَّذِي عَلَيْهِ الْأَئِمَّةُ الْأَرْبَعَةُ وَالْجُمْهُورُ أَنَّهُ لَا يَمْلِكُ الزَّوْجُ وَحْدَهُ أَنْ يَفْسَخَهُ، وَلَكِنْ لَوْ اتَّفَقَا عَلَى فَسْخِهِ كَالتَّقَايُلِ: فَهَذَا فِيهِ نِزَاعٌ آخَرُ، كَمَا بُسِطَ فِي مَوْضِعِهِ.
وَالْمَقْصُودُ هُنَا أَنَّ كِتَابَ اللَّهِ يُبَيِّنُ أَنَّ الطَّلَاقَ بَعْدَ الدُّخُولِ لَا يَكُونُ إلَّا رَجْعِيًّا، وَلَيْسَ فِي كِتَابِ اللَّهِ طَلَاقٌ بَائِنٌ إلَّا قَبْلَ الدُّخُولِ. وَإِذَا انْقَضَتْ الْعِدَّةُ فَإِذَا طَلَّقَهَا ثَلَاثًا فَقَدْ حَرُمَتْ عَلَيْهِ، وَهَذِهِ الْبَيْنُونَةُ الْكُبْرَى، وَهِيَ إنَّمَا تَحْصُلُ بِالثَّلَاثِ لَا بِطَلْقَةٍ وَاحِدَةٍ مُطْلَقَةً، لَا يَحِلُّ بِهَا لَا بَيْنُونَةٌ كُبْرَى، وَلَا صُغْرَى. وَقَدْ ثَبَتَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قِيلَ لَهُ: إنَّ أَهْلَ الْيَمَنِ عَامَّةً طَلَاقُهُمْ الْفِدَاءُ، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: لَيْسَ الْفِدَاءُ بِطَلَاقٍ. وَرَدُّ الْمَرْأَةِ عَلَى زَوْجِهَا بَعْدَ طَلْقَتَيْنِ وَخُلْعٍ مَرَّةً.
وَبِهَذَا أَخَذَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ فِي ظَاهِرِ مَذْهَبِهِ وَالشَّافِعِيُّ فِي أَحَدِ قَوْلَيْهِ؛ لَكِنْ تَنَازَعَ أَهْلُ هَذَا الْقَوْلِ: هَلْ يَخْتَلِفُ الْحُكْمُ بِاخْتِلَافِ الْأَلْفَاظِ؟ وَالصَّحِيحُ أَنَّ الْمَعْنَى إذَا كَانَ وَاحِدًا فَالِاعْتِبَارُ بِأَيِّ لَفْظٍ وَقَعَ؛ وَذَلِكَ أَنَّ الِاعْتِبَارَ بِمَقَاصِدِ الْعُقُودِ وَحَقَائِقِهَا لَا بِاللَّفْظِ وَحْدَهُ، فَمَا كَانَ خُلْعًا فَهُوَ خُلْعٌ بِأَيِّ لَفْظٍ كَانَ، وَمَا كَانَ طَلَاقًا فَهُوَ طَلَاقٌ بِأَيِّ لَفْظٍ كَانَ. وَمَا كَانَ يَمِينًا فَهُوَ يَمِينٌ بِأَيِّ لَفْظٍ كَانَ، وَمَا كَانَ إيلَاءً فَهُوَ إيلَاءٌ بِأَيِّ لَفْظٍ كَانَ، وَمَا كَانَ ظِهَارًا فَهُوَ ظِهَارٌ بِأَيِّ لَفْظٍ كَانَ.

نام کتاب : الفتاوى الكبرى نویسنده : ابن تيمية    جلد : 3  صفحه : 272
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست