responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الفتاوى الكبرى نویسنده : ابن تيمية    جلد : 3  صفحه : 269
أَحَلَّهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ؛ وَلَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يُحَرِّمَ مَا أَحَلَّهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ؛ بَلْ عَلَيْهِ فِي يَمِينِهِ الْكَفَّارَةُ.
فَهَذَا الْمُلْتَزِمُ لِهَذَا الِالْتِزَامِ الْغَلِيظِ هُوَ يَكْرَهُ لُزُومَهُ إيَّاهُ، وَكُلَّمَا غُلِّظَ كَانَ لُزُومُهُ لَهُ أَكْرَهُ إلَيْهِ؛ وَإِنَّمَا الْتَزَمَهُ لِقَصْدِهِ الْحَظْرَ وَالْمَنْعَ؛ لِيَكُونَ لُزُومُهُ لَهُ مَانِعًا مِنْ الْحِنْثِ؛ لَمْ يَلْتَزِمْهُ لِقَصْدِ لُزُومِهِ إيَّاهُ عِنْدَ وُقُوعِ الشَّرْطِ؛ فَإِنَّ هَذَا الْقَصْدَ يُنَاقِضُ عَقْدَ الْيَمِينِ؛ فَإِنَّ الْحَالِفَ لَا يَحْلِفُ إلَّا بِالْتِزَامِ مَا يَكْرَهُ وُقُوعَهُ عِنْدَ الْمُخَالَفَةِ؛ وَلَا يَحْلِفُ قَطُّ إلَّا بِالْتِزَامِهِ مَا يُرِيدُ وُقُوعَهُ عِنْدَ الْمُخَالَفَةِ، فَلَا يَقُولُ حَالِفٌ إنْ فَعَلْتُ كَذَا غَفَرَ اللَّهُ لِي، وَلَا أَمَاتَنِي عَلَى الْإِسْلَامِ؛ بَلْ يَقُولُ: إنْ فَعَلْتُ كَذَا فَأَنَا يَهُودِيٌّ، أَوْ نَصْرَانِيٌّ، أَوْ نِسَائِي طَوَالِقُ، أَوْ عَبِيدِي أَحْرَارٌ. أَوْ كُلُّ مَا أَمْلِكُهُ صَدَقَةٌ، أَوْ عَلَيَّ عَشْرُ حِجَجٍ حَافِيًا مَكْشُوفَ الرَّأْسِ عَلَى مَذْهَبِ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ، أَوْ فَعَلَيَّ الطَّلَاقُ عَلَى الْمَذَاهِبِ الْأَرْبَعَةِ، أَوْ فَعَلَيَّ كَذَا عَلَى أَغْلَظِ قَوْلٍ.
وَقَدْ يَقُولُ مَعَ ذَلِكَ: عَلَيَّ أَنْ لَا أَسْتَفْتِيَ مَنْ يُفْتِينِي بِالْكَفَّارَةِ، وَيَلْتَزِمُ عِنْدَ غَضَبِهِ مِنْ اللَّوَازِمِ مَا يَرَى أَنَّهُ لَا مَخْرَجَ لَهُ مِنْهُ إذَا حَنِثَ. لِيَكُونَ لُزُومُ ذَلِكَ مَانِعًا مِنْ الْحِنْثِ، وَهُوَ فِي ذَلِكَ لَا يَقْصِدُ قَطُّ أَنْ يَقَعَ بِهِ شَيْءٌ مِنْ تِلْكَ اللَّوَازِمِ وَإِنْ وَقَعَ الشَّرْطُ أَوْ لَمْ يَقَعْ، وَإِذَا اعْتَقَدَ أَنَّهَا تَلْزَمُهُ الْتَزَمَهَا لِاعْتِقَادِهِ لُزُومَهَا إيَّاهُ مَعَ كَرَاهَتِهِ لَأَنْ يَلْتَزِمَهُ؛ لَا مَعَ إرَادَتِهِ أَنْ يَلْتَزِمَهُ، وَهَذَا هُوَ الْحَالِفُ، وَاعْتِقَادُ لُزُومِ الْجَزَاءِ غَيْرُ قَصْدِهِ لِلُزُومِ الْجَزَاءِ.
فَإِنْ قَصَدَ لُزُومَ الْجَزَاءِ عِنْدَ الشَّرْطِ: لَزِمَهُ مُطْلَقًا؛ وَلَوْ كَانَ بِصِيغَةِ الْقَسَمِ فَلَوْ كَانَ قَصْدُهُ أَنْ يُطَلِّقَ امْرَأَتَهُ إذَا فَعَلَتْ ذَلِكَ الْأَمْرَ، أَوْ إذَا فَعَلَ هُوَ ذَلِكَ الْأَمْرَ، فَقَالَ: الطَّلَاقُ يَلْزَمُنِي لَا تَفْعَلِينَ كَذَا.
وَقَصْدُهُ أَنَّهَا تَفْعَلُهُ فَتَطْلُقُ: لَيْسَ مَقْصُودُهُ أَنْ يَنْهَاهَا عَنْ الْفِعْلِ، وَلَا هُوَ كَارِهٌ لِطَلَاقِهَا؛ بَلْ هُوَ مُرِيدٌ لِطَلَاقِهَا: طَلُقَتْ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ، وَلَمْ يَكُنْ هَذَا فِي الْحَقِيقَةِ حَالِفًا؛ بَلْ هُوَ مُعَلِّقٌ لِلطَّلَاقِ عَلَى ذَلِكَ الْفِعْلِ بِصِيغَةِ الْقَسَمِ، وَمَعْنَى كَلَامِهِ مَعْنَى التَّعْلِيقِ الَّذِي يَقْصِدُ بِهِ الْإِيقَاعَ، فَيَقَعُ بِهِ الطَّلَاقُ هُنَا عِنْدَ الْحِنْثِ فِي اللَّفْظِ الَّذِي هُوَ بِصِيغَةِ الْقَسَمِ. وَمَقْصُودُهُ مَقْصُودُ التَّعْلِيقِ. وَالطَّلَاقُ هُنَا إنَّمَا وَقَعَ عِنْدَ الشَّرْطِ الَّذِي قَصَدَ إيقَاعَهُ عِنْدَهُ؛ لَا عِنْدَ مَا هُوَ حِنْثٌ فِي الْحَقِيقَةِ؛ إذْ الِاعْتِبَارُ بِقَصْدِهِ وَمُرَادِهِ؛ لَا بِظَنِّهِ وَاعْتِقَادِهِ: فَهُوَ الَّذِي تُبْنَى عَلَيْهِ الْأَحْكَامُ كَمَا قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ. وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى» .

نام کتاب : الفتاوى الكبرى نویسنده : ابن تيمية    جلد : 3  صفحه : 269
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست