responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الفتاوى الكبرى نویسنده : ابن تيمية    جلد : 3  صفحه : 266
بِهَذَا الْعَقْدِ فَكَيْفَ بِمُعَاقَدَةِ وُلَاةِ الْأُمُورِ عَلَى مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ وَرَسُولُهُ: مِنْ طَاعَتِهِمْ، وَمُنَاصَحَتِهِمْ، وَالِامْتِنَاعِ مِنْ الْخُرُوجِ عَلَيْهِمْ.
فَكُلُّ عَقْدٍ وَجَبَ الْوَفَاءُ بِهِ بِدُونِ الْيَمِينِ إذَا حَلَفَ عَلَيْهِ كَانَتْ الْيَمِينُ مُوَكِّدَةً لَهُ، وَلَوْ لَمْ يَجُزْ فَسْخُ مِثْلِ هَذَا الْعَقْدِ، بَلْ قَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ، عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: «أَرْبَعٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ كَانَ مُنَافِقًا خَالِصًا، وَمَنْ كَانَتْ فِيهِ خَصْلَةٌ مِنْهُنَّ كَانَتْ فِيهِ خَصْلَةٌ مِنْ النِّفَاقِ حَتَّى يَدَعَهَا، إذَا حَدَّثَ كَذَبَ، وَإِذَا ائْتُمِنَ خَانَ، وَإِذَا عَاهَدَ غَدَرَ، وَإِذَا خَاصَمَ فَجَرَ» .
وَمَا كَانَ مُبَاحًا قَبْلَ الْيَمِينِ إذَا حَلَفَ الرَّجُلُ عَلَيْهِ لَمْ يَصِرْ حَرَامًا؛ بَلْ لَهُ أَنْ يَفْعَلَهُ وَيُكَفِّرَ عَنْ يَمِينِهِ، وَمَا لَمْ يَكُنْ وَاجِبًا فَعَلَهُ إذَا حَلَفَ عَلَيْهِ لَمْ يَصِرْ وَاجِبًا عَلَيْهِ، بَلْ لَهُ أَنْ يُكَفِّرَ يَمِينَهُ وَلَا يَفْعَلَهُ، وَلَوْ غَلَّظَ فِي الْيَمِينِ بِأَيِّ شَيْءٍ غَلَّظَهَا، فَأَيْمَانُ الْحَالِفِينَ لَا تُغَيِّرُ شَرَائِعَ الدِّينِ، وَلَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يُحَرِّمَ بِيَمِينِهِ مَا أَحَلَّهُ اللَّهُ، وَلَا يُوجِبُ بِيَمِينِهِ مَا لَمْ يُوجِبْهُ اللَّهُ. هَذَا هُوَ شَرْعُ مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
وَأَمَّا شَرْعُ مَنْ قَبْلَهُ فَكَانَ فِي شَرْعِ بَنِي إسْرَائِيلَ إذَا حَرَّمَ الرَّجُلُ شَيْئًا حَرُمَ عَلَيْهِ، وَإِذَا حَلَفَ لَيَفْعَلَن شَيْئًا وَجَبَ عَلَيْهِ، وَلَمْ يَكُنْ فِي شَرْعِهِمْ كَفَّارَةٌ، فَقَالَ تَعَالَى: {كُلُّ الطَّعَامِ كَانَ حِلا لِبَنِي إِسْرَائِيلَ إِلا مَا حَرَّمَ إِسْرَائِيلُ عَلَى نَفْسِهِ مِنْ قَبْلِ أَنْ تُنَزَّلَ التَّوْرَاةُ} [آل عمران: 93] فَإِسْرَائِيلُ حَرَّمَ عَلَى نَفْسِهِ شَيْئًا فَحَرُمَ عَلَيْهِ، وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى لِنَبِيِّنَا: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [التحريم: 1] {قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ} [التحريم: 2] .
وَهَذَا الْفَرْضُ هُوَ الْمَذْكُورُ فِي قَوْله تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ} [المائدة: 87] {وَكُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ حَلالا طَيِّبًا وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي أَنْتُمْ بِهِ مُؤْمِنُونَ} [المائدة: 88] {لا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} [المائدة: 89] .

نام کتاب : الفتاوى الكبرى نویسنده : ابن تيمية    جلد : 3  صفحه : 266
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست