responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الفتاوى الكبرى نویسنده : ابن تيمية    جلد : 3  صفحه : 260
وَيُحِلُّوا مَا رَأَوْا تَحْلِيلَهُ مَصْلَحَةً، وَلَيْسَ هَذَا دِينُ الْمُسْلِمِينَ وَلَا كَانَ الصَّحَابَةُ يُسَوِّغُونَ ذَلِكَ لِأَنْفُسِهِمْ. وَمَنْ اعْتَقَدَ فِي الصَّحَابَةِ أَنَّهُمْ كَانُوا يَسْتَحِلُّونَ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يُسْتَتَابُ كَمَا يُسْتَتَابُ أَمْثَالُهُ؛ وَلَكِنْ يَجُوزُ أَنْ يَجْتَهِدَ الْحَاكِمُ وَالْمُفْتِي فَيُصِيبُ فَيَكُونُ لَهُ أَجْرَانِ، وَيُخْطِئُ فَيَكُونُ لَهُ أَجْرٌ وَاحِدٌ.
وَمَا شَرَعَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - شَرْعًا مُعَلَّقًا بِسَبَبٍ إنَّمَا يَكُونُ مَشْرُوعًا عِنْدَ وُجُودِ السَّبَبِ: كَإِعْطَاءِ الْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ؛ فَإِنَّهُ ثَابِتٌ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ. وَبَعْضُ النَّاسِ ظَنَّ أَنَّ هَذَا نُسِخَ لِمَا رُوِيَ عَنْ عُمَرَ: أَنَّهُ ذَكَرَ أَنَّ اللَّهَ أَغْنَى عَنْ التَّأَلُّفِ، {فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ} [الكهف: 29] ، وَهَذَا الظَّنُّ غَلَطٌ؛ وَلَكِنَّ عُمَرُ اسْتَغْنَى فِي زَمَنِهِ عَنْ إعْطَاءِ الْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ، فَتَرَكَ ذَلِكَ لِعَدَمِ الْحَاجَةِ إلَيْهِ؛ لَا لِنَسْخِهِ، كَمَا لَوْ فُرِضَ أَنَّهُ عُدِمَ فِي بَعْضِ الْأَوْقَاتِ ابْنُ السَّبِيلِ، وَالْغَارِمُ وَنَحْوُ ذَلِكَ.
وَمُتْعَةُ الْحَجِّ قَدْ رُوِيَ عَنْ عُمَرَ أَنَّهُ نَهَى عَنْهَا، وَكَانَ ابْنُهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ وَغَيْرُهُ يَقُولُونَ: لَمْ يُحَرِّمْهَا؛ وَإِنَّمَا قَصَدَ أَنْ يَأْمُرَ النَّاسَ بِالْأَفْضَلِ، وَهُوَ أَنْ يَعْتَمِرَ أَحَدُهُمْ مِنْ دُوَيْرَةِ أَهْلِهِ فِي غَيْرِ أَشْهُرِ الْحَجِّ؛ فَإِنَّ هَذِهِ الْعُمْرَةَ أَفْضَلُ مِنْ عُمْرَةِ الْمُتَمَتِّعِ وَالْقَارِنِ بِاتِّفَاقِ الْأَئِمَّةِ، حَتَّى إنَّ مَذْهَبَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَدَ مَنْصُوصٌ عَنْهُ: أَنَّهُ إذَا اعْتَمَرَ فِي غَيْرِ أَشْهُرِ الْحَجِّ وَأَفْرَدَ الْحَجَّ فِي أَشْهُرِهِ: فَهَذَا أَفْضَلُ مِنْ مُجَرَّدِ التَّمَتُّعِ وَالْقِرَانِ؛ مَعَ قَوْلِهِمَا بِأَنَّهُ أَفْضَلُ مِنْ الْإِفْرَادِ الْمُجَرَّدِ. وَمِنْ النَّاسِ مَنْ قَالَ: إنَّ عُمَرَ أَرَادَ فَسْخَ الْحَجِّ إلَى الْعُمْرَةِ. قَالُوا، إنَّ هَذَا مُحَرَّمٌ بِهِ لَا يَجُوزُ، وَأَنَّ مَا أَمَرَ بِهِ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَصْحَابَهُ مِنْ الْفَسْخِ كَانَ خَاصًّا بِهِمْ، وَهَذَا قَوْلُ كَثِيرٍ مِنْ الْفُقَهَاءِ: كَأَبِي حَنِيفَةَ، وَمَالِكٍ، وَالشَّافِعِيِّ.
وَآخَرُونَ مِنْ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ قَابَلُوا هَذَا، وَقَالُوا: بَلْ الْفَسْخُ وَاجِبٌ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَحُجَّ أَحَدٌ إلَّا مُتَمَتِّعًا: مُبْتَدَأً، أَوْ فَاسِخًا، كَمَا أَمَرَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَصْحَابَهُ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ، وَهَذَا قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ وَأَصْحَابِهِ وَمَنْ اتَّبَعَهُ مِنْ أَهْلِ الظَّاهِرِ وَالشِّيعَةِ.
وَالْقَوْلُ الثَّالِثُ: أَنَّ الْفَسْخَ جَائِزٌ، وَهُوَ أَفْضَلُ. وَيَجُوزُ أَنْ لَا يُفْسَخَ، وَهُوَ قَوْلُ كَثِيرٍ مِنْ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ: كَأَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ وَغَيْرِهِ مِنْ فُقَهَاءِ الْحَدِيثِ؛ وَلَا يُمْكِنُ الْإِنْسَانُ أَنْ يَحُجَّ حَجَّةً مُجْمَعًا عَلَيْهَا إلَّا أَنْ يَحُجَّ مُتَمَتِّعًا ابْتِدَاءً مِنْ غَيْرِ فَسْخٍ. فَأَمَّا حَجُّ الْمُفْرِدِ وَالْقَارِنِ: فَفِيهِ نِزَاعٌ مَعْرُوفٌ بَيْنَ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ كَمَا تَنَازَعُوا فِي جَوَازِ الصَّوْمِ

نام کتاب : الفتاوى الكبرى نویسنده : ابن تيمية    جلد : 3  صفحه : 260
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست