responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الفتاوى الكبرى نویسنده : ابن تيمية    جلد : 3  صفحه : 250
وَأَمَّا مَنْ أَخَذَ بِمُقْتَضَى الْقُرْآنِ وَمَا دَلَّتْ عَلَيْهِ الْآثَارُ فَإِنَّهُ يَقُولُ: إنَّ الطَّلَاقَ الَّذِي شَرَعَهُ اللَّهُ هُوَ مَا يَتَعَقَّبُهُ الْعِدَّةُ، وَمَا كَانَ صَاحِبُهُ مُخَيَّرًا فِيهَا بَيْنَ الْإِمْسَاكِ بِمَعْرُوفٍ وَالتَّسْرِيحِ بِإِحْسَانٍ، وَهَذَا مُنْتَفٍ فِي إيقَاعِ الثَّلَاثِ فِي الْعِدَّةِ قَبْلَ الرَّجْعَةِ، فَلَا يَكُونُ جَائِزًا، فَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ طَلَاقًا لِلْعِدَّةِ، وَلِأَنَّهُ قَالَ: {فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ} [الطلاق: 2] فَخَيَّرَهُ بَيْنَ الرَّجْعَةِ وَبَيْنَ أَنْ يَدَعَهَا تَقْضِي الْعِدَّةَ فَيُسَرِّحَهَا بِإِحْسَانٍ، فَإِذَا طَلَّقَهَا ثَانِيَةً قَبْلَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ لَمْ يُمْسِكْ بِمَعْرُوفٍ وَلَمْ يُسَرِّحْ بِإِحْسَانٍ.
وَقَدْ قَالَ تَعَالَى: {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ وَلا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ إِنْ كُنَّ يُؤْمِنَّ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ} [البقرة: 228] . فَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّ هَذَا حَالُ كُلِّ مُطَلَّقَةٍ، فَلَمْ يُشْرَعْ إلَّا هَذَا الطَّلَاقُ، ثُمَّ قَالَ: {الطَّلاقُ مَرَّتَانِ} [البقرة: 229] ، أَيْ: هَذَا الطَّلَاقُ الْمَذْكُورُ (مَرَّتَانِ) .
وَإِذَا قِيلَ: سَبَّحَ مَرَّتَيْنِ. أَوْ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ: لَمْ يُجْزِهِ أَنْ يَقُولَ سُبْحَانَ اللَّهِ مَرَّتَيْنِ؛ بَلْ لَا بُدَّ أَنْ يَنْطِقَ بِالتَّسْبِيحِ مَرَّةً بَعْدَ مَرَّةٍ، فَكَذَلِكَ لَا يُقَالُ: طَلَّقَ مَرَّتَيْنِ إلَّا إذَا طَلَّقَ مَرَّةً بَعْدَ مَرَّةٍ، فَإِذَا قَالَ: أَنْت طَالِقٌ ثَلَاثًا. أَوْ مَرَّتَيْنِ: لَمْ يَجُزْ أَنْ يُقَالَ: طَلَّقَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ وَلَا مَرَّتَيْنِ؛ وَإِنْ جَازَ أَنْ يُقَالَ: طَلَّقَ ثَلَاثَ تَطْلِيقَاتٍ أَوْ طَلْقَتَيْنِ؛ ثُمَّ قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ: {فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ} [البقرة: 230] . فَهَذِهِ الطَّلْقَةُ الثَّالِثَةُ لَمْ يَشْرَعْهَا اللَّهُ إلَّا بَعْدَ الطَّلَاقِ الرَّجْعِيِّ مَرَّتَيْنِ.
وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ} [البقرة: 232] الْآيَةَ. وَهَذَا إنَّمَا يَكُونُ فِيمَا دُونَ الثَّلَاثِ، وَهُوَ يَعُمُّ كُلَّ طَلَاقٍ، فَعُلِمَ أَنَّ جَمِيعَ الثَّلَاثِ لَيْسَ بِمَشْرُوعٍ. وَدَلَائِلُ تَحْرِيمِ الثَّلَاثِ كَثِيرَةٌ قَوِيَّةٌ: مِنْ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، وَالْآثَارِ، وَالِاعْتِبَارِ، كَمَا هُوَ مَبْسُوطٌ فِي مَوْضِعِهِ.
وَسَبَبُ ذَلِكَ أَنَّ " الْأَصْلَ فِي الطَّلَاقِ الْحَظْرُ " وَإِنَّمَا أُبِيحَ مِنْهُ قَدْرُ الْحَاجَةِ، كَمَا

نام کتاب : الفتاوى الكبرى نویسنده : ابن تيمية    جلد : 3  صفحه : 250
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست