responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الفتاوى الكبرى نویسنده : ابن تيمية    جلد : 3  صفحه : 245
وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ} [التحريم: 2] . وَقَالَ تَعَالَى: {ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ} [المائدة: 89] .
وَثَبَتَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ فِي الصَّحِيحِ، أَنَّهُ قَالَ: «مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ فَرَأَى غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا، فَلْيَأْتِ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ، وَلْيُكَفِّرْ عَنْ يَمِينِهِ» . وَهَذَا يَتَنَاوَلُ [أَيْمَانَ] جَمِيعِ الْمُسْلِمِينَ لَفْظًا وَمَعْنًى؛ وَلَمْ يَخُصَّهُ نَصٌّ وَلَا إجْمَاعٌ وَلَا قِيَاسٌ؛ بَلْ الْأَدِلَّةُ الشَّرْعِيَّةُ تُحَقِّقُ عُمُومَهُ.

وَالْيَمِينُ فِي كِتَابِ اللَّهِ وَسُنَّةِ رَسُولِهِ نَوْعَانِ: نَوْعٌ مُحْتَرَمٌ مُنْعَقِدٌ مُكَفَّرٌ، كَالْحَلِفِ بِاَللَّهِ. وَنَوْعٌ غَيْرُ مُحْتَرَمٍ، وَلَا مُنْعَقِدٌ، وَلَا مُكَفَّرٌ. وَهُوَ الْحَلِفُ بِالْمَخْلُوقَاتِ. فَإِنْ كَانَتْ هَذِهِ الْيَمِينُ مِنْ أَيْمَانِ الْمُسْلِمِينَ فَفِيهَا الْكَفَّارَةُ. وَهِيَ مِنْ النَّوْعِ الْأَوَّلِ. وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مِنْ أَيْمَانِ الْمُسْلِمِينَ فَهُوَ مِنْ الثَّانِي. وَأَمَّا إثْبَاتُ يَمِينٍ مُنْعَقِدَةٍ؛ غَيْرِ مُكَفَّرَةٍ فَهَذَا لَا أَصْلَ لَهُ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ.
وَتَقْسِيمُ أَيْمَانِ الْمُسْلِمِينَ إلَى يَمِينٍ مُكَفَّرَةٍ وَغَيْرِ مُكَفَّرَةٍ كَتَقْسِيمِ الشَّرَابِ الْمُسْكِرِ إلَى خَمْرٍ، وَغَيْرِ خَمْرٍ. وَتَقْسِيمِ السَّفَرِ إلَى طَوِيلٍ وَقَصِيرٍ. وَتَقْسِيمِ الْمَيْسِرِ إلَى مُحَرَّمٍ وَغَيْرِ مُحَرَّمٍ؛ بَلْ الْأُصُولُ تَقْتَضِي خِلَافَ ذَلِكَ. وَبَسْطُ الْكَلَامِ لَهُ مَوْضُوعٌ آخَرُ.
لَكِنَّ هَذَا الْقَوْلَ الثَّالِثَ، وَهُوَ الْقَوْلُ بِثُبُوتِ الْكَفَّارَةِ فِي جَمِيعِ أَيْمَانِ الْمُسْلِمِينَ هُوَ الْقَوْلُ الَّذِي تَقُومُ عَلَيْهِ الْأَدِلَّةُ الشَّرْعِيَّةُ الَّتِي لَا تَتَنَاقَضُ، وَهُوَ الْمَأْثُورُ عَنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَكَابِرِ التَّابِعِينَ: إمَّا فِي جَمِيعِ الْأَيْمَانِ. وَإِمَّا فِي بَعْضِهَا. وَتَعْلِيلِ ذَلِكَ بِأَنَّهُ يَمِينٌ. وَالتَّعْلِيلُ بِذَلِكَ يَقْتَضِي ثُبُوتَ الْحُكْمِ فِي جَمِيعِ أَيْمَانِ الْمُسْلِمِينَ.

وَالصِّيَغُ ثَلَاثَةٌ: صِيغَةُ تَنْجِيزٍ: كَقَوْلِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ. فَهَذِهِ لَيْسَتْ يَمِينًا، وَلَا كَفَّارَةَ فِي هَذَا بِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ.
وَالثَّانِي: صِيغَةُ قَسَمٍ، كَمَا إذَا قَالَ: الطَّلَاقُ يَلْزَمُنِي لَأَفْعَلَن كَذَا. فَهَذِهِ يَمِينٌ بِاتِّفَاقِ أَهْلِ اللُّغَةِ وَالْفُقَهَاءِ.

نام کتاب : الفتاوى الكبرى نویسنده : ابن تيمية    جلد : 3  صفحه : 245
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست