responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الفتاوى الكبرى نویسنده : ابن تيمية    جلد : 3  صفحه : 240
الْجَوَابُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ. إذَا وَقَعَ بِالْمَرْأَةِ الطَّلَاقُ الثَّلَاثُ. لَمْ تَحِلَّ لِمُطَلِّقِهَا حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ، كَمَا ذَكَرَهُ اللَّهُ ذَلِكَ فِي كِتَابِهِ، وَقَضَتْ بِهِ سُنَّةُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهَذَا مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ، لَمْ يَقُلْ فِيهِ أَحَدٌ مِنْهُمْ أَنَّهَا تُبَاحُ بَعْدَ وُقُوعِ الثَّلَاثِ، بِدُونِ نِكَاحِ زَوْجٍ ثَانٍ، وَمَنْ نَقَلَ هَذَا عَنْ أَحَدٍ مِنْ عُلَمَاءِ الْمُسْلِمِينَ، فَقَدْ كَذَبَ عَلَيْهِ، وَلَكِنَّ طَائِفَةً مِنْ مُتَأَخِّرِي الْفُقَهَاءِ، اعْتَقَدَ فِي بَعْضِ صُوَرِ التَّعْلِيقِ، وَهِيَ صُورَةُ التَّسْرِيحِ. أَنَّ صَاحِبَهَا لَا يَقَعُ مِنْهُ بَعْدَ هَذَا طَلَاقٌ، وَأَنْكَرَ ذَلِكَ جَمَاهِيرُ عُلَمَاءِ الْمُسْلِمِينَ. وَرَدُّوا هَذَا الْقَوْلَ، وَهُوَ قَوْلٌ مُحْدَثٌ، لَمْ يَقُلْ بِهِ أَحَدٌ مِنْ الصَّحَابَةِ، وَلَا التَّابِعِينَ، وَلَا أَحَدٌ مِنْ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ، وَلَا نُظَرَائِهِمْ، وَإِنَّمَا قَالَهُ مَنْ قَالَهُ بِشُبْهَةٍ وَقَعَتْ فِي مِثْلِ ذَلِكَ. وَقَدْ بَيَّنَّاهَا وَبَيَّنَّا فَسَادَهَا فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ؛ وَمَنْ قَالَ: إنَّ الطَّلَاقَ الثَّلَاثَ لَا يَقَعُ بِحَالٍ، فَقَدْ جَعَلَ نِكَاحَ الْمُسْلِمِينَ مِثْلَ نِكَاحِ النَّصَارَى.
وَاَللَّهُ قَدْ شَرَعَ الطَّلَاقَ فِي الْجُمْلَةِ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَإِجْمَاعِ الْأُمَّةِ، فَمَنْ قَالَ: إنَّهَا تُبَاحُ بَعْدَ وُقُوعِ الثَّلَاثِ بِدُونِ زَوْجٍ ثَانٍ، فَإِنَّهُ يُسْتَتَابُ، فَإِنْ تَابَ وَإِلَّا قُتِلَ، وَمَنْ اسْتَحَلَّ وَطْأَهَا بَعْدَ عِلْمِهِ أَنَّهُ وَقَعَ بِهِ الثَّلَاثُ، فَإِنْ كَانَ جَاهِلًا عُرِّفَ الْحُكْمَ، فَإِنْ أَصَرَّ عَلَى اسْتِحْلَالِ ذَلِكَ، فَهُوَ مُرْتَدٌّ تَجْرِي عَلَيْهِ أَحْكَامُ الْمُرْتَدِّينَ، بِخِلَافِ مَا تَنَازَعَ فِيهِ الْمُسْلِمُونَ وَسَاغَ فِيهِ الِاجْتِهَادُ، فَإِنَّ الْمُسْلِمِينَ مِنْ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَمَنْ بَعْدِهِمْ، تَنَازَعُوا فِي مَسَائِلَ كَثِيرَةٍ. هَلْ يَقَعُ فِيهَا الطَّلَاقُ أَوْ لَا يَقَعُ؟ وَهَلْ يَقَعُ وَاحِدَةٌ أَوْ ثَلَاثٌ؟ وَتَنَازَعُوا فِي بَعْضِ الصُّوَرِ هَلْ الطَّلَاقُ مُبَاحٌ أَوْ مُحَرَّمٌ، وَلَمْ يَتَنَازَعُوا أَنَّهُ مُحَرَّمٌ فِي بَعْضِ الْأَحْوَالِ كَالطَّلَاقِ فِي الْحَيْضِ، إذَا لَمْ تَسْأَلْهُ الطَّلَاقَ فَإِنَّهُ لَا يَحِلُّ، حَتَّى تَطْهُرَ فَيُطَلِّقَهَا فِي طُهْرٍ لَمْ يُصِبْهَا فِيهِ، وَإِنَّهُ يُبَاحُ فِي بَعْضِ الْأَحْوَالِ، كَمَا إذَا احْتَاجَ إلَيْهِ فَإِنَّنَا مَعَ الْحَاجَةِ إلَيْهِ مُبَاحٌ، فَلَا كَرَاهَةَ وَبِدُونِ الْحَاجَةِ مُكْرَهٌ عِنْدَ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ وَتَحْرُمُ عِنْدَ بَعْضِهِمْ وَالْفَرْقُ بَيْنَ مَوَاقِعِ الْإِجْمَاعِ وَمَوَارِدِ النِّزَاعِ مَعْلُومٌ عِنْدَ الْعُلَمَاءِ.
وَالْمَسَائِلُ الَّتِي تَنَازَعَ فِيهَا الْعُلَمَاءُ، مِنْ مَسَائِلِ الطَّلَاقِ كَثِيرَةٌ، كَمَسَائِلِ الْكِنَايَاتِ الظَّاهِرَةِ وَالْخَفِيَّةِ، هَلْ تَقَعُ بِهَا وَاحِدَةٌ رَجْعِيَّةٌ أَوْ يَقَعُ بِالظَّاهِرَةِ، وَاحِدَةٌ بَائِنَةٌ أَوْ ثَلَاثٌ، وَهَلْ يُفَرَّقُ بَيْنَ حَالٍ وَحَالٍ، وَنَحْوُ ذَلِكَ مِنْ مَسَائِلِ الِاجْتِهَادِ وَاتَّفَقُوا كُلُّهُمْ عَلَى أَنَّهَا لَا تُبَاحُ بَعْدَ وُقُوعِ الثَّلَاثِ إلَّا بِنِكَاحِ زَوْجٍ ثَانٍ، وَلَا بُدَّ فِيهِ مِنْ الْوَطْءِ عِنْدَ عَامَّةِ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ.

نام کتاب : الفتاوى الكبرى نویسنده : ابن تيمية    جلد : 3  صفحه : 240
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست