responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الفتاوى الكبرى نویسنده : ابن تيمية    جلد : 3  صفحه : 231
أَمَّا النَّوْعُ، فَلَا يَتَعَيَّنُ أَنْ يُعْطِيَهَا مَكِيلًا كَالْبُرِّ، وَلَا مَوْزُونًا كَالْخُبْزِ، وَلَا ثَمَنَ ذَلِكَ كَالدَّرَاهِمِ؛ بَلْ يُرْجَعُ فِي ذَلِكَ إلَى الْعُرْفِ. فَإِذَا أَعْطَاهَا كِفَايَتَهَا بِالْمَعْرُوفِ، مِثْلُ أَنْ يَكُونَ عَادَتُهُمْ أَكْلَ التَّمْرِ وَالشَّعِيرِ فَيُعْطِيهَا ذَلِكَ.
أَوْ يَكُونَ أَكْلَ الْخُبْزِ وَالْإِدَامِ فَيُعْطِيهَا ذَلِكَ. وَإِنْ كَانَ عَادَتُهُمْ أَنْ يُعْطِيَهَا حَبًّا فَتَطْحَنَهُ فِي الْبَيْتِ فَعَلَ ذَلِكَ. وَإِنْ كَانَ يَطْحَنُ فِي الطَّاحُونِ وَيَخْبِزُ فِي الْبَيْتِ فَعَلَ ذَلِكَ. وَإِنْ كَانَ يَخْبِزُ فِي الْبَيْتِ فَعَلَ ذَلِكَ. وَإِنْ كَانَ يَشْتَرِي خُبْزًا مِنْ السُّوقِ فَعَلَ ذَلِكَ. وَكَذَلِكَ الطَّبِيخُ وَنَحْوُهُ فَعَلَى مَا هُوَ الْمَعْرُوفُ، فَلَا يَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ دَرَاهِمُ، وَلَا حَبَّاتٌ أَصْلًا؛ لَا بِشَرْعٍ، وَلَا بِفَرْضٍ؛ فَإِنْ تَعَيَّنَ ذَلِكَ دَائِمًا مِنْ الْمُنْكَرِ لَيْسَ مِنْ الْمَعْرُوفِ، وَهُوَ مُضِرٌّ بِهِ تَارَةً وَبِهَا أُخْرَى.
وَكَذَلِكَ الْقَدْرُ، لَا يَتَعَيَّنُ مِقْدَارٌ مُطَّرِدٌ؛ بَلْ تَتَنَوَّعُ الْمَقَادِيرُ بِتَنَوُّعِ الْأَوْقَاتِ.
وَأَمَّا الْإِنْفَاقُ، فَقَدْ قِيلَ: إنَّ الْوَاجِبَ تَمْلِيكُهَا النَّفَقَةَ، وَالْكِسْوَةَ. وَقِيلَ: لَا يَجِبُ التَّمْلِيكُ، وَهُوَ الصَّوَابُ؛ فَإِنَّ ذَلِكَ لَيْسَ هُوَ الْمَعْرُوفُ؛ بَلْ عُرْفُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالْمُسْلِمِينَ إلَى يَوْمِنَا هَذَا أَنَّ الرَّجُلَ يَأْتِي بِالطَّعَامِ إلَى مَنْزِلِهِ، فَيَأْكُلَ هُوَ وَامْرَأَتُهُ وَمَمْلُوكُهُ: تَارَةً جَمِيعًا، وَتَارَةً أَفْرَادًا. وَيَفْضُلُ مِنْهُ فَضْلٌ تَارَةً فَيَدَّخِرُونَهُ، وَلَا يَعْرِفُ الْمُسْلِمُونَ أَنَّهُ يُمَلِّكُهَا كُلَّ يَوْمٍ دَرَاهِمَ تَتَصَرَّفُ فِيهَا تَصَرُّفَ الْمَالِكِ؛ بَلْ مَنْ عَاشَرَ امْرَأَةً بِمِثْلِ هَذَا الْفَرْضِ كَانَا عِنْدَ الْمُسْلِمِينَ قَدْ تَعَاشَرَا بِغَيْرِ الْمَعْرُوفِ وَتَضَارَّا فِي الْعِشْرَةِ؛ وَإِنَّمَا يَفْعَلُ أَحَدُهُمَا ذَلِكَ بِصَاحِبِهِ عِنْدَ الضَّرَرِ؛ لَا عِنْدَ الْعِشْرَةِ بِالْمَعْرُوفِ.
وَأَيْضًا فَإِنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَوْجَبَ فِي الزَّوْجَةِ مِثْلَ مَا أَوْجَبَ فِي الْمَمْلُوكِ. تَارَةً قَالَ: «لَهُنَّ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ» ، كَمَا قَالَ فِي الْمَمْلُوكِ. وَتَارَةً قَالَ: «تُطْعِمُهَا إذَا أَكَلْت وَتَكْسُوهَا إذَا اكْتَسَيْت» . كَمَا قَالَ فِي الْمَمْلُوكِ.
وَقَدْ اتَّفَقَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجِبُ تَمْلِيكُ الْمَمْلُوكِ نَفَقَتَهُ، فَعُلِمَ أَنَّ هَذَا الْكَلَامَ لَا يَقْتَضِي إيجَابَ التَّمْلِيكِ. وَإِذَا تَنَازَعَ الزَّوْجَانِ فَمَتَى اعْتَرَفَتْ الزَّوْجَةُ أَنَّهُ يُطْعِمُهَا إذَا أَكَلَ وَيَكْسُوهَا إذَا اكْتَسَى وَذَلِكَ هُوَ الْمَعْرُوفُ لِمِثْلِهَا فِي بَلَدِهَا فَلَا حَقَّ لَهَا سِوَى ذَلِكَ. وَإِنْ أَنْكَرَتْ ذَلِكَ أَمَرَهُ الْحَاكِمُ أَنْ يُنْفِقَ بِالْمَعْرُوفِ؛ بَلْ وَلَا لَهُ أَنْ يَأْمُرَ بِدَرَاهِمَ مُقَدَّرَةٍ مُطْلَقًا، أَوْ حَبِّ مِقْدَارٍ مُطْلَقٍ؛ لَكِنْ يَذْكُرُ الْمَعْرُوفَ الَّذِي يَلِيقُ بِهِمَا.

نام کتاب : الفتاوى الكبرى نویسنده : ابن تيمية    جلد : 3  صفحه : 231
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست