responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الفتاوى الكبرى نویسنده : ابن تيمية    جلد : 3  صفحه : 215
أَصْحَابُهُ؛ بَلْ يَكْتُمُونَهُ كَمَا يُكْتَمُ السِّفَاحُ. وَمِنْ شَعَائِرِ النِّكَاحِ إعْلَانُهُ، كَمَا قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «أَعْلِنُوا النِّكَاحَ، وَاضْرِبُوا عَلَيْهِ بِالدُّفِّ» . وَلِهَذَا يَكْفِي فِي إعْلَانِهِ الشَّهَادَةُ عَلَيْهِ عِنْدَ طَائِفَةٍ مِنْ الْعُلَمَاءِ، وَطَائِفَةٌ أُخْرَى تُوجِبُ الْإِشْهَادَ وَالْإِعْلَانَ؛ فَإِذَا تَوَاصَوْا بِكِتْمَانِهِ بَطَلَ.
وَمِنْ ذَلِكَ الْوَلِيمَةُ عَلَيْهِ، وَالنِّثَارُ، وَالطِّيبُ، وَالشَّرَابُ، وَنَحْوُ ذَلِكَ مِمَّا جَرَتْ بِهِ عَادَاتُ النَّاسِ فِي النِّكَاحِ. وَأَمَّا " التَّحْلِيلُ " فَإِنَّهُ لَا يُفْعَلُ فِيهِ شَيْءٌ مِنْ هَذَا؛ لِأَنَّ أَهْلَهُ لَمْ يُرِيدُوا أَنْ يَكُونَ الْمُحَلِّلُ زَوْجَ الْمَرْأَةِ، وَلَا أَنْ تَكُونَ الْمَرْأَةُ امْرَأَتَهُ؛ وَإِنَّمَا الْمَقْصُودُ اسْتِعَارَتُهُ لِيَنْزُوَ عَلَيْهَا، كَمَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ الْمَرْفُوعِ تَسْمِيَتُهُ بِالتَّيْسِ الْمُسْتَعَارِ؛ وَلِهَذَا شُبِّهَ بِحِمَارِ الْعُشْرِيِّينَ الَّذِي يُكْتَرَى لِلتَّقْفِيزِ عَلَى الْإِنَاثِ؛ وَلِهَذَا لَا تَبْقَى الْمَرْأَةُ مَعَ زَوْجِهَا بَعْدَ التَّحْلِيلِ كَمَا كَانَتْ قَبْلَهُ؛ بَلْ يَحْصُلُ بَيْنَهُمَا نَوْعٌ مِنْ النُّفْرَةِ.
وَلِهَذَا لَمَّا لَمْ يَكُنْ فِي التَّحْلِيلِ مَقْصُودٌ صَحِيحٌ يَأْمُرُ بِهِ الشَّارِعُ: صَارَ الشَّيْطَانُ يُشَبِّهُ بِهِ أَشْيَاءَ مُخَالِفَةً لِلْإِجْمَاعِ، فَصَارَ طَائِفَةٌ مِنْ عَامَّةِ النَّاسِ يَظُنُّونَ أَنَّ وِلَادَتَهَا لِذَكَرٍ يُحِلُّهَا، أَوْ إنْ وَطِئَهَا بِالرِّجْلِ عَلَى قَدَمِهَا أَوْ رَأْسِهَا أَوْ فَوْقَ سَقْفٍ أَوْ سُلَّمٍ هِيَ تَحْتَهُ يُحِلُّهَا.
وَمِنْهُمْ مَنْ يَظُنُّ أَنَّهُمَا إذَا الْتَقَيَا بِعَرَفَاتٍ، كَمَا الْتَقَى آدَم وَامْرَأَتُهُ أَحَلَّهَا ذَلِكَ. وَمِنْهُنَّ مَنْ إذَا تَزَوَّجَتْ بِالْمُحَلَّلِ بِهِ لَمْ تُمَكِّنْهُ مِنْ نَفْسِهَا؛ بَلْ تُمَكِّنُهُ مِنْ أَمَةٍ لَهَا. وَمِنْهُنَّ مَنْ تُعْطِيهِ شَيْئًا، وَتُوصِيهِ بِأَنْ يُقِرَّ بِوَطْئِهَا. وَمِنْهُمْ مَنْ يُحَلِّلُ الْأُمَّ وَبِنْتَهَا. إلَى أُمُورٍ أُخَرَ قَدْ بُسِطَتْ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ، بَيَّنَّاهَا فِي " كِتَابِ بَيَانِ الدَّلِيلِ عَلَى بُطْلَانِ التَّحْلِيلِ ". وَلَا رَيْبَ أَنَّ الْمَنْسُوخَ مِنْ الشَّرِيعَةِ وَمَا تَنَازَعَ فِيهِ السَّلَفُ خَيْرٌ مِنْ مِثْلِ هَذَا، فَإِنَّهُ لَوْ قُدِّرَ أَنَّ الشَّرِيعَةَ تَأْتِي بِأَنَّ الطَّلَاقَ لَا عَدَدَ لَهُ لَكَانَ هَذَا مُمْكِنًا وَإِنْ كَانَ هَذَا مَنْسُوخًا. وَإِمَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّ مَنْ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ لَا تَحِلُّ لَهُ حَتَّى يَسْتَكْرِيَ مَنْ يَطَؤُهَا فَهَذَا لَا تَأْتِي بِهِ شَرِيعَةٌ.
وَكَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ التَّحْلِيلِ يَفْعَلُونَ أَشْيَاءَ مُحَرَّمَةً بِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ؛ فَإِنَّ الْمَرْأَةَ الْمُعْتَدَّةَ لَا يَحِلُّ لِغَيْرِ زَوْجِهَا أَنْ يُصَرِّحَ بِخُطْبَتِهَا، سَوَاءٌ كَانَتْ مُعْتَدَّةً مِنْ عِدَّةِ طَلَاقٍ أَوْ عِدَّةِ وَفَاةٍ، قَالَ تَعَالَى: {وَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاءِ أَوْ أَكْنَنْتُمْ فِي أَنْفُسِكُمْ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ سَتَذْكُرُونَهُنَّ وَلَكِنْ لا تُوَاعِدُوهُنَّ سِرًّا إِلا أَنْ تَقُولُوا قَوْلا مَعْرُوفًا وَلا تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكَاحِ حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ} [البقرة: 235]

نام کتاب : الفتاوى الكبرى نویسنده : ابن تيمية    جلد : 3  صفحه : 215
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست