responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الفتاوى الكبرى نویسنده : ابن تيمية    جلد : 3  صفحه : 203
وَأَمَّا قَوْلُ الْقَائِلِ: إنَّهُ يَفْعَلُ ذَلِكَ لِلَّهِ. فَهَذَا أَكْثَرُهُ كَذِبٌ، وَقَدْ يَكُونُ لِلَّهِ مَعَ هَوَى النَّفْسِ، كَمَا يَدَّعِي مَنْ يَدَّعِي مِثْلَ ذَلِكَ فِي صُحْبَةِ النِّسَاءِ الْأَجَانِبِ؛ فَيَبْقَى كَمَا قَالَ تَعَالَى فِي الْخَمْرِ: {فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا} [البقرة: 219] وَقَدْ رَوَى الشَّعْبِيُّ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «أَنَّ وَفْدَ عَبْدِ الْقَيْسِ لَمَّا قَدِمُوا عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَكَانَ فِيهِمْ غُلَامٌ ظَاهِرُ الْوَضَاءَةِ أَجْلَسَهُ خَلْفَ ظَهْرِهِ؛ وَقَالَ: إنَّمَا كَانَتْ خَطِيئَةُ دَاوُد - عَلَيْهِ السَّلَامُ - النَّظَرَ» . هَذَا وَهُوَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ مُزَوَّجٌ بِتِسْعِ نِسْوَةٍ؛ وَالْوَفْدُ قَوْمٌ صَالِحُونَ، وَلَمْ تَكُنْ الْفَاحِشَةُ مَعْرُوفَةً فِي الْعَرَبِ؟ ، وَقَدْ رُوِيَ عَنْ الْمَشَايِخِ مِنْ التَّحْذِيرِ عَنْ صُحْبَةِ " الْأَحْدَاثِ " مَا يَطُولُ وَصْفُهُ.
وَلَيْسَ لِأَحَدٍ مِنْ النَّاسِ أَنْ يَفْعَلَ مَا يُفْضِي إلَى هَذِهِ الْمَفَاسِدِ الْمُحَرَّمَةِ، وَإِنْ ضَمَّ إلَى ذَلِكَ مَصْلَحَةً مِنْ تَعْلِيمٍ أَوْ تَأْدِيبٍ؛ فَإِنَّ " الْمُرْدَانَ " يُمْكِنُ تَعْلِيمُهُمْ وَتَأْدِيبُهُمْ بِدُونِ هَذِهِ الْمَفَاسِدِ الَّتِي فِيهَا مَضَرَّةٌ عَلَيْهِمْ، وَعَلَى مَنْ يَصْحَبُهُمْ، وَعَلَى الْمُسْلِمِينَ: بِسُوءِ الظَّنِّ تَارَةً، وَبِالشُّبْهَةِ أُخْرَى؛ بَلْ رُوِيَ: أَنَّ رَجُلًا كَانَ يَجْلِسُ إلَيْهِ الْمُرْدَانُ، فَنَهَى عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَنْ مُجَالَسَتِهِ. وَلَقِيَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ شَابًّا فَقَطَعَ شَعْرَهُ، لِمَيْلِ بَعْضِ النِّسَاءِ إلَيْهِ، مَعَ مَا فِي ذَلِكَ مِنْ إخْرَاجِهِ مِنْ وَطَنِهِ؛ وَالتَّفْرِيقِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَهْلِهِ.

وَمَنْ أَقَرَّ صَبِيًّا يَتَوَلَّاهُ: مِثْلُ ابْنِهِ، وَأَخَاهُ، أَوْ مَمْلُوكِهِ، أَوْ يَتِيمٍ عِنْدَ مَنْ يُعَاشِرُهُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ: فَهُوَ دَيُّوثٌ مَلْعُونٌ، «وَلَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ دَيُّوثٌ» فَإِنَّ الْفَاحِشَةَ الْبَاطِنَةَ مَا يَقُومُ عَلَيْهَا بَيِّنَةٌ فِي الْعَادَةِ؛ وَإِنَّمَا تَقُومُ عَلَى الظَّاهِرَةِ، وَهَذِهِ الْعِشْرَةُ الْقَبِيحَةُ مِنْ الظَّاهِرَةِ، وَقَدْ قَالَ تَعَالَى: {وَلا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ} [الأنعام: 151] وَقَالَ تَعَالَى: {قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ} [الأعراف: 33] . فَلَوْ ذَكَرْنَا مَا حَصَلَ فِي مِثْلِ هَذَا مِنْ الضَّرَرِ وَالْمَفَاسِدِ، وَمَا ذَكَرُوهُ الْعُلَمَاءُ: لَطَالَ. سَوَاءٌ كَانَ الرَّجُلُ تَقِيًّا أَوْ فَاجِرًا؛ فَإِنَّ التَّقِيَّ يُعَالِجُ مَرَارَةً فِي مُجَاهَدَةِ هَوَاهُ وَخِلَافِ نَفْسِهِ؛ وَكَثِيرًا مَا يَغْلِبُهُ شَيْطَانُهُ وَنَفْسُهُ؛ بِمَنْزِلَةِ مَنْ يَحْمِلُ حِمْلًا لَا يُطِيقُهُ فَيُعَذِّبُهُ أَوْ يَقْتُلُهُ؛ وَالْفَاجِرُ يَكْمُلُ فُجُورُهُ بِذَلِكَ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

نام کتاب : الفتاوى الكبرى نویسنده : ابن تيمية    جلد : 3  صفحه : 203
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست