responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الفتاوى الكبرى نویسنده : ابن تيمية    جلد : 3  صفحه : 191
الَّذِينَ يُمَيِّزُونَ بَيْنَ الْمَبْرُورِ وَالْمَسْتُورِ. ثُمَّ الْمَعْرُوفُ الْعَدَالَةُ عِنْدَ حَاكِمِ الْبَلَدِ: فَهُوَ خِلَافُ مَا أَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَيْهِ قَدِيمًا وَحَدِيثًا: حَيْثُ يَعْقِدُونَ الْأَنْكِحَةَ فِيمَا بَيْنَهُمْ، وَالْحَاكِمُ بَيْنَهُمْ وَالْحَاكِمُ لَا يَعْرِفُهُمْ. وَإِنْ اشْتَرَطُوا مَنْ يَكُونُ مَشْهُورًا عِنْدَهُمْ بِالْخَيْرِ فَلَيْسَ مِنْ شَرْطِ الْعَدْلِ الْمَقْبُولِ الشَّهَادَةِ أَنْ يَكُونَ كَذَلِكَ. ثُمَّ الشُّهُودُ يَمُوتُونَ وَتَتَغَيَّرُ أَحْوَالُهُمْ، وَهُمْ يَقُولُونَ: مَقْصُودُ الشَّهَادَةِ إثْبَاتُ الْفِرَاشِ عِنْدَ التَّجَاحُدِ، حِفْظًا لِنَسَبِ الْوَلَدِ. فَيُقَالُ: هَذَا حَاصِلٌ بِإِعْلَانِ النِّكَاحِ، وَلَا يَحْصُلُ بِالْإِشْهَادِ مَعَ الْكِتْمَانِ مُطْلَقًا.
فَاَلَّذِي لَا رَيْبَ فِيهِ أَنَّ النِّكَاحَ مَعَ الْإِعْلَانِ يَصِحُّ، وَإِنْ لَمْ يَشْهَدْ شَاهِدَانِ.
وَأَمَّا مَعَ الْكِتْمَانِ وَالْإِشْهَادِ فَهَذَا مِمَّا يُنْظَرُ فِيهِ. وَإِذَا اجْتَمَعَ الْإِشْهَادُ وَالْإِعْلَانُ. فَهَذَا الَّذِي لَا نِزَاعَ فِي صِحَّتِهِ. وَإِنْ خَلَا عَنْ الْإِشْهَادِ وَالْإِعْلَانِ: فَهُوَ بَاطِلٌ عِنْدَ الْعَامَّةِ. فَإِنْ قُدِّرَ فِيهِ خِلَافٌ فَهُوَ قَلِيلٌ. وَقَدْ يُظَنُّ أَنَّ فِي ذَلِكَ خِلَافًا فِي مَذْهَبِ أَحْمَدَ؛ ثُمَّ يُقَالُ بِمَا يُمَيَّزُ هَذَا عَنْ الْمُتَّخِذَاتِ أَخْدَانًا. وَفِي الْمُشْتَرِطِينَ لِلشَّهَادَةِ مِنْ أَصْحَابِ أَبِي حَنِيفَةَ مَنْ لَا يُعَلِّلُ ذَلِكَ بِإِثْبَاتِ الْفِرَاشِ؛ لَكِنْ كَانَ الْمَقْصُودُ حُضُورَ اثْنَيْنِ تَعْظِيمًا لِلنِّكَاحِ. وَهَذَا يَعُودُ إلَى مَقْصُودِ الْإِعْلَانِ. وَإِذَا كَانَ النَّاسُ مِمَّنْ يَجْهَلُ بَعْضُهُمْ حَالَ بَعْضٍ، وَلَا يُعْرَفُ مَنْ عِنْدَهُ هَلْ هِيَ امْرَأَتُهُ أَوْ خَدِينُهُ، مِثْلُ الْأَمَاكِنِ الَّتِي يَكْثُرُ فِيهَا النَّاسُ الْمَجَاهِيلُ: فَهَذَا قَدْ يُقَالُ: يَجِبُ الْإِشْهَادُ هُنَا.

وَلَمْ يَكُنْ الصَّحَابَةُ يَكْتُبُونَ " صَدَاقَاتٍ " لِأَنَّهُمْ لَمْ يَكُونُوا يَتَزَوَّجُونَ عَلَى مُؤَخَّرٍ؛ بَلْ يُعَجِّلُونَ الْمَهْرَ، وَإِنْ أَخَّرُوهُ فَهُوَ مَعْرُوفٌ؛ فَلَمَّا صَارَ النَّاسُ يَتَزَوَّجُونَ عَلَى الْمُؤَخَّرِ وَالْمُدَّةُ تَطُولُ وَيُنْسَى: صَارُوا يَكْتُبُونَ الْمُؤَخَّرَ، وَصَارَ ذَلِكَ حُجَّةً فِي إثْبَاتِ الصَّدَاقِ؛ وَفِي أَنَّهَا زَوْجَةٌ لَهُ؛ لَكِنَّ هَذَا الْإِشْهَادَ يَحْصُلُ بِهِ الْمَقْصُودُ؛ سَوَاءٌ حَضَرَ الشُّهُودُ الْعَقْدَ أَوْ جَاءُوا بَعْدَ الْعَقْدِ فَشَهِدُوا عَلَى إقْرَارِ الزَّوْجِ وَالزَّوْجَةِ وَالْوَلِيِّ وَقَدْ عَلِمُوا أَنَّ ذَلِكَ نِكَاحٌ قَدْ أُعِلْنَ، وَإِشْهَادُهُمْ عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِ تَوَاصٍ بِكِتْمَانِهِ إعْلَانٌ.

وَهَذَا بِخِلَافِ " الْوَلِيِّ " فَإِنَّهُ قَدْ دَلَّ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ وَالسُّنَّةُ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ، وَهُوَ عَادَةُ الصَّحَابَةِ، إنَّمَا كَانَ يُزَوِّجُ النِّسَاءَ الرِّجَالُ، لَا يُعْرَفُ أَنَّ امْرَأَةً تُزَوِّجُ نَفْسَهَا. وَهَذَا مِمَّا يُفَرَّقُ فِيهِ بَيْنَ النِّكَاحِ وَمُتَّخِذَاتِ أَخْدَانٍ وَلِهَذَا قَالَتْ عَائِشَةُ: لَا تُزَوِّجُ الْمَرْأَةُ نَفْسَهَا؛ فَإِنَّ الْبَغِيَّ هِيَ الَّتِي تُزَوِّجُ نَفْسَهَا. لَكِنْ لَا يُكْتَفَى بِالْوَلِيِّ حَتَّى يُعْلِنَ؛ فَإِنَّ مِنْ الْأَوْلِيَاءِ مَنْ يَكُونُ مُسْتَحْسَنًا عَلَى قَرَابَتِهِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَأَنْكِحُوا الأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ} [النور: 32]

نام کتاب : الفتاوى الكبرى نویسنده : ابن تيمية    جلد : 3  صفحه : 191
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست