responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الفتاوى الكبرى نویسنده : ابن تيمية    جلد : 3  صفحه : 188
وَقَدْ رُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ (مُحْصَنَاتٍ) عَفَائِفَ غَيْرَ زَوَانٍ (وَلَا مُتَّخِذَاتِ أَخْدَانٍ) يَعْنِي أَخِلَّاءَ: كَانَ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ يُحَرِّمُونَ مَا ظَهَرَ مِنْ الزِّنَا وَيَسْتَحِلُّونَ مَا خَفِيَ. وَعَنْهُ رِوَايَةٌ أُخْرَى: " الْمُسَافِحَاتُ " الْمُعْلِنَاتُ بِالزِّنَا " وَالْمُتَّخِذَاتُ أَخْدَانٍ " ذَوَاتُ الْخَلِيلِ الْوَاحِدِ. قَالَ بَعْضُ الْمُفَسِّرِينَ: كَانَتْ الْمَرْأَةُ تَتَّخِذُ صَدِيقًا تَزْنِي مَعَهُ وَلَا تَزْنِي مَعَ غَيْرِهِ. فَقَدْ فَسَّرَ ابْنُ عَبَّاسٍ هُوَ وَغَيْرُهُ مِنْ السَّلَفِ الْمُحْصَنَاتِ بِالْعَفَائِفِ، وَهُوَ كَمَا قَالُوا، وَذَكَرُوا أَنَّ الزِّنَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ كَانَ نَوْعَيْنِ: نَوْعًا مُشْتَرَكًا، وَنَوْعًا مُخْتَصًّا. وَالْمُشْتَرَكُ مَا يَظْهَرُ فِي الْعَادَةِ؛ بِخِلَافِ الْمُخْتَصِّ فَإِنَّهُ مُسْتَتِرٌ فِي الْعَادَةِ. وَلَمَّا حَرَّمَ اللَّهُ الْمُخْتَصَّ وَهُوَ شَبِيهٌ بِالنِّكَاحِ؛ فَإِنَّ النِّكَاحَ تَخْتَصُّ فِيهِ الْمَرْأَةُ بِالرَّجُلِ: وَجَبَ الْفَرْقُ بَيْنَ النِّكَاحِ الْحَلَالِ وَالْحَرَامِ مِنْ اتِّخَاذِ الْأَخْدَانِ؛ فَإِنَّ هَذِهِ إذَا كَانَ يَزْنِي بِهَا وَحْدَهَا لَمْ يُعْرَفْ أَنَّهَا [لَمْ يَطَأْهَا غَيْرُهُ] وَلَمْ يُعْرَفْ أَنَّ الْوَلَدَ الَّذِي تَلِدُهُ مِنْهُ، وَلَا يُثْبِتُ لَهَا خَصَائِصَ النِّكَاحِ.
فَلِهَذَا كَانَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ يَضْرِبُ عَلَى " نِكَاحِ السِّرِّ " فَإِنَّ نِكَاحَ السِّرِّ مِنْ جِنْسِ اتِّخَاذِ الْأَخْدَانِ شَبِيهٌ بِهِ، لَا سِيَّمَا إذَا زَوَّجَتْ نَفْسَهَا بِلَا وَلِيٍّ وَلَا شُهُودٍ وَكَتَمَا ذَلِكَ: فَهَذَا مِثْلُ الَّذِي يَتَّخِذُ صَدِيقَةً لَيْسَ بَيْنَهُمَا فَرْقٌ ظَاهِرٌ مَعْرُوفٌ عِنْدَ النَّاسِ يَتَمَيَّزُ بِهِ عَنْ هَذَا، فَلَا يَشَاءُ مَنْ يَزْنِي بِامْرَأَةٍ صَدِيقَةٍ لَهُ إلَّا قَالَ: تَزَوَّجْتهَا. وَلَا يَشَاءُ أَحَدٌ أَنْ يَقُولَ لِمَنْ تَزَوَّجَ فِي السِّرِّ: إنَّهُ يَزْنِي بِهَا إلَّا قَالَ ذَلِكَ، فَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ بَيْنَ الْحَلَالِ وَالْحَرَامِ فَرْقٌ مُبَيَّنٌ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِلَّ قَوْمًا بَعْدَ إِذْ هَدَاهُمْ حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُمْ مَا يَتَّقُونَ} [التوبة: 115] وَقَالَ تَعَالَى: {وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ} [الأنعام: 119] فَإِذَا ظَهَرَ لِلنَّاسِ أَنَّ هَذِهِ الْمَرْأَةَ قَدْ أَحْصَنَهَا تَمَيَّزَتْ عَنْ الْمُسَافِحَاتِ وَالْمُتَّخِذَاتِ أَخْدَانًا، وَإِذَا كَانَ يُمْكِنُهَا أَنْ تَذْهَبَ إلَى الْأَجَانِبِ لَمْ تَتَمَيَّزْ الْمُحْصَنَاتُ، كَمَا أَنَّهُ إذَا كَتَمَ نِكَاحَهَا فَلَمْ يَعْلَمْ بِهِ أَحَدٌ لَمْ تَتَمَيَّزْ مِنْ الْمُتَّخِذَاتِ أَخْدَانًا.
وَقَدْ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِيمَا يَتَمَيَّزُ بِهِ هَذَا عَنْ هَذَا، فَقِيلَ: الْوَاجِبُ الْإِعْلَانُ فَقَطْ سَوَاءٌ أَشَهِدَ أَوْ لَمْ يَشْهَدْ، كَقَوْلِ مَالِكٍ وَكَثِيرٍ مِنْ فُقَهَاءِ الْحَدِيثِ وَأَهْلِ الظَّاهِرِ وَأَحْمَدَ فِي رِوَايَةٍ. وَقِيلَ: الْوَاجِبُ الْإِشْهَادُ سَوَاءٌ أَعْلَنَ أَوْ لَمْ يُعْلِنْ، كَقَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيِّ وَرِوَايَةٍ عَنْ أَحْمَدَ. وَقِيلَ: يَجِبُ الْأَمْرَانِ وَهُوَ

نام کتاب : الفتاوى الكبرى نویسنده : ابن تيمية    جلد : 3  صفحه : 188
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست