responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الفتاوى الكبرى نویسنده : ابن تيمية    جلد : 3  صفحه : 185
وَهُنَّ الْعَفَائِفُ، قَالَ حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ.
حَصَانٌ رَزَانٌ مَا تُزَنُّ بِرِيبَةٍ ... وَتُصْبِحُ غَرْثَى مِنْ لُحُومِ الْغَوَافِلِ
ثُمَّ عَادَةُ الْعَرَبِ أَنَّ الْحُرَّةَ عِنْدَهُمْ لَا تُعْرَفُ بِالزِّنَا؛ وَإِنَّمَا تُعْرَفُ بِالزِّنَا الْإِمَاءُ وَلِهَذَا «لَمَّا بَايَعَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هِنْدَ امْرَأَةَ أَبِي سُفْيَانَ عَلَى أَنْ لَا تَزْنِيَ قَالَتْ: أَوَتَزْنِي الْحُرَّةُ؟» ، فَهَذَا لَمْ يَكُنْ مَعْرُوفًا عِنْدَهُمْ.
وَالْحُرَّةُ خِلَافُ الْأَمَةِ صَارَتْ فِي عُرْفِ الْعَامَّةِ أَنَّ الْحُرَّةَ هِيَ الْعَفِيفَةُ؛ لِأَنَّ الْحُرَّةَ الَّتِي لَيْسَتْ أَمَةً كَانَتْ مَعْرُوفَةً عِنْدَهُمْ بِالْعِفَّةِ، وَصَارَ لَفْظُ الْإِحْصَانِ يَتَنَاوَلُ الْحُرِّيَّةَ مَعَ الْعِفَّةِ؛ لِأَنَّ الْإِمَاءَ لَمْ تَكُنْ عَفَائِفَ، وَكَذَلِكَ الْإِسْلَامُ هُوَ يَنْهَى عَنْ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَكَذَلِكَ الْمَرْأَةُ الْمُتَزَوِّجَةُ زَوْجُهَا يُحْصِنُهَا، لِأَنَّهَا تَسْتَكْفِي بِهِ، وَلِأَنَّهُ يَغَارُ عَلَيْهَا. فَصَارَ لَفْظُ " الْإِحْصَانِ " يَتَنَاوَلُ: الْإِسْلَامَ، وَالْحُرِّيَّةَ، وَالنِّكَاحَ. وَأَصْلُهُ إنَّمَا هُوَ الْعِفَّةُ؛ فَإِنَّ الْعَفِيفَةَ هِيَ الَّتِي أُحْصِنَ فَرْجُهَا مِنْ غَيْرِ صَاحِبِهَا، كَالْمُحْصَنِ الَّذِي يَمْتَنِعُ مِنْ غَيْرِ أَهْلِهِ، وَإِذَا كَانَ اللَّهُ إنَّمَا أَبَاحَ مِنْ الْمُسْلِمِينَ وَأَهْلِ الْكِتَابِ نِكَاحَ الْمُحْصَنَاتِ، " وَالْبَغَايَا " لَسْنَ مُحْصَنَاتٍ: فَلَمْ يُبِحْ اللَّهُ نِكَاحَهُنَّ.
وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُهُ: {إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ وَلا مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ} [المائدة: 5] وَالْمُسَافِحُ الزَّانِي الَّذِي يَسْفَحُ مَاءَهُ مَعَ هَذِهِ وَهَذِهِ وَكَذَلِكَ الْمُسَافِحَةُ وَالْمُتَّخِذَةُ الْخِدْنَ الَّذِي يَكُونُ لَهُ صَدِيقَةٌ يَزْنِي بِهَا دُونَ غَيْرِهِ فَشَرْطٌ فِي الْحِلِّ أَنْ يَكُونَ الرَّجُلُ غَيْرَ مُسَافِحٍ، وَلَا مُتَّخِذَ خِدْنٍ. فَإِذَا كَانَتْ الْمَرْأَةُ بَغِيًّا وَتُسَافِحُ هَذَا وَهَذَا لَمْ يَكُنْ زَوْجُهَا مُحْصِنًا لَهَا عَنْ غَيْرِهِ؛ إذْ لَوْ كَانَ مُحْصِنًا لَهَا كَانَتْ مُحْصَنَةً، وَإِذَا كَانَتْ مُسَافِحَةً لَمْ تَكُنْ مُحْصَنَةً. وَاَللَّهُ إنَّمَا أَبَاحَ النِّكَاحَ إذَا كَانَ الرِّجَالُ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ، وَإِذَا شُرِطَ فِيهِ أَنْ لَا يَزْنِيَ بِغَيْرِهَا - فَلَا يَسْفَحُ مَاءَهُ مَعَ غَيْرِهَا - كَانَ أَبْلَغَ، وَأَبْلَغُ.
وَقَالَ أَهْلُ اللُّغَةِ: " السِّفَاحُ " الزِّنَا. قَالَ ابْنُ قُتَيْبَةَ (مُحْصِنِينَ) أَيْ مُتَزَوِّجِينَ (غَيْرَ مُسَافِحِينَ) قَالَ: وَأَصْلُهُ مِنْ سَفَحْت الْقِرْبَةَ إذَا صَبَبْتهَا. فَسَمَّى " الزِّنَا " سِفَاحًا؛ لِأَنَّهُ يَصُبُّ النُّطْفَةَ، وَتَصُبُّ الْمَرْأَةُ النُّطْفَةَ. وَقَالَ ابْنُ فَارِسٍ: " السِّفَاحُ " صَبُّ الْمَاءِ بِلَا عَقْدٍ وَلَا نِكَاحٍ، فَهِيَ الَّتِي تَسْفَحُ مَاءَهَا.
وَقَالَ الزَّجَّاجُ: (مُحْصِنِينَ) أَيْ عَاقِدِينَ التَّزَوُّجَ.

نام کتاب : الفتاوى الكبرى نویسنده : ابن تيمية    جلد : 3  صفحه : 185
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست