responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الفتاوى الكبرى نویسنده : ابن تيمية    جلد : 3  صفحه : 182
عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ بَلْ وَغَيْرَ الْمُسْلِمِينَ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَغَيْرِهِمْ، كُلُّهُمْ يَذُمُّ مَنْ تَكُونُ امْرَأَتُهُ بَغِيًّا، وَيُشْتَمُ بِذَلِكَ، وَيُعَيَّرُ بِهِ فَكَيْفَ يُنْسَبُ إلَى شَرْعِ الْإِسْلَامِ إبَاحَةُ ذَلِكَ،؟ وَهَذَا لَا يَجُوزُ أَنْ يَأْتِيَ بِهِ نَبِيٌّ مِنْ الْأَنْبِيَاءِ، فَضْلًا عَنْ أَفْضَلِ الشَّرَائِعِ؛ بَلْ يَجِبُ أَنْ تُنَزَّهَ الشَّرِيعَةُ عَنْ مِثْلِ هَذَا الْقَوْلِ الَّذِي إذَا تَصَوَّرَهُ الْمُؤْمِنُ وَلَوَازِمَهُ اسْتَعْظَمَ أَنْ يُضَافَ مِثْلُ هَذَا إلَى الشَّرِيعَةِ، وَرَأَى أَنَّ تَنْزِيهَهَا عَنْهُ أَعْظَمُ مِنْ تَنْزِيهِ عَائِشَةَ عَمَّا قَالَهُ أَهْلُ الْإِفْكِ.
وَقَدْ أَمَرَ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ أَنْ يَقُولُوا: {سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ} [النور: 16] وَالنَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إنَّمَا لَمْ يُفَارِقْ عَائِشَةَ لِأَنَّهُ لَمْ يُصَدِّقْ مَا قِيلَ أَوَّلًا، وَلَمَّا حَصَلَ لَهُ الشَّكُّ اسْتَشَارَ عَلِيًّا، وَزَيْدَ بْنَ حَارِثَةَ، وَسَأَلَ الْجَارِيَةَ؛ لِيَنْظُرَ إنْ كَانَ حَقًّا فَارَقَهَا، حَتَّى أَنْزَلَ اللَّهُ بَرَاءَتَهَا مِنْ السَّمَاءِ، فَذَلِكَ الَّذِي ثَبَتَ نِكَاحُهَا. وَلَمْ يَقُلْ مُسْلِمٌ: إنَّهُ يَجُوزُ إمْسَاكُ بَغِيٍّ.
وَكَانَ الْمُنَافِقُونَ يَقْصِدُونَ بِالْكَلَامِ فِيهَا الطَّعْنَ فِي الرَّسُولِ، وَلَوْ جَازَ التَّزَوُّجُ بِبَغِيٍّ لَقَالَ: هَذَا لَا حَرَجَ عَلَيَّ فِيهِ، كَمَا كَانَ النِّسَاءُ أَحْيَانًا يُؤْذِينَهُ حَتَّى يَهْجُرَهُنَّ، فَلَيْسَ ذُنُوبُ الْمَرْأَةِ طَعْنًا؛ بِخِلَافِ بِغَائِهَا فَإِنَّهُ طَعَنَ فِيهِ عِنْدَ النَّاسِ قَاطِبَةً، لَيْسَ أَحَدٌ يَدْفَعُ الذَّمَّ عَمَّنْ تَزَوَّجَ بِمَنْ يَعْلَمُ أَنَّهَا بَغِيَّةٌ مُقِيمَةٌ عَلَى الْبِغَاءِ، وَلِهَذَا تَوَسَّلَ الْمُنَافِقُونَ إلَى الطَّعْنِ حَتَّى أَنْزَلَ اللَّهُ بَرَاءَتَهَا مِنْ السَّمَاءِ، وَقَدْ كَانَ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ لَمَّا قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَنْ يَعْذُرُنِي مِنْ رَجُلٍ بَلَغَنِي أَذَاهُ فِي أَهْلِي؟ ، وَاَللَّهِ مَا عَلِمْت عَلَى أَهْلِي إلَّا خَيْرًا، وَلَقَدْ ذَكَرُوا رَجُلًا مَا عَلِمْت عَلَيْهِ إلَّا خَيْرًا فَقَامَ: سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ - الَّذِي اهْتَزَّ لِمَوْتِهِ عَرْشُ الرَّحْمَنِ - فَقَالَ: أَنَّا أَعْذُرُك مِنْهُ: إنْ كَانَ مِنْ إخْوَانِنَا مِنْ الْأَوْسِ ضَرَبْت عُنُقَهُ، وَإِنْ كَانَ مِنْ إخْوَانِنَا الْخَزْرَجِ أَمَرْتنَا فَفَعَلْنَا فِيهِ أَمْرَك، فَأَخَذَتْ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ غَيْرَةٌ - قَالَتْ عَائِشَةُ: وَكَانَ قَبْلَ ذَلِكَ امْرَأً صَالِحًا؛ وَلَكِنْ أَخَذَتْهُ حَمِيَّةٌ؛ لِأَنَّ ابْنَ أُبَيٍّ كَانَ كَبِيرَ قَوْمِهِ - فَقَالَ كَذَبْت لَعَمْرُ اللَّهِ لَا تَقْتُلْهُ، وَلَا تَقْدِرْ عَلَى قَتْلِهِ. فَقَامَ أُسَيْدَ بْنُ حُضَيْرٍ: فَقَالَ: كَذَبْت، لَعَمْرُ اللَّهِ لَأَقْتُلَنَّهُ؛ فَإِنَّك مُنَافِقٌ تُجَادِلُ عَنْ الْمُنَافِقِينَ. وَثَارَ الْحَيَّانِ حَتَّى نَزَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. فَجَعَلَ يُسَكِّنُهُمْ» . فَلَوْلَا أَنَّ مَا قِيلَ فِي عَائِشَةَ طَعَنَ فِي النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَطْلُبْ الْمُؤْمِنُونَ قَتْلَ مَنْ تَكَلَّمَ بِذَلِكَ مِنْ الْأَوْسِ وَالْخَزْرَجِ لِقَذْفِهِ لِامْرَأَتِهِ

نام کتاب : الفتاوى الكبرى نویسنده : ابن تيمية    جلد : 3  صفحه : 182
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست