responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الفتاوى الكبرى نویسنده : ابن تيمية    جلد : 3  صفحه : 13
وَفِي الصَّحِيحِ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «أَنَّ الشَّيْطَانَ يَجْرِي مِنْ ابْنِ آدَمَ مَجْرَى الدَّمِ» . وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْإِمَامِ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ قُلْت لِأَبِي: إنَّ أَقْوَامًا يَقُولُونَ: إنَّ الْجِنِّيَّ لَا يَدْخُلُ فِي بَدَنِ الْمَصْرُوعِ، فَقَالَ: يَا بُنَيَّ يَكْذِبُونَ، هَذَا يَتَكَلَّمُ عَلَى لِسَانِهِ.
وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ أَمْرٌ مَشْهُورٌ، فَإِنَّهُ يُصْرَعُ الرَّجُلُ فَيَتَكَلَّمُ بِلِسَانٍ لَا يُعْرَفُ مَعْنَاهُ، وَيُضْرَبُ عَلَى بَدَنِهِ ضَرْبًا عَظِيمًا لَوْ ضُرِبَ بِهِ جَمَلٌ لَأَثَّرَ بِهِ أَثَرًا عَظِيمًا. وَالْمَصْرُوعُ مَعَ هَذَا لَا يُحِسُّ بِالضَّرْبِ، وَلَا بِالْكَلَامِ الَّذِي يَقُولُهُ. وَقَدْ يُجَرُّ الْمَصْرُوعُ، وَغَيْرُ الْمَصْرُوعِ، وَيُجَرُّ الْبِسَاطُ الَّذِي يَجْلِسُ عَلَيْهِ. وَيُحَوِّلُ آلَاتٍ، وَيُنْقَلُ مِنْ مَكَان إلَى مَكَان، وَيَجْرِي غَيْرُ ذَلِكَ مِنْ الْأُمُورِ مَنْ شَاهَدَهَا. أَفَادَتْهُ عِلْمًا ضَرُورِيًّا، بِأَنَّ النَّاطِقَ عَلَى لِسَانِ الْإِنْسِيِّ. وَالْمُحَرِّكَ لِهَذِهِ الْأَجْسَامِ جِنْسٌ آخَرُ غَيْرُ الْإِنْسَانِ.
وَلَيْسَ فِي أَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ مَنْ يُنْكِرُ دُخُولَ الْجِنِّيِّ فِي بَدَنِ الْمَصْرُوعِ وَغَيْرِهِ، وَمَنْ أَنْكَرَ ذَلِكَ وَادَّعَى أَنَّ الشَّرْعَ يُكَذِّبُ ذَلِكَ، فَقَدْ كَذَبَ عَلَى الشَّرْعِ، وَلَيْسَ فِي الْأَدِلَّةِ الشَّرْعِيَّةِ مَا يَنْفِي ذَلِكَ.
وَأَمَّا مُعَالَجَةُ الْمَصْرُوعِ بِالرُّقَى، وَالتَّعَوُّذَاتِ. فَهَذَا عَلَى وَجْهَيْنِ: فَإِنْ كَانَتْ الرُّقَى وَالتَّعَاوِيذُ مِمَّا يُعْرَفُ مَعْنَاهَا، وَمِمَّا يَجُوزُ فِي دِينِ الْإِسْلَامِ أَنْ يَتَكَلَّمَ بِهَا الرَّجُلُ، دَاعِيًا لِلَّهِ، ذَاكِرًا لَهُ، وَمُخَاطِبًا لِخَلْقِهِ، وَنَحْوُ ذَلِكَ، فَإِنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يُرْقَى بِهَا الْمَصْرُوعُ، وَيُعَوَّذَ، فَإِنَّهُ قَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «أَنَّهُ أَذِنَ فِي الرُّقَى، مَا لَمْ تَكُنْ شِرْكًا» . وَقَالَ: «مَنْ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ أَنْ يَنْفَعَ أَخَاهُ فَلْيَفْعَلْ» وَإِنْ كَانَ فِي ذَلِكَ كَلِمَاتٌ مُحَرَّمَةٌ مِثْلُ أَنْ يَكُونَ فِيهَا شِرْكٌ، أَوْ كَانَتْ مَجْهُولَةَ الْمَعْنَى يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ فِيهَا كُفْرٌ، فَلَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يَرْقِيَ بِهَا وَلَا يَعْزِمَ، وَلَا يَقْسِمَ، وَإِنْ

نام کتاب : الفتاوى الكبرى نویسنده : ابن تيمية    جلد : 3  صفحه : 13
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست