responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الفتاوى الكبرى نویسنده : ابن تيمية    جلد : 3  صفحه : 117
الْمُشْرِكِينَ، بِدَلِيلِ قَوْلِهِ: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئِينَ وَالنَّصَارَى وَالْمَجُوسَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا} [الحج: 17] .
فَإِنْ قِيلَ: فَقَدْ وَصَفَهُمْ بِالشِّرْكِ بِقَوْلِهِ: {اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلا لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا لا إِلَهَ إِلا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ} [التوبة: 31] .
قِيلَ: أَهْلُ الْكِتَابِ لَيْسَ فِي أَصْلِ دِينِهِمْ شِرْكٌ، فَإِنَّ اللَّهَ إنَّمَا بَعَثَ الرُّسُلَ بِالتَّوْحِيدِ، فَكُلُّ مَنْ آمَنَ بِالرُّسُلِ، وَالْكُتُبِ، لَمْ يَكُنْ فِي أَصْلِ دِينِهِمْ شِرْكٌ، وَلَكِنَّ النَّصَارَى ابْتَدَعُوا الشِّرْكَ، كَمَا قَالَ: {سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ} [يونس: 18] بِحَيْثُ وَصَفَهُمْ بِأَنَّهُمْ أَشْرَكُوا، فَلِأَجْلِ مَا ابْتَدَعُوهُ مِنْ الشِّرْكِ الَّذِي لَمْ يَأْمُرْ اللَّهُ بِهِ وَجَبَ تَمَيُّزُهُمْ عَنْ الْمُشْرِكِينَ؛ لِأَنَّ أَصْلَ دِينِهِمْ اتِّبَاعُ الْكُتُبِ الْمُنَزَّلَةِ الَّتِي جَاءَتْ بِالتَّوْحِيدِ لَا بِالشِّرْكِ.
فَإِذَا قِيلَ: أَهْلُ الْكِتَابِ لَمْ يَكُونُوا مِنْ هَذِهِ الْجِهَةِ مُشْرِكِينَ، فَإِنَّ الْكِتَابَ الَّذِي أُضِيفُوا إلَيْهِ شِرْكٌ فِيهِ، كَمَا إذَا قِيلَ: الْمُسْلِمُونَ وَأُمَّةُ مُحَمَّدٍ لَمْ يَكُنْ فِيهِمْ مِنْ هَذِهِ الْجِهَةِ، لَا اتِّحَادٌ، وَلَا رَفْضٌ، وَلَا تَكْذِيبٌ بِالْقَدَرِ، وَلَا غَيْرُ ذَلِكَ مِنْ الْبِدَعِ، وَإِنْ كَانَ بَعْضُ الدَّاخِلِينَ فِي الْأُمَّةِ قَدْ ابْتَدَعَ هَذِهِ الْبِدَعَ، لَكِنَّ أُمَّةَ مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَا تَجْتَمِعُ عَلَى ضَلَالَةٍ، فَلَا يَزَالُ فِيهَا مَنْ هُوَ مُتَّبِعٌ لِشَرِيعَةِ التَّوْحِيدِ، بِخِلَافِ أَهْلِ الْكِتَابِ، وَلَمْ يُخْبِرْ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أَنَّهُمْ مُشْرِكُونَ بِالِاسْمِ، بَلْ قَالَ {عَمَّا يُشْرِكُونَ} [الأعراف: 190] بِالْفِعْلِ، وَآيَةُ الْبَقَرَةِ قَالَ فِيهَا الْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ بِالِاسْمِ، وَالِاسْمُ أَوْكَدُ مِنْ الْفِعْلِ.
الْوَجْهُ الثَّانِي: أَنْ يُقَالَ: إنْ شَمِلَهُمْ لَفْظُ الْمُشْرِكِينَ فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ، كَمَا وَصَفَهُمْ بِالشِّرْكِ فَهَذَا مُتَوَجِّهٌ بِأَنْ يُفَرَّقَ بَيْنَ دَلَالَةِ اللَّفْظِ مُفْرَدًا، وَمَقْرُونًا، فَإِذَا أُفْرِدُوا دَخَلَ فِيهِمْ أَهْلُ الْكِتَابِ، وَإِذَا قَرَنُوا أَهْلَ الْكِتَابِ لَمْ يَدْخُلُوا فِيهِمْ، كَمَا قِيلَ، مِثْلُ هَذَا فِي اسْمِ الْفَقِيرِ وَالْمِسْكِينِ وَنَحْوِ ذَلِكَ، فَعَلَى هَذَا يُقَالُ: آيَةُ الْبَقَرَةِ عَامَّةٌ، وَتِلْكَ خَاصَّةٌ، وَالْخَاصُّ يُقَدَّمُ عَلَى الْعَامِّ.

نام کتاب : الفتاوى الكبرى نویسنده : ابن تيمية    جلد : 3  صفحه : 117
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست