responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الفتاوى الكبرى نویسنده : ابن تيمية    جلد : 3  صفحه : 114
قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: أَجْمَعَ كُلُّ مَنْ يُحْفَظُ عَنْهُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ الْمَرْأَةَ إذَا وَقَعَتْ فِي مِلْكٍ، وَلَهَا زَوْجٌ مُقِيمٌ بِدَارِ الْحَرْبِ، أَنَّ نِكَاحَ زَوْجِهَا قَدْ انْفَسَخَ، وَحَلَّ لِمَالِكِهَا وَطْؤُهَا بَعْدَ الِاسْتِبْرَاءِ، وَأَمَّا إذَا سُبِيَتْ مَعَ زَوْجِهَا فَفِيهِ نِزَاعٌ بَيْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ عَامَّةَ السَّبْيِ الَّذِي كَانَ يَسْبِيهِ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ فِي الْحَرْبِ.
وَقَدْ قَاتَلَ أَهْلَ الْكِتَابِ، فَإِنَّهُ خَرَجَ لِقِتَالِ النَّصَارَى عَامَ تَبُوكَ، وَلَمْ يَجْرِ بَيْنَهُمْ قِتَالٌ، وَقَدْ بَعَثَ إلَيْهِمْ السَّرِيَّةَ الَّتِي أَمَّرَ عَلَيْهَا زَيْدًا ثُمَّ جَعْفَرًا، ثُمَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ رَوَاحَةَ، وَمَعَ هَذَا فَكَانَ فِي النَّصَارَى الْعَرَبُ وَالرُّومُ.
وَكَذَلِكَ قَاتَلَ الْيَهُودَ بِخَيْبَرَ، وَالنَّضِيرِ، وَقَيْنُقَاعَ، وَكَانَ فِي يَهُودِ الْعَرَبِ وَبَنِي إسْرَائِيلَ، وَكَذَلِكَ يَهُودُ الْيَمَنِ كَانَ فِيهِمْ الْعَرَبُ وَبَنُو إسْرَائِيلَ.
وَأَيْضًا فَسَبَبُ الِاسْتِرْقَاقِ هُوَ الْكُفْرُ بِشَرْطِ الْحَرْبِ، فَالْحُرُّ الْمُسْلِمُ لَا يُسْتَرَقُّ بِحَالٍ، وَالْمُعَاهَدُ لَا يُسْتَرَقُّ، وَالْكُفْرُ مَعَ الْمُحَارَبَةِ مَوْجُودٌ فِي كُلِّ كَافِرٍ، فَجَازَ اسْتِرْقَاقُهُ، كَمَا يَجُوزُ قِتَالُهُ، فَكُلُّ مَا أَبَاحَ قَتْلَ الْمُقَاتِلَةِ أَبَاحَ سَبْيَ الذُّرِّيَّةِ، وَهَذَا حُكْمٌ عَامٌّ فِي الْعَرَبِ وَالْعَجَمِ، وَهَذَا مَا ذَهَبَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ فِي الْجَدِيدِ مِنْ قَوْلَيْهِ، وَأَحْمَدُ، وَأَمَّا أَبُو حَنِيفَةَ فَلَا يَجُوزُ اسْتِرْقَاقُ الْعَرَبِ، كَمَا لَا يَجُوزُ ضَرْبُ الْجِزْيَةِ عَلَيْهِمْ؛ لِأَنَّ الْعَرَبَ اخْتَصُّوا بِشَرَفِ النَّسَبِ، لِكَوْنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْهُمْ، وَاخْتَصَّ كُفَّارُهُمْ بِفَرْطِ عَدَاوَتِهِ، فَصَارَ ذَلِكَ مَانِعًا مِنْ قَبُولِ الْجِزْيَةِ.
كَمَا أَنَّ الْمُرْتَدَّ لَا تُؤْخَذُ مِنْهُ الْجِزْيَةُ لِلتَّغْلِيظِ، وَلِمَا حَصَلَ لَهُ مِنْ الشَّرَفِ بِالْإِسْلَامِ السَّابِقِ، وَاحْتَجَّ بِمَا رُوِيَ عَنْ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ: لَيْسَ عَلَى عَرَبِيٍّ مِلْكٌ، وَاَلَّذِينَ نَازَعُوهُ لَهُمْ قَوْلَانِ فِي جَوَازِ اسْتِرْقَاقِ مَنْ لَا تُقْبَلُ مِنْهُ الْجِزْيَةُ، هُمَا رِوَايَتَانِ عَنْ أَحْمَدَ: إحْدَاهُمَا: أَنَّ الِاسْتِرْقَاقَ كَأَخْذِ الْجِزْيَةِ، فَمَنْ لَمْ يُؤْخَذْ مِنْهُ الْجِزْيَةُ لَا يُسْتَرَقُّ، وَهَذَا مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ وَغَيْرُهُ، وَهُوَ اخْتِيَارُ الْخِرَقِيِّ، وَالْقَاضِي، وَغَيْرِهِمَا مِنْ أَصْحَابِ أَحْمَدَ، وَهُوَ قَوْلُ الْإِصْطَخْرِيِّ مِنْ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ، وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ تُقْبَلُ الْجِزْيَةُ مِنْ كَافِرٍ إلَّا مِنْ مُشْرِكِي الْعَرَبِ، وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَحْمَدَ، فَعَلَى هَذَا لَا يَجُوزُ اسْتِرْقَاقُ مُشْرِكِي الْعَرَبِ لِكَوْنِ الْجِزْيَةِ لَا تُؤْخَذُ مِنْهُمْ، وَيَجُوزُ اسْتِرْقَاقُ مُشْرِكِي الْعَجَمِ، وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ، بِنَاءً عَلَى قَوْلِهِ: إنَّ الْعَرَبَ لَا يُسْتَرَقُّونَ.

نام کتاب : الفتاوى الكبرى نویسنده : ابن تيمية    جلد : 3  صفحه : 114
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست