responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الفتاوى الكبرى نویسنده : ابن تيمية    جلد : 3  صفحه : 107
يُوَضِّحُ ذَلِكَ أَنَّ الْمَانِعَ إمَّا الْكُفْرُ وَإِمَّا الرِّقُّ، وَهَذَا الْكُفْرُ لَيْسَ بِمَانِعٍ، وَالرِّقُّ لَيْسَ مَانِعًا مِنْ الْوَطْءِ بِالْمِلْكِ، وَإِنَّمَا يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ مَانِعًا مِنْ التَّزَوُّجِ، فَإِذَا كَانَ الْمُقْتَضِي لِلْوَطْءِ قَائِمًا، وَالْمَانِعُ مُنْتَفِيًا جَازَ الْوَطْءُ، فَهَذَا الْوَجْهُ مُشْتَمِلٌ عَلَى قِيَاسِ التَّمْثِيلِ، وَعَلَى قِيَاسِ الْأَوْلَى، وَيُخْرَجُ مِنْهُ وَجْهٌ رَابِعٌ يَجْعَلُ قِيَاسَ التَّعْلِيلِ، فَيُقَالُ: الرِّقُّ مُقْتَضًى لِجَوَازِ وَطْءِ الْمَمْلُوكَةِ، كَمَا نَبَّهَ النَّصُّ عَلَى هَذِهِ الْعِلَّةِ كَقَوْلِهِ: {أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} [النساء: 3] وَإِنَّمَا يَمْتَنِعُ الْوَطْءُ بِسَبَبٍ يُوجِبُ التَّحْرِيمَ، بِأَنْ تَكُونَ مُحَرَّمَةً بِالرَّضَاعِ أَوْ بِالطُّهْرِ أَوْ بِالشِّرْكِ وَنَحْوِ ذَلِكَ، وَهَذَا لَيْسَ فِيهَا مَا يَصْلُحُ لِلْمَنْعِ إلَّا كَوْنُهَا كِتَابِيَّةً، وَهَذَا لَيْسَ بِمَانِعٍ، فَإِذَا كَانَ الْمُقْتَضِي لِلْحِلِّ قَائِمًا، وَالْمَانِعُ الْمَذْكُورُ لَا يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ مُعَارِضًا، وَجَبَ الْعَمَلُ بِالْمُقْتَضِي السَّالِمِ عَنْ الْمُعَارِضِ الْمُقَاوِمِ، وَهَذِهِ الْوُجُوهُ بَعْدَ تَمَامِ تَصَوُّرِهَا تُوجِبُ الْقَطْعَ بِالْحِلِّ.
الْوَجْهُ الْخَامِسُ: أَنَّ مَنْ تَدَبَّرَ سِيَرَ الصَّحَابَةِ، وَالسَّلَفِ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالصَّحَابَةِ، وَجَدَ آثَارًا كَثِيرَةً تُبَيِّنُ أَنَّهُمْ لَمْ يَكُونُوا يَجْعَلُونَ ذَلِكَ مَانِعًا، بَلْ هَذِهِ كَانَتْ سُنَّةَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَسُنَّةَ خُلَفَائِهِ، مِثْلُ الَّذِي كَانَتْ لَهُ أُمُّ وَلَدٍ، وَكَانَتْ تَسُبُّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَامَ يَقْتُلُهَا، وَقَدْ رَوَى حَدِيثَهَا أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ، وَهَذِهِ لَمْ تَكُنْ مُسْلِمَةً، لَكِنَّ هَذِهِ الْقِصَّةَ قَدْ يُقَالُ: إنَّهُ لَا حُجَّةَ فِيهَا؛ لِأَنَّهَا كَانَتْ فِي أَوَائِلِ مَقْدِمِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْمَدِينَةَ، وَلَمْ يَكُنْ حِينَئِذٍ يَحْرُمُ نِكَاحُ الْمُشْرِكَاتِ، وَإِنَّمَا ثَبَتَ التَّحْرِيمُ بَعْدَ الْحُدَيْبِيَةِ، لَمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَلا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ} [الممتحنة: 10] ، وَطَلَّقَ عُمَرُ امْرَأَتَهُ كَانَتْ بِمَكَّةَ.
وَأَمَّا الْآيَةُ الَّتِي فِي الْبَقَرَةِ فَلَا يُعْلَمُ تَارِيخُ نُزُولِهَا، وَفِي الْبَقَرَةِ مَا نَزَلَ مُتَأَخِّرًا كَآيَاتِ الزِّنَا، وَفِيهَا مَا نَزَلَ مُتَقَدِّمًا كَآيَاتِ الصِّيَامِ، وَمِثْلُ مَا رُوِيَ أَنَّ «النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِمَا أَرَادَ غَزْوَةَ تَبُوكَ، قَالَ لِلْحُرِّ بْنِ قَيْسٍ: هَلْ لَك فِي نِسَاءِ بَنِي الْأَصْفَرِ فَقَالَ: ائْذَنْ لِي وَلَا تَفْتِنِّي، وَمِثْلُ فَتْحِهِ لِخَيْبَرِ، وَقَسْمِهِ لِلرَّقِيقِ، وَلَمْ يَنْهَ الْمُسْلِمِينَ عَنْ وَطْئِهِنَّ حَتَّى يُسْلِمْنَ» ، كَمَا أَمَرَهُمْ بِالِاسْتِبْرَاءِ.
بَلْ مَنْ يُبِيحُ وَطْءَ الْوَثَنِيَّاتِ بِمِلْكِ الْيَمِينِ قَدْ يُسْتَدَلُّ بِمَا جَرَى يَوْمَ أَوْطَاسٍ مِنْ قَوْلِهِ: «لَا تُوطَأُ حَامِلٌ حَتَّى تَضَعَ، وَلَا غَيْرُ ذَاتِ حَمْلٍ حَتَّى تُسْتَبْرَأَ بِحَيْضَةٍ» عَلَى

نام کتاب : الفتاوى الكبرى نویسنده : ابن تيمية    جلد : 3  صفحه : 107
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست