responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الفتاوى الكبرى نویسنده : ابن تيمية    جلد : 2  صفحه : 93
الْمُسْلِمِينَ، كَمَا لَوْ صَلَّى عَقِيبَ السَّعْيِ رَكْعَتَيْنِ قِيَاسًا عَلَى رَكْعَتَيْ الطَّوَافِ، وَقَدْ اسْتَحَبَّ ذَلِكَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ مِنْ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ. وَاسْتَحَبَّ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ مِنْ أَصْحَابِ أَحْمَدَ فِي الْحَاجِّ إذَا دَخَلَ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ أَنْ يَسْتَفْتِحَ بِتَحِيَّةِ الْمَسْجِدِ، فَخَالَفُوا الْأَئِمَّةَ وَالسُّنَّةَ، وَإِنَّمَا السُّنَّةُ أَنْ يَسْتَفْتِحَ الْمُحْرِمُ بِالطَّوَافِ كَمَا فَعَلَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمَّا دَخَلَ الْمَسْجِدَ؛ بِخِلَافِ الْمُقِيمِ الَّذِي يُرِيدُ الصَّلَاةَ فِيهِ دُونَ الطَّوَافِ، فَهَذَا إذَا صَلَّى تَحِيَّةَ الْمَسْجِدِ فَحَسَنٌ.
وَفِي الْجُمْلَةِ: فَإِنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَدْ أَكْمَلَ اللَّهُ لَهُ وَلِأُمَّتِهِ الدِّينَ، وَأَتَمَّ بِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَيْهِمْ النِّعْمَةَ، فَمَنْ جَعَلَ عَمَلًا وَاجِبًا مَا لَمْ يُوجِبْهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ، أَوْ لَمْ يَكْرَهْهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ، فَهُوَ غَالِطٌ.
فَجِمَاعُ أَئِمَّةِ الدَّيْنِ أَنَّهُ لَا حَرَامَ إلَّا مَا حَرَّمَهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ، وَلَا دِينَ إلَّا مَا شَرَعَهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ، وَمَنْ خَرَجَ عَنْ هَذَا وَهَذَا فَقَدْ دَخَلَ فِي حَرْبٍ مِنْ اللَّهِ، فَمَنْ شَرَعَ مِنْ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ، وَحَرَّمَ مَا لَمْ يُحَرِّمْ اللَّهُ وَرَسُولُهُ، فَهُوَ مِنْ دِينِ أَهْلِ الْجَاهِلِيَّةِ، الْمُخَالِفِينَ لِرَسُولِهِ، الَّذِينَ ذَمَّهُمْ اللَّهُ فِي سُورَةِ الْأَنْعَامِ، وَالْأَعْرَافِ وَغَيْرِهِمَا مِنْ السُّوَرِ، حَيْثُ شَرَعُوا مِنْ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ. فَحَرَّمُوا مَا لَمْ يُحَرِّمْهُ اللَّهُ، وَأَحَلُّوا مَا حَرَّمَهُ اللَّهُ، فَذَمَّهُمْ اللَّهُ وَعَابَهُمْ عَلَى ذَلِكَ.
فَلِهَذَا كَانَ دِينُ الْمُؤْمِنِينَ بِاَللَّهِ وَرَسُولِهِ، أَنَّ الْأَحْكَامَ الْخَمْسَةَ: الْإِيجَابُ وَالِاسْتِحْبَابُ، وَالتَّحْلِيلُ، وَالْكَرَاهِيَةُ، وَالتَّحْرِيمُ، لَا يُؤْخَذُ إلَّا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَلَا وَاجِبَ إلَّا مَا أَوْجَبَهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ، وَلَا حَلَالَ إلَّا مَا أَحَلَّهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ.
فَمِنْ ذَلِكَ مَا اتَّفَقَ عَلَيْهِ أَئِمَّةُ الدِّينِ، وَمِنْهُ مَا تَنَازَعُوا فِيهِ، فَرَدُّوهُ إلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلا} [النساء: 59] .
فَمَنْ تَكَلَّمَ بِجَهْلٍ، وَبِمَا يُخَالِفُ الْأَئِمَّةَ، فَإِنَّهُ يُنْهَى عَنْ ذَلِكَ، وَيُؤَدَّبُ عَلَى الْإِصْرَارِ، كَمَا يُفْعَلُ بِأَمْثَالِهِ مِنْ الْجُهَّالِ، وَلَا يُقْتَدَى فِي خِلَافِ الشَّرِيعَةِ بِأَحَدٍ مِنْ أَئِمَّةِ

نام کتاب : الفتاوى الكبرى نویسنده : ابن تيمية    جلد : 2  صفحه : 93
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست