responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الفتاوى الكبرى نویسنده : ابن تيمية    جلد : 2  صفحه : 82
الْمَسْجِدِ، وَأَنْ لَا يَخْرُجَ مِنْهُ إلَّا لِحَاجَةٍ، وَالْأَئِمَّةُ كَرِهُوا اتِّخَاذَ الْمَقَاصِيرِ فِي الْمَسْجِدِ، لَمَّا أَحْدَثَهَا بَعْضُ الْمُلُوكِ؛ لِأَجْلِ الصَّلَاةِ خَاصَّةً، وَأُولَئِكَ إنَّمَا كَانُوا يُصَلُّونَ فِيهَا خَاصَّةً.
فَأَمَّا اتِّخَاذُهَا لِلسُّكْنَى وَالْمَبِيتِ وَحِفْظِ الْقُمَاشِ وَالْمَتَاعِ فِيهَا فَمَا عَلِمْتُ مُسْلِمًا تَرَخَّصَ فِي ذَلِكَ، فَإِنَّ هَذَا يَجْعَلُ الْمَسْجِدَ بِمَنْزِلَةِ الْفَنَادِقِ الَّتِي فِيهَا مَسَاكِنُ مُتَحَجِّرَةٌ، وَالْمَسْجِدُ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ مُشْتَرَكًا بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ، لَا يَخْتَصُّ أَحَدٌ بِشَيْءٍ مِنْهُ، إلَّا بِمِقْدَارِ لُبْثِهِ لِلْعَمَلِ الْمَشْرُوعِ فِيهِ، فَمَنْ سَبَقَ إلَى بُقْعَةٍ مِنْ الْمَسْجِدِ لِصَلَاةٍ أَوْ قِرَاءَةٍ أَوْ ذِكْرٍ أَوْ تَعَلُّمِ عِلْمٍ أَوْ اعْتِكَافٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ حَتَّى يَقْضِيَ ذَلِكَ الْعَمَلَ، لَيْسَ لِأَحَدٍ إقَامَتُهُ مِنْهُ؛ فَإِنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَهَى أَنْ يُقَامَ الرَّجُلُ مِنْ مَجْلِسِهِ، وَلَكِنْ يُوَسِّعُ وَيُفْسِحُ. وَإِذَا انْتَقَضَ وُضُوءُهُ ثُمَّ عَادَ فَهُوَ أَحَقُّ بِمَكَانِهِ، فَإِنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَنَّ ذَلِكَ. قَالَ: «إذَا قَامَ الرَّجُلُ عَنْ مَجْلِسِهِ ثُمَّ عَادَ إلَيْهِ فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ» .
وَأَمَّا أَنْ يَخْتَصَّ بِالْمُقَامِ وَالسُّكْنَى فِيهِ، كَمَا يَخْتَصُّ النَّاسُ بِمَسَاكِنِهِمْ، فَهَذَا مِنْ أَعْظَمِ الْمُنْكَرَاتِ بِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ. وَأَبْلَغُ مَا يَكُونُ مِنْ الْمُقَامِ فِي الْمَسْجِدِ مُقَامُ الْمُعْتَكِفِ، كَمَا كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَعْتَكِفُ فِي الْمَسْجِدِ، وَكَانَ يَحْتَجِرُ لَهُ حَصِيرًا فَيَعْتَكِفُ فِيهِ، وَكَانَ يَعْتَكِفُ فِي قُبَّةٍ وَكَذَلِكَ كَانَ النَّاسُ يَعْتَكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ، وَيَضْرِبُونَ لَهُمْ فِيهِ الْقِبَابَ فَهَذَا مُدَّةُ الِاعْتِكَافِ خَاصَّةً، وَالِاعْتِكَافُ عِبَادَةٌ شَرْعِيَّةٌ، وَلَيْسَ لِلْمُعْتَكِفِ أَنْ يَخْرُجَ مِنْ الْمَسْجِدِ إلَّا لِمَا لَا بُدَّ مِنْهُ، وَالْمَشْرُوعُ لَهُ أَنْ لَا يَشْتَغِلَ إلَّا بِقُرْبَةٍ إلَى اللَّهِ، وَاَلَّذِي يَتَّخِذُهُ سَكَنًا لَيْسَ مُعْتَكِفًا بَلْ يَشْتَمِلُ عَلَى فِعْلِ الْمَحْظُورِ، وَعَلَى الْمَنْعِ مِنْ الْمَشْرُوعِ، فَإِنَّ مَنْ كَانَ بِهَذِهِ الْحَالِ مَنَعَ النَّاسَ مِنْ أَنْ يَفْعَلُوا فِي تِلْكَ الْبُقْعَةِ مَا بُنِيَ لَهُ الْمَسْجِدُ مِنْ صَلَاةٍ وَقِرَاءَةٍ وَذِكْرٍ، كَمَا فِي الِاسْتِفْتَاءِ أَنَّ بَعْضَهُمْ يَمْنَعُ مَنْ يَقْرَأُ الْقُرْآنَ فِي تِلْكَ الْبُقْعَةِ، كَغَيْرِهِ مِنْ الْقُرَّاءِ، وَاَلَّذِي فَعَلَهُ هَذَا الظَّالِمُ مُنْكَرٌ مِنْ وُجُوهٍ: أَحَدُهَا: اتِّخَاذُ الْمَسْجِدِ مَبِيتًا وَمَقِيلًا، وَسَكَنًا كَبُيُوتِ الْخَانَاتِ، وَالْفَنَادِقِ.
وَالثَّانِي: مَنْعُهُ مَنْ يَقْرَأُ الْقُرْآنَ حَيْثُ يُشْرَعُ.

نام کتاب : الفتاوى الكبرى نویسنده : ابن تيمية    جلد : 2  صفحه : 82
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست