responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الفتاوى الكبرى نویسنده : ابن تيمية    جلد : 2  صفحه : 479
وَدَخَلَ أَبُو بَكْرٍ فَرَأَى أَهْلَهُ قَدْ اشْتَرَوْا كِيزَانًا لِلْمَاءِ، وَاسْتَعَدُّوا لِلصَّوْمِ، فَقَالَ: " مَا هَذَا؟ ، فَقَالُوا: رَجَبٌ، فَقَالَ: أَتُرِيدُونَ أَنْ تُشَبِّهُوهُ بِرَمَضَانَ؟ وَكَسَرَ تِلْكَ الْكِيزَانَ ". فَمَتَى أَفْطَرَ بَعْضًا لَمْ يُكْرَهْ صَوْمُ الْبَعْضِ.
وَفِي الْمُسْنَد وَغَيْرِهِ: حَدِيثٌ «عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ أَمَرَ بِصَوْمِ الْأَشْهُرِ الْحُرُمِ، وَهِيَ: رَجَبٌ، وَذُو الْقَعْدَةِ، وَذُو الْحِجَّةِ، وَالْمُحَرَّمُ» . فَهَذَا فِي صَوْمِ الْأَرْبَعَةِ جَمِيعًا، لَا مَنْ يُخَصِّصُ رَجَبًا.
وَأَمَّا تَخْصِيصُهَا بِالِاعْتِكَافِ فَلَا أَعْلَمُ فِيهِ أَمْرًا، بَلْ كُلُّ مَنْ صَامَ صَوْمًا مَشْرُوعًا، وَأَرَادَ أَنْ يَعْتَكِفَ مِنْ صِيَامِهِ كَانَ ذَلِكَ جَائِزًا بِلَا رَيْبٍ، وَإِنْ اعْتَكَفَ بِدُونِ الصِّيَامِ، فَفِيهِ قَوْلَانِ مَشْهُورَانِ، وَهُمَا رِوَايَتَانِ عَنْ أَحْمَدَ: أَحَدُهُمَا:
أَنَّهُ لَا اعْتِكَافَ إلَّا بِصَوْمٍ، كَمَذْهَبِ أَبِي حَنِيفَةَ، وَمَالِكٍ.
وَالثَّانِي: يَصِحُّ الِاعْتِكَافُ، بِدُونِ الصَّوْمِ. كَمَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ.
وَأَمَّا الصَّمْتُ عَنْ الْكَلَامِ مُطْلَقًا فِي الصَّوْمِ، أَوْ الِاعْتِكَافِ، أَوْ غَيْرِهِمَا، فَبِدْعَةٌ مَكْرُوهَةٌ، بِاتِّفَاقِ أَهْلِ الْعِلْمِ. لَكِنْ هَلْ ذَلِكَ مُحَرَّمٌ أَوْ مَكْرُوهٌ؟ فِيهِ قَوْلَانِ فِي مَذْهَبِهِ، وَغَيْرِهِ.
وَفِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ دَخَلَ عَلَى امْرَأَةٍ مِنْ أَحْمَسَ فَوَجَدَهَا مُصْمِتَةً لَا تَتَكَلَّمُ، فَقَالَ لَهَا أَبُو بَكْرٍ: إنَّ هَذَا لَا يَحِلُّ إنَّ هَذَا مِنْ عَمَلِ الْجَاهِلِيَّةِ، وَفِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ: «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَأَى رَجُلًا قَائِمًا فِي الشَّمْسِ، فَقَالَ: مَنْ هَذَا؟ فَقَالُوا: هَذَا أَبُو إسْرَائِيلَ، نَذَرَ أَنْ يَقُومَ فِي الشَّمْسِ، وَلَا يَسْتَظِلَّ، وَلَا يَتَكَلَّمَ وَيَصُومَ. فَقَالَ: مُرُوهُ فَلْيَجْلِسْ وَلْيَسْتَظِلَّ وَلْيَتَكَلَّمْ، وَلْيُتِمَّ صَوْمَهُ» .
فَأَمَرَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَعَ نَذْرِهِ لِلصَّمْتِ، أَنْ يَتَكَلَّمَ، كَمَا أَمَرَهُ مَعَ نَذْرِهِ لِلْقِيَامِ أَنْ يَجْلِسَ، وَمَعَ نَذْرِهِ أَنْ لَا يَسْتَظِلَّ، أَنْ يَسْتَظِلَّ. وَإِنَّمَا أَمَرَهُ بِأَنْ يُوَفِّيَ بِالصَّوْمِ فَقَطْ. وَهَذَا صَرِيحٌ فِي أَنَّ هَذِهِ الْأَعْمَالَ لَيْسَتْ مِنْ الْقُرَبِ الَّتِي يُؤْمَرُ بِهَا النَّاذِرُ.

نام کتاب : الفتاوى الكبرى نویسنده : ابن تيمية    جلد : 2  صفحه : 479
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست