responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الفتاوى الكبرى نویسنده : ابن تيمية    جلد : 2  صفحه : 432
تُنْصَرُونَ وَتُرْزَقُونَ إلَّا بِضُعَفَائِكُمْ بِدُعَائِهِمْ وَصَلَاتِهِمْ وَاسْتِغْفَارِهِمْ» .
وَمِنْ الْمَعْلُومِ بِالِاضْطِرَارِ أَنَّ الدُّعَاءَ عِنْدَ الْقُبُورِ لَوْ كَانَ أَفْضَلَ مِنْ الدُّعَاءِ عِنْدَ غَيْرِهَا وَهُوَ أَحَبُّ إلَى اللَّهِ وَأَجْوَبُ لَكَانَ السَّلَفُ أَعْلَمَ بِذَلِكَ مِنْ الْخَلْقِ وَكَانُوا أَسْرَعَ إلَيْهِ فَإِنَّهُمْ كَانُوا أَعْلَمَ بِمَا يُحِبُّهُ اللَّهُ وَيَرْضَاهُ وَأَسْبَقَ إلَى طَاعَتِهِ وَرِضَاهُ وَكَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُبَيِّنُ ذَلِكَ وَيُرَغِّبُ فِيهِ فَإِنَّهُ أَمَرَ بِكُلِّ مَعْرُوفٍ، وَنَهَى عَنْ كُلِّ مُنْكَرٍ وَمَا تَرَكَ شَيْئًا يُقَرِّبُ إلَى الْجَنَّةِ إلَّا وَقَدْ حَدَّثَ أُمَّتَهُ بِهِ، وَلَا شَيْئًا يُبْعِدُ عَنْ النَّارِ إلَّا وَقَدْ حَذَّرَ أُمَّتَهُ مِنْهُ، وَقَدْ تَرَكَ أُمَّتَهُ عَلَى الْمَحَجَّةِ الْبَيْضَاءِ، لَيْلُهَا كَنَهَارِهَا، لَا يَنْزَوِي عَنْهَا بَعْدَهُ إلَّا هَالِكٌ، فَكَيْفَ وَقَدْ نَهَى عَنْ هَذَا الْجِنْسِ، وَحَسَمَ مَادَّتَهُ بِنَهْيِهِ وَنَهْيِهِ عَنْ اتِّخَاذِ الْقُبُورِ مَسَاجِدَ، فَنَهَى عَنْ الصَّلَاةِ لِلَّهِ مُسْتَقْبِلًا لَهَا.
وَإِنْ كَانَ الْمُصَلِّي لَا يَعْبُدُ الْمَوْتَى وَلَا يَدْعُوهُمْ كَمَا نَهَى عَنْ الصَّلَاةِ وَقْتَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَوَقْتَ الْغُرُوبِ لِأَنَّهَا وَقْتَ سُجُودِ الْمُشْرِكِينَ لِلشَّمْسِ، وَإِنْ كَانَ الْمُصَلِّي لَا يَسْجُدُ إلَّا لِلَّهِ سَدًّا لِلذَّرِيعَةِ، فَكَيْفَ إذَا تَحَقَّقَتْ الْمَفْسَدَةُ بِأَنْ صَارَ الْعَبْدُ يَدْعُو الْمَيِّتَ، وَيَدْعُو بِهِ كَمَا إذَا تَحَقَّقَتْ الْمَفْسَدَةُ بِالسُّجُودِ لِلشَّمْسِ وَقْتَ الطُّلُوعِ وَوَقْتَ الْغُرُوبِ؟ وَقَدْ كَانَ أَصْلُ عِبَادَةِ الْأَوْثَانِ مِنْ تَعْظِيمِ الْقُبُورِ كَمَا قَالَ تَعَالَى: {وَقَالُوا لا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلا سُوَاعًا وَلا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا} [نوح: 23] . قَالَ السَّلَفُ كَابْنِ عَبَّاسٍ وَغَيْرِهِ: كَانَ هَؤُلَاءِ قَوْمًا صَالِحِينَ فِي قَوْمِ نُوحٍ فَلَمَّا مَاتُوا عَكَفُوا عَلَى قُبُورِهِمْ، ثُمَّ صَوَّرُوا تَمَاثِيلَهُمْ، ثُمَّ عَبَدُوهُمْ، ثُمَّ مِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ بِمَقَابِرِ بَابِ الصَّغِيرِ مِنْ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَتَابِعِيهِمْ مَنْ هُوَ أَفْضَلُ مِنْ هَؤُلَاءِ الْمَشَايِخِ الْأَرْبَعَةِ، فَكَيْفَ يُعَيَّنُ هَؤُلَاءِ لِلدُّعَاءِ عِنْدَ قُبُورِهِمْ دُونَ مَنْ هُوَ أَفْضَلُ مِنْهُمْ، ثُمَّ إنَّ لِكُلِّ شَيْخٍ مِنْ هَؤُلَاءِ وَنَحْوِهِمْ مَنْ يُحِبُّهُ وَيُعَظِّمُهُ بِالدُّعَاءِ دُونَ الشَّيْخِ الْآخَرِ، فَهَلْ أَمَرَ اللَّهُ بِالدُّعَاءِ عِنْدَ وَاحِدٍ دُونَ غَيْرِهِ كَمَا يَفْعَلُ الْمُشْرِكُونَ بِهِمْ الَّذِينَ ضَاهَوْا الَّذِينَ اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ، وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ، وَمَا أُمِرُوا إلَّا لِيَعْبُدُوا إلَهًا وَاحِدًا لَا إلَهَ إلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ.

نام کتاب : الفتاوى الكبرى نویسنده : ابن تيمية    جلد : 2  صفحه : 432
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست