responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الفتاوى الكبرى نویسنده : ابن تيمية    جلد : 2  صفحه : 411
وَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «سَيَكُونُ بَعْدِي أُمَرَاءُ تَعْرِفُونَ وَتُنْكِرُونَ، فَمَنْ أَنْكَرَ فَقَدْ بَرِئَ، وَمَنْ كَرِهَ فَقَدْ سَلِمَ، وَلَكِنْ مَنْ رَضِيَ وَتَابَعَ هَلَكَ» . وَقَالَ تَعَالَى: {يَحْلِفُونَ لَكُمْ لِتَرْضَوْا عَنْهُمْ فَإِنْ تَرْضَوْا عَنْهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ لا يَرْضَى عَنِ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ} [التوبة: 96] . فَرِضَانَا عَنْ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ لَيْسَ مِمَّا يُحِبُّهُ اللَّهُ وَيَرْضَاهُ، وَهُوَ لَا يَرْضَى عَنْهُمْ، وَقَالَ تَعَالَى: {أَرَضِيتُمْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الآخِرَةِ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الآخِرَةِ إِلا قَلِيلٌ} [التوبة: 38] . فَهَذَا رِضًى قَدْ ذَمَّهُ اللَّهُ. وَقَالَ تَعَالَى: {إِنَّ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا وَرَضُوا بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاطْمَأَنُّوا بِهَا} [يونس: 7] فَهَذَا أَيْضًا رِضًا مَذْمُومٌ، وَسِوَى هَذَا وَهَذَا كَثِيرٌ.
فَمَنْ رَضِيَ بِكُفْرِهِ وَكُفْرِ غَيْرِهِ، وَفِسْقِهِ وَفِسْقِ غَيْرِهِ، وَمَعَاصِيهِ وَمَعَاصِي غَيْرِهِ، فَلَيْسَ هُوَ مُتَّبِعًا لِرِضَا اللَّهِ، وَلَا هُوَ مُؤْمِنٌ بِاَللَّهِ، بَلْ هُوَ مُسْخِطٌ لِرَبِّهِ، وَرَبُّهُ غَضْبَانٌ عَلَيْهِ لَاعِنٌ لَهُ، ذَامٌّ لَهُ مُتَوَعِّدٌ لَهُ بِالْعِقَابِ.
وَطَرِيقُ اللَّهِ الَّتِي يَأْمُرُ بِهَا الْمَشَايِخُ الْمُهْتَدُونَ، إنَّمَا هِيَ الْأَمْرُ بِطَاعَةِ اللَّهِ، وَالنَّهْيُ عَنْ مَعْصِيَتِهِ. فَمَنْ أَمَرَ، أَوْ اسْتَحَبَّ، أَوْ مَدَحَ الرِّضَا الَّذِي يَكْرَهُهُ اللَّهُ وَيَذُمُّهُ، وَيَنْهَى عَنْهُ، وَيُعَاقِبُ أَصْحَابَهُ، فَهُوَ عَدُوٌّ لِلَّهِ، لَا وَلِيٌّ لِلَّهِ، وَهُوَ يَصُدُّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ، وَطَرِيقُهُ لَيْسَ بِسَالِكٍ لِطَرِيقِهِ وَسَبِيلِهِ.

وَإِذَا كَانَ الرِّضَا الْمَوْجُودُ فِي بَنِي آدَمَ مِنْهُ مَا يُحِبُّهُ اللَّهُ، وَمِنْهُ مَا يَكْرَهُهُ وَيَسْخَطُهُ، وَمِنْهُ مَا هُوَ مُبَاحٌ لَا مِنْ هَذَا وَلَا مِنْ هَذَا، كَسَائِرِ أَعْمَالِ الْقُلُوبِ مِنْ الْحُبِّ وَالْبُغْضِ وَغَيْرِ ذَلِكَ كُلُّهَا تَنْقَسِمُ إلَى مَحْبُوبٍ لِلَّهِ، وَمَكْرُوهٍ لِلَّهِ، وَمُبَاحٍ، فَإِذَا كَانَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ، فَالرَّاضِي الَّذِي لَا يَسْأَلُ اللَّهَ الْجَنَّةَ، وَلَا يَسْتَعِيذُهُ مِنْ النَّارِ يُقَالُ لَهُ: سُؤَالُ اللَّهِ الْجَنَّةَ وَاسْتِعَاذَتُهُ مِنْ النَّارِ، إمَّا أَنْ تَكُونَ وَاجِبَةً، وَإِمَّا أَنْ تَكُونَ مُسْتَحَبَّةً، وَإِمَّا أَنْ تَكُونَ مُبَاحَةً، وَإِمَّا أَنْ تَكُونَ مَكْرُوهَةً، وَلَا يَقُولُ مُسْلِمٌ: إنَّهَا مُحَرَّمَةٌ وَلَا مَكْرُوهَةٌ، وَلَيْسَتْ

نام کتاب : الفتاوى الكبرى نویسنده : ابن تيمية    جلد : 2  صفحه : 411
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست