responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الفتاوى الكبرى نویسنده : ابن تيمية    جلد : 2  صفحه : 344
وَفَرَّقَ كَثِيرٌ مِنْ النَّاسِ بَيْنَ الْجَمْعِ وَالْقَصْرِ، وَظَنُّهُمْ أَنَّ هَذَا يُشْرَعُ سَنَةً ثَابِتَةً، وَالْجَمْعُ رُخْصَةٌ عَارِضَةٌ، وَذَلِكَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي جَمِيعِ أَسْفَارِهِ كَانَ يُصَلِّي الرُّبَاعِيَّةَ رَكْعَتَيْنِ، وَلَمْ يَنْقُلْ أَحَدٌ أَنَّهُ صَلَّى فِي سَفَرِهِ الرُّبَاعِيَّةَ أَرْبَعًا؛ بَلْ وَكَذَلِكَ أَصْحَابُهُ مَعَهُ.
وَالْحَدِيثُ الَّذِي يُرْوَى عَنْ عَائِشَةَ: «أَنَّهَا أَتَمَّتْ مَعَهُ وَأَفْطَرَتْ» حَدِيثٌ ضَعِيفٌ.
بَلْ قَدْ ثَبَتَ عَنْهَا فِي الصَّحِيحِ: " أَنَّ الصَّلَاةَ أَوَّلُ مَا فُرِضَتْ كَانَتْ رَكْعَتَيْنِ، رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ زِيدَ فِي صَلَاةِ الْحَضَرِ، وَأُقِرَّتْ صَلَاةُ السَّفَرِ ".
وَثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَنَّهُ قَالَ: «صَلَاةُ السَّفَرِ رَكْعَتَانِ، وَصَلَاةُ الْجُمُعَةِ رَكْعَتَانِ، وَصَلَاةُ الْأَضْحَى رَكْعَتَانِ وَصَلَاةُ الْفِطْرِ رَكْعَتَانِ، تَمَامٌ غَيْرُ قَصْرٍ، عَلَى لِسَانِ نَبِيِّكُمْ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -» .
وَأَمَّا قَوْله تَعَالَى: {وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا} [النساء: 101] .
فَإِنَّ نَفْيَ الْجُنَاحِ لِبَيَانِ الْحُكْمِ وَإِزَالَةِ الشُّبْهَةِ، لَا يَمْنَعُ أَنْ يَكُونَ الْقَصْرُ هُوَ السُّنَّةُ.
كَمَا قَالَ: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا} [البقرة: 158] نَفْيُ الْجُنَاحِ لِأَجْلِ الشُّبْهَةِ الَّتِي عَرَضَتْ لَهُمْ مِنْ الطَّوَافِ بَيْنَهُمَا؛ لِأَجْلِ مَا كَانُوا عَلَيْهِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ مِنْ كَرَاهَةِ بَعْضِهِمْ لِلطَّوَافِ بَيْنَهُمَا، وَالطَّوَافُ بَيْنَهُمَا مَأْمُورٌ بِهِ بِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ، وَهُوَ إمَّا رُكْنٌ، وَإِمَّا وَاجِبٌ، وَإِمَّا سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ.
وَهُوَ سُبْحَانَهُ ذَكَرَ الْخَوْفَ وَالسَّفَرَ، لِأَنَّ الْقَصْرَ يَتَنَاوَلُ قَصْرَ الْعَدَدِ وَقَصْرَ الْأَرْكَانَ، فَالْخَوْفُ يُبِيحُ قَصْرَ الْأَرْكَانِ، وَالسَّفَرُ يُبِيحُ قَصْرَ الْعَدَدِ فَإِذَا اجْتَمَعَا أُبِيحَ الْقَصْرُ بِالْوَجْهَيْنِ، وَإِنْ انْفَرَدَ السَّفَرُ أُبِيحَ أَحَدُ نَوْعَيْ الْقَصْرِ، وَالْعُلَمَاءُ مُتَنَازِعُونَ فِي الْمُسَافِرِ: هَلْ فَرْضُهُ الرَّكْعَتَانِ؟ وَلَا يَحْتَاجُ قَصْرُهُ إلَى نِيَّةٍ؟ أَمْ لَا يَقْصُرُ إلَّا بِنِيَّةٍ؟ عَلَى قَوْلَيْنِ: وَالْأَوَّلُ: قَوْلُ أَكْثَرِهِمْ، كَأَبِي حَنِيفَةَ، وَمَالِكٍ، وَهُوَ أَحَدُ الْقَوْلَيْنِ فِي مَذْهَبِ أَحْمَدَ، اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ وَغَيْرُهُ.

نام کتاب : الفتاوى الكبرى نویسنده : ابن تيمية    جلد : 2  صفحه : 344
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست