responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الفتاوى الكبرى نویسنده : ابن تيمية    جلد : 2  صفحه : 230
وَمَعَ هَذَا فَلَمَّا كَانَ مَشْرُوعًا فِي الصَّلَاةِ لَمْ يَبْطُلْ، فَإِذَا كَانَ قَدْ قَصَدَ إفْهَامَ الْمُسْتَمِعِ وَمَعَ هَذَا لَمْ تَبْطُلْ، فَكَيْفَ بِمَا دَلَّ بِالطَّبْعِ، وَهُوَ لَمْ يَقْصِدْ بِهِ إفْهَامَ أَحَدٍ، وَلَكِنَّ الْمُسْتَمِعَ يَعْلَمُ مِنْهُ، كَمَا يَعْلَمُ ذَلِكَ مِنْ حَرَكَتِهِ، وَمِنْ سُكُوتِهِ، فَإِذَا رَآهُ يَرْتَعِشُ أَوْ يَضْطَرِبُ أَوْ يَدْمَعُ أَوْ يَبْتَسِمُ عَلِمَ، وَإِنَّمَا امْتَازَ هَذَا بِأَنَّهُ مِنْ نَوْعِ الصَّوْتِ، وَهَذَا لَوْ لَمْ يَرِدْ بِهِ سُنَّةٌ، فَكَيْفَ، وَفِي الْمُسْنَدِ، عَنْ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ فِي صَلَاةِ الْكُسُوفِ، فَجَعَلَ يَنْفُخُ، فَلَمَّا انْصَرَفَ قَالَ: إنَّ النَّارَ أُدْنِيَتْ مِنِّي حَتَّى نَفَخْت حَرَّهَا عَنْ وَجْهِي» . وَفِي الْمُسْنَدِ، وَسُنَنِ أَبِي دَاوُد عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي صَلَاةِ كُسُوفِ الشَّمْسِ نَفَخَ فِي آخِرِ سُجُودِهِ، فَقَالَ: أُفٍّ أُفٍّ أُفٍّ، رَبِّ، أَلَمْ تَعِدْنِي أَنْ لَا تُعَذِّبَهُمْ وَأَنَا فِيهِمْ» ؟ ، وَقَدْ أَجَابَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا عَنْ هَذَا بِأَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُ فَعَلَهُ قَبْلَ تَحْرِيمِ الْكَلَامِ، أَوْ فَعَلَهُ خَوْفًا مِنْ اللَّهِ، أَوْ مِنْ النَّارِ. قَالُوا: فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يُبْطِلُ عِنْدَنَا، نَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ. كَالتَّأَوُّهِ وَالْأَنِينِ عِنْدَهُ، وَالْجَوَابَانِ ضَعِيفَانِ: أَمَّا الْأَوَّلُ: فَإِنَّ صَلَاةَ الْكُسُوفِ كَانَتْ فِي آخِرِ حَيَاةِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَوْمَ مَاتَ ابْنُهُ إبْرَاهِيمُ، وَإِبْرَاهِيمُ كَانَ مِنْ مَارِيَةَ الْقِبْطِيَّةِ، وَمَارِيَةُ أَهْدَاهَا لَهُ الْمُقَوْقَسُ، بَعْدَ أَنْ أَرْسَلَ إلَيْهِ الْمُغِيرَةَ، وَذَلِكَ بَعْدَ صُلْحِ الْحُدَيْبِيَةِ فَإِنَّهُ بَعْدَ الْحُدَيْبِيَةِ أَرْسَلَ رُسُلَهُ إلَى الْمُلُوكِ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْكَلَامَ حُرِّمَ قَبْلَ هَذَا بِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ، لَا سِيَّمَا وَقَدْ أَنْكَرَ جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ عَلَى مَنْ زَعَمَ أَنَّ قِصَّةَ ذِي الْيَدَيْنِ كَانَتْ قَبْلَ تَحْرِيمِ الْكَلَامِ؛ لِأَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ شَهِدَهَا، فَكَيْفَ يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ بِمِثْلِ هَذَا فِي صَلَاةِ الْكُسُوفِ، بَلْ قَدْ قِيلَ: الشَّمْسُ كَسَفَتْ بَعْدَ حَجَّةِ الْوَدَاعِ، قَبْلَ مَوْتِهِ بِقَلِيلٍ.
وَأَمَّا كَوْنُهُ مِنْ الْخَشْيَةِ: فَفِيهِ أَنَّهُ نَفَخَ حَرَّهَا عَنْ وَجْهِهِ، وَهَذَا نَفْخٌ لِدَفْعِ مَا يُؤْذِي مِنْ خَارِجٍ، كَمَا يَنْفُخُ الْإِنْسَانُ فِي الْمِصْبَاحِ لِيُطْفِئَهُ، أَوْ يَنْفُخُ فِي التُّرَابِ. وَنَفْخُ الْخَشْيَةِ مِنْ نَوْعِ الْبُكَاءِ وَالْأَنِينِ، وَلَيْسَ هَذَا ذَاكَ.
وَأَمَّا السُّعَالُ وَالْعُطَاسُ وَالتَّثَاؤُبُ وَالْبُكَاءُ الَّذِي يُمْكِنُ دَفْعُهُ وَالتَّأَوُّهُ وَالْأَنِينُ، فَهَذِهِ الْأَشْيَاءُ هِيَ كَالنَّفْخِ. فَإِنَّهَا تَدُلُّ عَلَى الْمَعْنَى طَبْعًا، وَهِيَ أَوْلَى بِأَنْ لَا تُبْطِلَ؛ فَإِنَّ النَّفْخَ أَشْبَهُ بِالْكَلَامِ مِنْ هَذِهِ، إذْ النَّفْخُ يُشْبِهُ التَّأْفِيفَ كَمَا قَالَ:

نام کتاب : الفتاوى الكبرى نویسنده : ابن تيمية    جلد : 2  صفحه : 230
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست