responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الفتاوى الكبرى نویسنده : ابن تيمية    جلد : 2  صفحه : 207
وَأَمَّا الذِّكْرُ بَعْدَ الِانْصِرَافِ، فَكَمَا قَالَتْ عَائِشَةُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - هُوَ مِثْلُ مَسْحِ الْمِرْآةِ بَعْدَ صِقَالِهَا، فَإِنَّ الصَّلَاةَ نُورٌ، فَهِيَ تَصْقُلُ الْقَلْبَ كَمَا تُصْقَلُ الْمِرْآةُ، ثُمَّ الذِّكْرُ بَعْدَ ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ مَسْحِ الْمِرْآةِ، وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {فَإِذَا فَرَغْتَ فَانْصَبْ} [الشرح: 7] {وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ} [الشرح: 8] قِيلَ: إذَا فَرَغْت مِنْ أَشْغَالِ الدُّنْيَا فَانْصَبْ فِي الْعِبَادَةِ، وَإِلَى رَبِّك فَارْغَبْ. وَهَذَا أَشْهَرُ الْقَوْلَيْنِ. وَخَرَجَ شُرَيْحٌ الْقَاضِي عَلَى قَوْمٍ مِنْ الْحَاكَةِ يَوْمَ عِيدٍ وَهُمْ يَلْعَبُونَ فَقَالَ: مَا لَكُمْ تَلْعَبُونَ؟ قَالُوا: إنَّا تَفَرَّغْنَا. قَالَ: أَوَ بِهَذَا أَمْرُ الْفَارِغِ؟ وَتَلَا قَوْله تَعَالَى: {فَإِذَا فَرَغْتَ فَانْصَبْ} [الشرح: 7] {وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ} [الشرح: 8] .
وَيُنَاسِبُ هَذَا قَوْله تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ} [المزمل: 1] {قُمِ اللَّيْلَ إِلا قَلِيلا} [المزمل: 2] إلَى قَوْلِهِ: {إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئًا وَأَقْوَمُ قِيلا} [المزمل: 6] {إِنَّ لَكَ فِي النَّهَارِ سَبْحًا طَوِيلا} [المزمل: 7] أَيْ ذَهَابًا وَمَجِيئًا، وَبِاللَّيْلِ تَكُونُ فَارِغًا. وَنَاشِئَةُ اللَّيْلِ فِي أَصَحِّ الْقَوْلَيْنِ: إنَّمَا تَكُونُ بَعْدَ النَّوْمِ، يُقَالُ نَشَأَ إذَا قَامَ بَعْدَ النَّوْمِ؛ فَإِذَا قَامَ بَعْدَ النَّوْمِ كَانَتْ مُوَاطَأَةُ قَلْبِهِ لِلِسَانِهِ أَشَدَّ لِعَدَمِ مَا يَشْغَلُ الْقَلْبَ، وَزَوَالِ أَثَرِ حَرَكَةِ النَّهَارِ بِالنَّوْمِ، وَكَانَ قَوْلُهُ أَقَوْمُ.
وَقَدْ قِيلَ: إذَا فَرَغْت مِنْ الصَّلَاةِ فَانْصَبْ فِي الدُّعَاءِ {وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ} [الشرح: 8] . وَهَذَا الْقَوْلُ سَوَاءٌ كَانَ صَحِيحًا أَوْ لَمْ يَكُنْ. فَإِنَّهُ يَمْنَعُ الدُّعَاءَ فِي آخِرِ الصَّلَاةِ، لَا سِيَّمَا وَالنَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هُوَ الْمَأْمُورُ بِهَذَا، فَلَا بُدَّ أَنْ يَمْتَثِلَ مَا أَمَرَهُ اللَّهُ بِهِ.
وَدُعَاؤُهُ فِي الصَّلَاةِ الْمَنْقُولُ عَنْهُ فِي الصِّحَاحِ وَغَيْرِهَا إنَّمَا كَانَ قَبْلَ الْخُرُوجِ مِنْ الصَّلَاةِ، وَقَدْ قَالَ لِأَصْحَابِهِ فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ «إذَا تَشَهَّدَ أَحَدُكُمْ فَلْيَسْتَعِذْ بِاَللَّهِ مِنْ أَرْبَعٍ يَقُولُ: اللَّهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بِك مِنْ عَذَابِ جَهَنَّمَ، وَمِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ، وَمِنْ فِتْنَةِ الْمَحْيَا وَالْمَمَاتِ، وَمِنْ فِتْنَةِ الْمَسِيحِ الدَّجَّالِ» .
وَفِي حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ الصَّحِيحِ لَمَّا ذَكَرَ التَّشَهُّدَ قَالَ: «ثُمَّ لِيَتَخَيَّرْ مِنْ الدُّعَاءِ أَعْجَبَهُ إلَيْهِ» وَقَدْ رَوَتْ عَائِشَةُ وَغَيْرُهَا دُعَاءَهُ فِي صَلَاتِهِ بِاللَّيْلِ، وَأَنَّهُ كَانَ قَبْلَ الْخُرُوجِ مِنْ الصَّلَاةِ.

نام کتاب : الفتاوى الكبرى نویسنده : ابن تيمية    جلد : 2  صفحه : 207
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست