responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الفتاوى الكبرى نویسنده : ابن تيمية    جلد : 2  صفحه : 142
وَالْبِدَعُ نَوْعَانِ: نَوْعٌ فِي الْأَقْوَالِ وَالِاعْتِقَادَاتِ، وَنَوْعٌ فِي الْأَفْعَالِ وَالْعِبَادَاتِ.
وَهَذَا الثَّانِي يَتَضَمَّنُ الْأَوَّلَ، كَمَا أَنَّ الْأَوَّلَ يَدْعُو إلَى الثَّانِي.
فَالْمُنْتَسِبُونَ إلَى الْعِلْمِ وَالنَّظَرِ وَمَا يَتْبَعُ ذَلِكَ يُخَافُ عَلَيْهِمْ إذَا لَمْ يَعْتَصِمُوا بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ مِنْ الْقِسْمِ الْأَوَّلِ. وَالْمُنْتَسِبُونَ إلَى الْعِبَادَةِ وَالنَّظَرِ وَالْإِرَادَةِ وَمَا يَتْبَعُ ذَلِكَ يُخَافُ عَلَيْهِمْ إذَا لَمْ يَعْتَصِمُوا بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ مِنْ الْقِسْمِ الثَّانِي. وَقَدْ أَمَرَنَا اللَّهُ أَنْ نَقُولَ فِي كُلِّ صَلَاةٍ: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ} [الفاتحة: 6] {صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ} [الفاتحة: 7] آمِينَ. وَصَحَّ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: «الْيَهُودُ مَغْضُوبٌ عَلَيْهِمْ، وَالنَّصَارَى ضَالُّونَ» . قَالَ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ: كَانُوا يَقُولُونَ: مَنْ فَسَدَ مِنْ الْعُلَمَاءِ فَفِيهِ شَبَهٌ مِنْ الْيَهُودِ، وَمَنْ فَسَدَ مِنْ الْعُبَّادِ فَفِيهِ شَبَهٌ مِنْ النَّصَارَى، وَكَانَ السَّلَفُ يَقُولُونَ: احْذَرُوا فِتْنَةَ الْعَالِمِ الْفَاجِرِ، وَالْعَابِدِ الْجَاهِلِ؛ فَإِنَّ فِتْنَتَهُمَا فِتْنَةٌ لِكُلِّ مَفْتُونٍ، فَطَالِبُ الْعِلْمِ إنْ لَمْ يَقْتَرِنْ بِطَلَبِهِ فِعْلُ مَا يَجِبُ عَلَيْهِ، وَتَرْكُ مَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ مِنْ الِاعْتِصَامِ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، وَإِلَّا وَقَعَ فِي الضَّلَالِ.
وَأَهْلُ الْإِرَادَةِ إنْ لَمْ يَقْتَرِنْ بِإِرَادَتِهِمْ طَلَبُ الْعِلْمِ الْوَاجِبُ عَلَيْهِمْ الِاعْتِصَامُ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، وَإِلَّا وَقَعُوا فِي الضَّلَالِ وَالْبَغْيِ، وَلَوْ اعْتَصَمَ رَجُلٌ بِالْعِلْمِ الشَّرْعِيِّ مِنْ غَيْرِ عَمَلٍ بِالْوَاجِبِ، كَانَ غَاوِيًا، وَإِذَا اعْتَصَمَ بِالْعِبَادَةِ الشَّرْعِيَّةِ مِنْ غَيْرِ عِلْمٍ بِالْوَاجِبِ كَانَ ضَالًّا، وَالضَّلَالُ سِمَةُ النَّصَارَى، وَالْبَغْيُ سِمَةُ الْيَهُودِ، مَعَ أَنَّ كُلًّا مِنْ الْأُمَّتَيْنِ فِيهَا الضَّلَالُ وَالْبَغْيُ، وَلِهَذَا تَجِدُ مَنْ انْحَرَفَ عَنْ الشَّرِيعَةِ فِي الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ مِنْ أَهْلِ الْإِرَادَةِ وَالْعِبَادَةِ وَالسُّلُوكِ وَالطَّرِيقِ يَنْتَهُونَ إلَى الْفَنَاءِ الَّذِي لَا يُمَيِّزُونَ فِيهِ بَيْنَ الْمَأْمُورِ وَالْمَحْظُورِ، فَيَكُونُونَ فِيهِ مُتَّبِعِينَ أَهْوَاءَهُمْ.
وَإِنَّمَا الْفَنَاءُ الشَّرْعِيُّ أَنْ يَفْنَى بِعِبَادَةِ اللَّهِ عَنْ عِبَادَةِ مَا سِوَاهُ، وَبِطَاعَتِهِ عَنْ طَاعَةِ مَا سِوَاهُ وَبِالتَّوَكُّلِ عَلَيْهِ عَنْ التَّوَكُّلِ عَلَى مَا سِوَاهُ. وَبِسُؤَالِهِ عَنْ سُؤَالِ مَا سِوَاهُ، وَبِخَوْفِهِ عَنْ خَوْفِ مَا سِوَاهُ، وَهَذَا هُوَ إخْلَاصُ الدِّينِ لِلَّهِ وَعِبَادَتُهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَهُوَ دِينُ الْإِسْلَامِ الَّذِي أَرْسَلَ اللَّهُ بِهِ الرُّسُلَ، وَأَنْزَلَ بِهِ الْكُتُبَ.

نام کتاب : الفتاوى الكبرى نویسنده : ابن تيمية    جلد : 2  صفحه : 142
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست